أرباب العمل يغرون العمال برفع أجرهم مقابل عدم التصريح بهم وجّه المشاركون في الملتقى المنظم، أمس، بالمعهد العالي للتكوين بالسكك الحديدية بالحميز في العاصمة، حول الوقاية من الأمراض المهنية، أصابع الاتهام لكل من مفتشية العمل وأرباب العمل الذين لا يقومون، حسبهم، بدورهم في الوقاية من الأمراض المهنية وحوادث العمل. أكدت رئيسة مصلحة طب العمل لمؤسسة الصحة الجوارية بالرغاية في العاصمة، الدكتورة جودي خديجة، أن مفتشية العمل لا تقوم بزيارات فجائية للمؤسسات الخاصة العمومية التي لا تحترم التدابير الوقائية في الوسط المهني، لاسيما ملابس الوقاية للعمال، ولا تجهز المصانع بما يتماشى والأضرار الناجمة عما تنتجها، بحجة أنها مكلفة جدا. وفي نفس السياق، قالت طبيبة العمل بمصلحة الوقاية للضمان الاجتماعي بالرويبة، الدكتورة بلقاضي سليمة، إن أغلب المؤسسات سواء الخاصة أو العامة لا تصرح بالمواد المسببة للأمراض من جهة وأن العامل قد لا يصرح أيضا بإصابته بمرض قبل أن يزاول العمل في أي مؤسسة من جهة أخرى. من جهته، قال مدير الصحة الجوارية للرغاية، الدكتور عيادي عبد الرحمان، إن الشركات سواء العامة أو الخاصة تتهرب من إعطاء الأرقام الخاصة بحوادث العمل أو الأمراض المهنية وإن تم التصريح بها فهي غير صحيحة، وتأتي في مقدمة هذه الشركات، حسب محدثنا، المصانع والمقاولين، مشيرا إلى أن المسؤولية يتقاسمها كل من رب العمل والعمال الذين يتم إغراؤهم برفع أجرهم الشهري مقابل عدم التصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي. وحسب الأرقام التي كشفت عنها ممثلة عن وزارة الصحة، السيدة ماجي نصيرة، فإنه يسجل سنويا 45 ألف حادث سنويا، يتعلق بكسور وإصابات في الأرجل والأيدي و800 مرض مهني سنة 2012، يأتي في مقدمتها الصمم، الأمراض الجلدية والأمراض الصدرية والتنفسية وكل أنواع السرطانات، في حين سجل المكتب العالمي للعمل هذا العام 2.2 مليون حادث عمل وأمراضا مهنية، أي 5 آلاف حادث يوميا. في حين يبلغ عدد أطباء العمل 600 طبيب فقط على المستوى الوطني، وهو عدد يبقى غير كافٍ، حسب محدثنا، وفي الغالب يتم تعويض أطباء العمل في بعض المؤسسات الخاصة أو العمومية بأطباء عامين غير مكونين. من جهته، كشف رئيس مصلحة الجراحة بمستشفى الرويبة في العاصمة، البروفيسور زبوج فرحات، أن المصلحة تستقبل الكثير من الحالات لعمال غير مؤمنين اجتماعيا، ومنهم من يتوفون، متأسفا لغياب أرباب العمل عن الملتقى. وروى لنا البروفيسور استقبال المصلحة لبنّاء رفقة رب عمله، بعد أن تعرض لحادث عمل، وعندما أخذ البروفيسور في كتابة وصفة الدواء طلب منه الضحية أن يكتب الوصفة باسم شقيقه، لأنه غير مصرح به لدى المقاول الذي يعمل عنده. والغريب في الأمر، يقول محدثنا، عندما استفسر من المقاول عن عنوان مقر العمل، رفض ليفرّ من المستشفى تاركا الضحية يتألم ولم يكلف نفسه حتى شراء الدواء له. مفتشية العمل تتهرب وقد اقتربت “الخبر” من مفتشين للعمل قصد الحصول على أرقام تتعلق بعدد العمال غير المصرح بهم وعدد المخالفات المسجلة، إلا أنهما رفضا الإدلاء بأي تصريح، بحجة أنهما لا يملكان تصريحا من وزارة العمل.