أكّد المحافظ الأوروبي للتجارة السيد بيتر ماندلسون أنّ الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه للجزائر في مسار مفاوضاتها للإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، مشيرا إلى وجود عراقيل في مجالي الطاقة والخدمات حالت دون توقيع اتفاق ثنائي بين الجانبين داخل المنظمة، وأعلن من جهة أخرى عن إعادة النظر في اتفاق الشراكة بين الجانبين قبل سنة 2010· نشّط المحافظ الأوروبي للتجارة أمس، ندوة صحفية بإقامة الميثاق بالعاصمة تطرّق خلالها إلى موقف الاتحاد الأوروبي من سير مفاوضات انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية واستعرض أهمّ جوانب الخلاف والتلاقي في هذا المسار· وحسب المسؤول الأوروبي الذي كان مرفوقا بوزير التجارة السيد الهاشمي جعبوب، فإنّ الجزائر شرعت في خلق العوامل التي تسمح لها بالإنضمام إلى المنظمة "لكن عليها أن تقوم بذلك في أسرع وقت وبكل حزم لأن الجزائر تأخّرت كثيرا في هذا المسعى ومن غير المفيد أن يكون لها مواقف تعيق عملية الإنضمام" وجدّد التأكيد بأنّ الاتحاد الأوروبي يبقى إلى جانبها في مسعاها للإنضمام· لكن في ردّه على سؤال حول الأسباب التي جعلت الاتحاد الأوربي والجزائر لا يتوصّلان إلى اتفاق ثنائي داخل منظمة التجارة العالمية بما يمكّنها من قطع خطوة نحو استكمال المسار، أشار المحافظ العام الأوروبي إلى أنّ المنظمة العالمية تتشكّل من 150 عضوا وليس من الاتحاد الأوروبي وحده، واعترف من جهة أخرى بوجود بعض الخلافات في مجالي الخدمات والطاقة حيث يطالب الاتحاد الأوروبي بتحرير قطاع الخدمات في الجزائر لتهيئة المحيط لولوج الشركات الأجنبية هذا الميدان، واعتبر المحافظ أنّ تحرير هذا القطاع سيمكّن الجزائر من الاستفادة من التكنولوجيات الحديثة· أمّا بخصوص الطاقة، فذكر المسؤول الأوروبي مشكل ازدواجية تسعيرة الغاز كون الجزائر تعتمد على تسعيرة داخلية أي تلك الموجّهة للإستهلاك المحلي وأخرى للتصدير، ويطالب الاتحاد الأوروبي بتوحيدها في حين ترى الجزائر أنّ هذا الشرط يتنافى والسياسة الوطنية، وإن رفض المسؤول الأوروبي الخوض في تفاصيل هذا الخلاف فإنّه أكّد أنّ المفاوضات بخصوص هذا الملف "بلغت مرحلتها النهائية"· وكان وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل أكّد بخصوص هذا الإشكال أنّ هذا الملف غير قابل للنقاش كونه لا يمثّل عائقا أمام انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية وأنّ هناك العديد من الدول العضوة تعتمد ازدواجية التسعيرة·وأضاف السيد مندلسون أنّ الجزائر بلغت مرحلة متقدّمة في مفاوضات الانضمام "لكنّنا نأمل أن تواصل في هذا المسعى "دون تضييع للوقت وبحزم لأنّ الاقتصاد العالمي عرف تطوّرا كبيرا ويتعيّن على الجزائر تعزيز قدراتها الاقتصادية حتى تتمكّن من مسايرة هذا التطوّر"· واعتبر انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية "أمرا ضروريا" ولذلك "سنبقى دائما إلى جانبها لأنّها بحاجة إلى دعم قوي من طرفنا"، وأضاف "لا يجب أن تعتقدوا أنّ الاتحاد الأوروبي يعرقل انضمام الجزائر"·وأوضح أنّه ليس هناك عصا سحرية يتمّ من خلالها استكمال هذا المسار ولكن الجزائر مطالبة بالعمل أكثر وبتهيئة الظروف لإندماج اقتصادها في المنظومة الاقتصادية العالمية· وحول هذه الملاحظات وحقيقة الخلاف بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حول بعض المسائل، قال وزير التجارة السيد الهاشمي جعبوب أنّ الجزائر قرّرت مواصلة مسار الانضمام إلى المنظمة "بكلّ سيادة"، وأنّ الاتحاد الأوروبي يعدّ شريكا حيويا وعبّر عن أمله في توصّل الجانبين إلى التوقيع قريبا على اتفاق ثنائي "لجعل مسألة الانضمام حقيقة خلال سنة 2008 "، وتحدّث عن جولة أخرى ستعقد في جوان القادم وستسمح بتوضيح الرؤية أكثر حول تاريخ الإنضمام· ومن جهة أخرى، لاحظ السيد مندلسون أنّ الاقتصاد الجزائري استفاد كثيرا من برنامج دعم النمو الذي بادر به رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ودعا للمواصلة في هذا النهج لتحقيق التطوّر المنشود، وأوضح أنّ الجزائر تملك جميع الإمكانيات لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتحوز على عوامل تساعدها على تحقيق النموّ الحقيقي عبر تشجيع النمو خارج المحروقات بدعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة· وأوضح أنّ ما يعيق التطوّر الاقتصادي في الجزائر اليوم هو ضعف مشاركة الشركات الخاصة في خلق الثروة، كما يبقى ضعف القدرة الشرائية عاملا يجب تداركه على النحو الذي يشجّع الإنتاج والاستهلاك·وبالنسبة للمسؤول الأوروبي فإنّ الجزائر تملك جميع مقوّمات الإقلاع الاقتصادي، كما أن الثروة البترولية عامل بإمكانه أن يساهم في الخروج من الوضع الاقتصادي الحالي ومن معالجة مخلّفات الأزمة الأمنية التي عرفتها سنوات التسعينيات والتي عرقلت التطوّر الاقتصادي· إعادة النظر في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي قبل 2010وبخصوص اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي دخل حيّز التنفيذ شهر سبتمبر، 2005، قال السيد مندلسون أنه سيتمّ إعادة النظر في الاتفاق في شقّه التجاري قبل سنة 2010، كي "تستفيد منه أكثر الجزائر"، وأعرب عن أمله في أن تفتح هذه الخطوة المجال لبروز استثمارات أوروبية في السوق الجزائرية، غير أنّه ربط تحقيق ذلك بضرورة تهيئة الطرف الجزائري للمناخ المناسب الذي يسمح بإنشاء شركات خاصة· وعن واقع الاتفاق حاليا أشار إلى أنّه يشكّل أرضية صلبة لتطوير التعاون الاقتصادي لكنّه لا يسير على النّحو الذي كان ينتظره الطرفان، وعبّر عن رغبة الاتحاد الأوروربي في رؤية هذا الاتفاق يحقق جميع أهدافه· وحول التعاون الأورو متوسطي وصف السيد مندلسون الجزائر بأنه بلد محوري في هذا التعاون وتوقّع أن يتمّ في السنوات القادمة خلق فضاء للتبادل الحر بين دول حوض المتوسّط·