يسلّم اليوم رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، رئاسة الجمهورية، عريضة مطالب وقعها ما يزيد عن 284 ممثل عن المسلحين التائبين من مختلف الجماعات المسلحة، يرفعون فيها عددا من المشاكل الاجتماعية للتكفل بها وتسويتها، وذلك مباشرة عقب اللقاء الذي جمع رئيس اللجنة بممثلين عن هؤلاء التائبين صباح الخميس الماضي بمقر اللجنة. * قسنطيني إلتقى ممثلي التائبين وأكد ل"الشروق" تسليم الملف للرئاسة اليوم قال المحامي قسنطيني في تصريح خاص ل"الشروق اليومي"، أمس، أنه سيقوم بتحويل العريضة مباشرة لرئاسة الجمهورية لتسوية المشاكل التي طرحها هؤلاء ووصفها ب"المعقولة والشرعية والمؤسسة قانونا"، وشدد على أن نجاح مسعى المصالحة الوطنية مرهون "بتسوية أوضاع الفئة المتضررة من التائبين الذين أبدوا حسن نية والتزموا بالتوبة"، مضيفا أنه على السلطات دعم التائبين المتضررين بإدماجهم اجتماعيا ومهنيا "وسنسعى إلى ذلك وهو ما تشتغل عليه اللجنة"، وكشف قسنطيني، ل"الشروق اليومي" أنه سيقوم "مباشرة بتحويل العريضة إلى رئاسة الجمهورية" لتحقيق مصالحة شاملة وحقيقية دون إقصاء أي طرف. وكان وفد يضم ممثلين عن مستفيدين من قوانين الرحمة، الوئام المدني، العفو الشامل، ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ينشطون تحت لواء "الجيا"، "الجماعة السلفية للدعوة القتال"، والجيش الإسلامي للإنقاذ (الآئياس) المحل، قد التقوا الأستاذ قسنطيني، أول أمس الخميس، في لقاء موسع، يعد الأول من نوعه، بعد أن سلموه في وقت سابق رسالة يطرحون فيها مطالبهم التي شددوا على أنها اجتماعية بحتة. ومن المطالب التي تضمنتها العريضة التي تسلم اليوم لرئاسة الجمهورية وتحصلت "الشروق" على نسخة منها، "إعادة إسكان المتضررين منهم خاصة الذين تم نزع ممتلكاتهم منهم ويواجهون اليوم التشرد"، وأشاروا إلى "حرمانهم من السكنات الاجتماعية والمساعدات بحجة أنهم نزلوا من الجبل ولا حق لهم في ذلك"، وكذا "إدماجهم مهنيا أو توظيفهم على اعتبار أن العديد منهم أرباب عائلات ويواجهون البطالة والعوز، مما اضطرهم إلى التسول لتلبية أدنى الاحتياجات"، كما طرحوا "العراقيل" التي يواجهونها في استخراج جواز السفر والتنقل لعدم إسقاط بيانات البحث عنهم، "ولايزال العديد منهم مدرجا ضمن الإرهابيين المبحوث عنهم من طرف أجهزة الأمن"، كما طالبوا "بالتكفل بالمرضى والمعطوبين منهم الذين يعانون الإقصاء والتهميش". وطرح الموقعون على العريضة أيضا، مشاكل عائلات الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم ولم يستفيدوا من تسوية وضعياتهم لعدم حصولهم على محضر إثبات، لكنهم حرصوا على القول أن "مطالبهم اجتماعية بحتة. نحن ضد التحزب ومع توحد الأمة، لأن الأحزاب هي فتنة البلاد". وشدد هؤلاء خلال لقائهم بالأستاذ قسنطيني - حسب ما تسرب إلى "الشروق اليومي" - أنهم ملتزمون بالتوبة ولن يعودوا إلى النشاط المسلح، وأشاروا إلى رفضهم الإغراءات التي قدمتها لهم منظمات دولية وقنوات أجنبية مقابل طرح مشاكلهم لضرب مسعى المصالحة الوطنية، لكنهم أكدوا على صعيد آخر، أن التكفل بهم يشجع المسلحين الذين لازالوا في الجبال "ويترقبون مصير التائبين الأوائل وحتما فإنهم إن لمسوا ايجابية الدولة في التعامل معهم فإن ذلك سيشجعهم على النزول". ويأتي "توحد" هؤلاء -حسب مصادر من محيط التائبين- على خلفية "أننا نعاني من نفس المشاكل"، وسيكون التكفل بهذه الفئة برأي متتبعين وسيلة لقطع محاولات تجنيدهم واستثمارهم لخدمة الإرهاب مجددا، خاصة وأنهم يشكلون بيئة خصبة لشبكات الدعم والإسناد التي تم تفكيكها، وحسب هؤلاء التائبين دائما، فإن إيجاد مخرج لمشاكلهم الاجتماعية يشكل فكرة لتسويق نموذج يمكن أن يستقطب المسلحين الذين لازالوا في الجبال ويرغبون في تسليم أنفسهم، لكنهم يترددون أمام العراقيل الاجتماعية التي يعاني منها سابقوهم انطلاقا من مخاوف وشكوك لاتزال قيادة ما يسمى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" تزرعها وسط صفوف أتباعها من الصغار وأيضا وسط القيادات. ويندرج اتصال مختار بلمختار، أمير المنطقة التاسعة سابقا، بعبد الحق لعيايدة كما أشارت "الشروق" في عدد سابق، ومحاولة الاستعانة به لمعرفة المصير الحقيقي للأشخاص الذين يسلمون أنفسهم في هذا السياق. وتؤكد مصادر على صلة بهذا الملف، أن التائبين سيبقون إلى سنوات طويلة وعلى مدى بعيد، مصدرا لا يستهان به لاستغلال المعلومة الأمنية في ظل الحاجة القائمة للتأكد من المعطيات والهويات والشهادات التي قد تحصل عليها مستقبلا، وكانت أجهزة مكافحة الإرهاب قد حققت عمليات نوعية في لقاطة ببومرداس ومفتاح بالبليدة والعديد من المناطق، بفضل تعاون تائبين.