أعادت تسريبات "أوراق بنما" التي كشفت تورط 140 شخصية عربية وعالمية في قضايا فساد تتعلق بعمليات تهريب أموال إلى ملاذات ضريبية آمنة، مسلسل الخوف لدى مسؤولين جزائريين بشأن ورود أسمائهم في قائمة الفضيحة، بعد تضمنها اسم وزير الصناعة والمناجم الحالي عبد السلام بوشوارب، سنوات بعد البرقيات والوثائق السرية التي نشرت في 2010 من طرف جوليان أوسانج مؤسس موقع "ويكيليكس" وظهرت فيها أسماء مسؤولين جزائريين. وتضمنت البرقيات والوثائق السرية التي سربها موقع "ويكيليكس" الذي يملكه الصحفي والناشط والمبرمج الأسترالي جوليان أوسانج، الذي يحتمي إلى اليوم بسفارة الإكوادور في لندن من المتابعات والمضايقات قضائية في بريطانيا تحت غطاء ملاحقات ذات صلة بتصرفات أخلاقية، حوالي ألف وثيقة مسربة من السفارة الأمريكية في الجزائر إضافة إلى وثائق أخرى صادرة عن سفارات الولاياتالمتحدةالأمريكية في الدول المجاورة للجزائر رصدت الوضع الداخلي للجزائر وكذا بعض سياسات الجزائر الخارجية. ووردت في برقيات "ويكيليكس" الخاصة بالجزائر، نقاشات أجرتها السفارة الأمريكية في وقت السفير روبرت فورد، مع مسؤولين حكوميين سابقين ورؤساء أحزاب وصحفيين قدموا صورا متنوعة عن النظام، كشفت معظمها عن مستويات فساد مختلفة، تورط فيها العديد من المسؤولين الكبار في الدولة ووزراء ورؤساء أحزاب وشخصيات نافذة ولم تخل تصريحات المصادر الجزائرية التي اعتمدها "ويكيليكس" في برقياته من الحديث عن مستوى الفساد وحتى ذكر بعض الأسماء. واستندت البرقيات إلى تصريحات رؤساء أحزاب على غرار رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، ورئيس حركة الإصلاح الوطني، وقتها، عبد الله جاب الله، أو رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور وغيرهم ممن عرضوا الوضع السياسي والأمني في الجزائر لمحاوريهم في السفارة الأمريكية، فيما حجبت البرقيات العديد من الأسماء التي شكلت مصادر للمعلومات التي جمعتها السفارة. وكان كل من زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، وممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة والمنظمات الدولية سفيرها بسويسرا، إدريس الجزائري، وزعيم حركة الإصلاح سابقا، عبد الله جاب الله، أبرز الأسماء التي ترددت في موقع جوليان أسانج. ونسب موقع "ويكيليكس" لممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة، إدريس الجزائري، قوله إنه على استعداد تام لخدمة الكيان الصهيوني بكل "غبطة وسرور"، وذلك في تصريح بلجنة نزع السلاح وحظر انتشار الأسلحة النووية، أكد من خلاله مساعدة إسرائيل في مساعيها الرامية إلى منع إيران من الحصول على التكنولوجيا النووية. أما سعيد سعدي، حسب الموقع دائما، فقد دعا الأخير الحكومة الأمريكية إلى التدخل لحماية "الديمقراطية" في الجزائر، كما شبه السلطة بجماعة تكريت، في إشارة منه إلى نظام الرئيس الشهيد صدام حسين، في حين تطرق جاب الله إلى تفشي ظاهرة الحراڤة وتوسعها لفئات اجتماعية من غير فئة الشباب. وكان رد الحكومة وقتها، بانتقادات وجهها الوزير الأول، أحمد أويحيى، للشخصيات السياسية التي وردت أسماؤها في المراسلات الدبلوماسية الأمريكية، واعتبر ما نسب إليها عملا غير مسؤول ولا يشرف أصحابه، متهما الشخصيات التي وردت أسماؤها بالتورط في تسويد صورة بلادها أمام دبلوماسيي دولة أجنبية، معلقا بقوله "ويكيليكس عالم كبير يتجاوزني، ولكن لا يحرج بلادي". ورغم أن برقيات موقع "ويكيليكس" لم تتضمن أدلة مادية ملموسة عن تورط بعض المسؤولين الجزائريين في قضايا فساد أو تهريب أموال مما جعل السلطة لا تعيرها اهتماما ولا تتكبد عناء الرد عليها، إلا أن المنشورات المسربة ضمن فضيحة "أوراق بنما" وورود اسم وزير الصناعة الحالي، عبد السلام بوشوارب في قائمة المتهمين إضافة إلى فريد بجاوي المقرب من وزير الطاقة السابق شكيب خليل، والمدير الأسبق لديوان الرئيس المدير العام لسوناطراك، رضا هامش، إضافة إلى عمر هبور شريك فريد بجاوي في ملكية شركة "مينلك" التي استقبلت 30 مليون أورو في أحد حساباتها في لبنان، جعلت وزارة الصناعة ترد سريعا ببيان كذبت فيه الوقائع الواردة في الوثائق لتبرئة الوزير بوشوارب، فيما يحبس باقي المسؤولين أنفاسهم خشية أن ترد أسماءهم في الوثائق التي سيتم الكشف عنها مستقبلا.