التزمت الولاياتالمتحدةالأمريكية، السبت، مجددا بدعم الجزائر الباحثة عن تسريع مسار الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية على أهبة الجولة ال 13 من المفاوضات، بعدما ظلّت الخطة متعثرة منذ سنة 1987! في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، أفاد "نور الدين زايت" الأمين العام لوزارة التجارة أنّ الجانب الأمريكي وعد بتقديم الدعم والمساعدة خلال الدورة الرابعة للمباحثات الجزائريةالأمريكية حول الاتفاق الإطار حول التجارة والاستثمار المنعقدة في واشنطن. وتابع "زايت": "تلقت الجزائر أكثر من مائة سؤال من طرف الولاياتالمتحدة في إطار المفاوضات حول الاتفاق التجاري المرتبط بمسار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، والأجوبة على هذه الأسئلة استكملت". وأفيد أنّ الطرف الأمريكي تطرّق إلى الإجراء الذي اتخذته الجزائر والمتضمن منع استيراد الأدوية المصنوعة في البلد، معتبرا أنّ ذلك يمثل ""قيودا تتنافى مع مبدأ التبادل الحر"، لكن الوفد الجزائري شدّد على أنّ هذا الإجراء يرمي إلى حماية الصناعة الصيدلانية الناشئة والتي ما تزال عالقة.
"فيتو" الملكية الفكرية كشف "زايت" إنّ الوفد رفض ترتيب الجزائر في قائمة البلدان التي يجب مراقبتها في مجال الملكية الفكرية، وأكّد أنّ الترتيب الذي صنفت فيه الجزائر في تقرير حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، شكّل موضع احتجاج، حيث أوضح: "القوانين الجزائرية تتطابق مع المعايير الدولية". وتمّ التأكيد على أنّ الجزائر ظلت طرفا فعالا في مختلف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية، وهناك "جهود تبذل على المستوى المحلي من أجل مكافحة القرصنة والغش وحماية حقوق الملكية الفكرية على الأنترنيت". بالتزامن، اتفق الجانبان على مواصلة المباحثات بشأن فتح خط جوي يربط بين الجزائر ونيويورك.
رهانات وتساؤلات كانت الفترة الماضية محور حديث جزائري مكثّف حول حماية المستهلك وتحقيق رهان المطابقة مع المقاييس الدولية، وترسيم سلسلة نصوص تشمل تسقيف الحد الأقصى للبقايا الصناعية، ومراقبة المكونات المستعملة في الصناعة والتي من شانها تلويث المنتجات الغذائية، لمنح المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين قدرة تنافسية لمواجهة متطلبات ومتغيرات السوق الدولية. في المقابل، أشارت "غريتشن ستانتن" المستشارة الرئيسية بقسم الفلاحة في منظمة التجارة العالمية إلى وجود جانبين يجب إتمامهما في مسار المفاوضات مع الجزائر، هذه الأخيرة باتت ملزمة بمراجعة التنظيمات الوطنية للتجارة والأسئلة المطروحة في إطار الاتفاقيات الثنائية بين الجزائر والبلدان الأعضاء في المنظمة، كل واحدة على حدة. ما تقدّم، يدفع للتساؤل حول مؤدى مواظبة مسؤولين حكوميين على التأكيد منذ العام 2003، بأنّ الجزائر ستنضم في آجال قريبة إلى منظمة التجارة العالمية لإنهاء شدّ وجذب استمر منذ جوان 1987، وهي تصريحات ظلّ يلوكها "نور الدين بوكروح" ثمّ "الهاشمي جعبوب" قبل أن يأتي الدور على "مصطفى بن بادة"، بينما ارتضى "عمارة بن يونس" الانتصار للغة التحفّظ. وسبق للجزائر أن شاركت في ثمانية عشر جولة تفاوض منذ بدء مسعاها للانضمام، ردّت خلالها على 1500سؤال وطلب قدمتها الدول الأعضاء، وأنهت الجزائر مفاوضات ثنائية مع خمس دول أعضاء فقط وهي البرازيل والأوروغواي وكوبا وفنزويلا وسويسرا على أن تواصلها مع تسع دول أخرى هي كندا وماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية والإكوادور والنرويج واستراليا واليابان، علما أنّ الجزائر حدّدت في آخر جولة من المفاوضات مع المنظمة العالمية للتجارة، شروطا لدخول الممولين الأجانب 87 قطاعا فرعيا للخدمات، من بين 161 قطاعا فرعيا.
ضغوط القوى العظمى أوعز مسؤول أوروبي قبل فترة، أنّ القوى العظمى لن تسمح بانضمام الجزائر إلى الأخيرة، ما لم (يذعن) الطرف الجزائري إلى الضغوط التي يفرضها الأعضاء سيما المجموعة الأوروبية بشأن تحرير قطاع الخدمات وإقرار تسعيرة مغايرة للمواد الطاقوية، من خلال إيجاد حلول لعبور سائر المنتجات على الأسواق الأوروبية، وكذا مشكلة الازدواج الضريبي والوحدة السعرية الموظفة في تسويق المحروقات برفع سعر الغاز في الجزائر، وهو تصور شدّد عليه "بيتر مندلسون" المحافظ الأوروبي للتجارة، عندما أعلن أنّ ''الطريق لا يزال طويلا أمام الجزائر لبلوغ هذا الهدف''، وتلميحه القوي إلى أنّ انخراط الجزائر في منظمة التجارة قد يتأجل إلى ما بعد العام الحالي، إذا لم تجد الجزائر حلولا وناجعة وشافية لشركائها الجدد.
تضاد؟ أتت تلك التصريحات في سياق مضاد لجزم السلطات الجزائرية أنّ الانضمام في منعرجه الأخير وبات بين قوسين أو أدنى، بعدما هيأت مناخها التجاري عبر كثير من الإصلاحات المتعلقة بالمنظومة الجمركية والقانونية، من حيث إقدامها على إلغاء وتحديث وتعديل جوانب متعددة في منظومتها التسييرية على درب تكييفها مع مقومات الانخراط في منظمة التجارة العالمية.