يتعرض عدد من العمال بالمؤسسات البترولية ولدى المقاولين وفي مختلف الوظائف بالجنوب الكبير، إلى حوادث عمل قد تكون مميتة أو تؤدي إلى إصاباتهم بعاهات مستديمة، أو أمراض مزمنة قد تكون السبب في فقدانهم القدرة على ممارسة أي نشاط آخر، وما يزيد الوضع تأزما سياسة الهروب إلى الأمام التي يتبعها أرباب العمل في تأمين العمال واللجوء إلى حيلة إبرام عقد عمل غير محدد المدة. شدد والي ورقلة مؤخرا على ضرورة تأمين العمال بمختلف القطاعات، فضلا عن ضبط المنظومة القانونية التي أقرت عقوبات صارمة قد تصل إلى الحبس والغرامة المالية في حال عدم التأمين. ويستغل العديد من المسؤولين بالمؤسسات البترولية الخاصة ومؤسسات الإنجاز بورشات البناء، الشباب البطال في الأعمال الشاقة دون توفير الحماية القانونية لهم وتأمينهم، فضلا عن التنصل من المسؤولية الملقاة على عاتقهم، إلا أن الحاجة الماسة للوظيفة والظروف الاجتماعية القاهرة التي يتخبطون فيها في ظل غلاء المعيشة ونقص فرص العمل، يجد هؤلاء أنفسهم مجبرون على القبول بكافة شروط رب العمل للظفر بالوظيفة حتى العمل بدون تأمين، وبأجر زهيد من أجل الحصول على لقمة العيش، والخوف من الوقوع في قبضة الجريمة والآفات الاجتماعية. أما العمال بالمؤسسات البترولية الخاصة فإنهم يتعرضون إلى أخطار حقيقية قد تصل إلى إصابتهم بحروق من مختلف الدرجات، جراء تعاملهم مع الآلة الخطيرة والحفارات البترولية، وما زاد الطين بلة انعدام مستشفى لمعالجة الحروق بولايات الجنوب عموما، الأمر الذي يدفع الكثير منهم للتنقل إلى مستشفى الدويرة بالجزائر العاصمة لتلقي العلاج، ما أثقل كاهل العمال الذين يتعرضون لمثل هذه الحوادث، في ظل تهرب المسؤولين من واجباتهم، كما أن التأمين لا يشفع للعمال أحيانا بدليل أن بعضهم هضمت حقوقهم بعد تعرضهم لحوادث في مقر عملهم، وكأن العامل أصبح آلة يتخلصون منها عند اهترائها. ويعاني العمال من تسريح البعض الآخر بطرق تعسفية لأسباب واهية ودون تقديم مبررات، كونهم يشتغلون بعقد غير محدد المدة، وهو ما جعلهم فريسة سهلة من طرف المسؤولين الذين يحكمون قبضتهم على الغلابة، الذين يجهلون القانون بالرغم من رفعهم شكاوى إلى مفتشية العمل، وهو ما شجع أرباب العمل على التهاون والإسراف في استغلال العمال. ويفضل بعض المقاولين بالولاية الاستعانة بالأفارقة الفارين من بلدانهم نتيجة الأوضاع المتدهورة، رغم ترحيل 2000 لاجئ لمدينة تعج بأعداد كبيرة ينتظرون فرصة عمل ويجهلون الأخطار التي قد يتعرضون لها، حيث تتوقف يوميا عشرات السيارات لنقلهم، بغرض العمل في أشغال شاقة، خفية عن المصالح الأمنية التي تحارب ظاهرة استغلال اللاجئين الأفارقة في مثل هذه الأعمال، خصوصا الأطفال والمراهقين الذين يتسابقون على العمل. ويصاب عدد من العمال في مختلف المصانع بأمراض مزمنة جراء تعرضهم لمواد كيميائية خطيرة كالزئبق والرصاص، وقد تم وضع 58 جدولا خاصا بالأمراض الناجمة عن هذه المواد، وهو ما أصبح يقتضي على أصحاب هذه المصانع التحرك لحماية هذه الفئة من الأخطار المهنية التي تتربص بهم.