لا عفو حتى يضع المسلحون أسلحتهم 90 بالمائة من أهداف المصالحة تحقق والباقي يلزمه العفو 7 آلاف تائب و2500 مفرج عنه هو حصاد المصالحة ".. العفو الشامل بعد أن يضع السلاح جميع من ظل الطريق..الجميع يجب أن يضعوا السلاح..عندها ربما تهدأ القلوب ونتحدث لاحقا عن العفو.. يا جماعة العفو الشامل ليس مجرد كلمة نأخذها من السوق ونرمي بها إلى الشارع، ومثلما العنف يقود إلى الفتنة والحرب فإن العفو غير المدروس، من شأنه أن يجر البلاد مجددا إلى الحرب الأهلية". * * هكذا ردّ الرئيس بوتفليقة بشأن "مطلب" العفو الشامل الذي ينادي به البعض، في تجمع سابق له في إطار تجمعات الحملة الإنتخابية للرئاسيات الماضية، وهو "المشروع" الذي مازال إلى اليوم مؤجلا ومعلّقا لعدة أسباب ومبرّرات، أمنية وسياسية وشعبية، وقد شدد الرئيس على أهمية التوقيت وترتيب الأولويات في موضوع المصالحة الوطنية، قائلا:"من السهل الذهاب إلى هذا القرار لأنه في النهاية مجرد إمضاء بالقلم"، لكن التساؤل المطروح، "هل القرار يعبر عن مشاعر الثكالى واليتامى من ضحايا المأساة الوطنية ومن خلالهم الشعب الجزائري؟". * وقال رئيس الجمهورية:"العفو الشامل ليس بسيطا، إنه قول ثقيل"، معربا عن أمله في الوقت نفسه في أن يشهد اليوم الذي تذهب فيه الجزائر إلى عفو شامل بين أبنائها بعد حوار شامل يشارك فيه جميع الجزائريين على اختلاف تياراتهم ومشاربهم، قائلا إن "العفو الشامل لا يفرض عن طريق العنف"، مؤكدا "من يعنفنا نعنفه بسلاح أقوى، لأنني أتحمل مسؤولية وطن لا ينحني لأي كان، وشعب لا ينحني أيضا". * بوتفليقة أكد أيضا، أن الأمر لا يتعلق ب "قضية شخصية" يمكنه ببساطة المبادرة بها بمثل هذا القرار، وإنما يتعلق ب "قضية شعب"، موضحا: "لو كانت القضية شخصية وتخصني لقدمت نفسي كالذبح العظيم مقابل السلم والأمن للجزائر"، مضيفا: "وبما أنها قضية شعب، فلابد أن يكون هذا الشعب راضيا عن هذا القرار، وفي جو سياسي جديد يختلف عن ما هي عليه الساحة الوطنية حاليا، مبرزا ثقته بالشعب الجزائري وفي قدرته على التصالح قائلا "نحن على الطريق لتعميق الحوار والمصالحة والانفتاح". * وفي ظل الحديث عن جدوى العفو الشامل من عدمه، بعد ثلاث سنوات من إقرار ميثاق السلم والمصالحة، كانت أرقام رسمية قد تحدثت عن 7 آلاف مسلح تركوا العمل المسلح في السنة الأولى من دخول المراسيم حيز التنفيذ، كما تم الإفراج عن 2500 من المسلحين في إطار نفس التدابير، وكان أحمد أويحيى، كرئيس للحكومة، أكد أن العمل جار بخصوص دمج المسلحين المفرج عنهم في المجتمع، إلا أنه أشار إلى إستثناءات تتعلق بالعمل في المناصب والقطاعات الحساسة مثل التربية والتعليم، والتدريس والخطابة في المساجد. * وفي سياق متصل، سجّلت في وقت سابق اللجنة الوطنية لمتابعة تطبيق ميثاق السلم والمصالحة، كحصيلة أولية لها، إطلاق سراح حوالي 2200 سجين أي بالتقريب جميع الأشخاص المعنيين، وفيما يتعلق بإجراءات منح تعويضات لعائلات المفقودين لاحظت اللجنة ما يلي: * * *إرسال قائمة المفقودين التي تم التأكد منها والتي تتضمن حوالي 7100 حالة إلى جميع اللجان الولائية، وقد حققت الجهات القضائية المعنية تقدما فيما يخص قوائم المفقودين الذين صدر في شأنهم حكم بإثبات الوفاة، ويخص هذا الوضع أكثر من 3000 حالة. * * استقبال أكثر من 7000 شخص صرحوا أن لديهم علاقة عائلية مع الأشخاص المفقودين على مستوى مختلف اللجان الولائية المختصة. وبغية وضع حد لمحاولات التلاعب القائمة على استخدام النفوذ والمحسوبية بشأن هذا الملف الأليم أنهت اللجنة إلى علم الرأي العام أن كل ذي حق بالنسبة لشخص يزعم أنه مفقود ولكن اسمه غير وارد في قائمة المفقودين الرسمية، يمكنه إيداع ملف لدى المحاكم أو مصالح الشرطة القضائية. * وبخصوص إجراءات التضامن الوطني تجاه العائلات المعوزة التي التحق أحد أقاربها بالإرهاب وتم القضاء عليه في إطار مكافحة الإرهاب كشفت اللجنة الوطنية مايلي: * * إعداد القائمة الإسمية للإرهابيين الذين تم القضاء عليهم في إطار مكافحة هذه الآفة، وذلك من قبل السلطات المختصة وتتضمن هذه القائمة حوالي 17000 اسم، وهي تبقى وثيقة العمل الوحيدة في هذا المجال. * ومن ثمة كل عمل يزعم أن تكون قامت به جمعية ما أو أي طرف من أجل إحصاء العائلات المعنية ما هو إلا مجرد مناورة حذرت اللجنة الوطنية الرأي العام منها. * * أكثر من 7000 شخص من أقارب الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم تقدموا لدى اللجان الولائية التي باشرت إجراءات التحقيق الاجتماعي في هذا الشأن. * * أزيد من 5000 شخص صرحوا بأنهم تعرضوا لإجراءات تسريح إدارية بسبب أعمال ذات صلة بالمأساة الوطنية قد تقدموا لدى مختلف اللجان، حيث قدمت لهم تفسيرات حول الوثائق الأدلة التي يتعين عليهم حتما إدراجها ضمن ملف المطالبة بإعادة إدماجهم أو تعويضهم المنصوص عليهما في المرسوم الرئاسي الخاص بهذا الملف. * وأكدت اللجنة في وقتها، أن إطلاق سراح المستفيدين من إجراءات دعم السلم لا علاقة له بظاهرة اللصوصية التي تعكف الدولة على محاربتها بثبات وحزم، وأن الإدعاءات التي مفادها أن الأشخاص الذين أطلق سراحهم في إطار الميثاق يستفيدون من إجراءات "إجتماعية" منها تلقي منحة أو مزايا أخرى لا أساس لها من الصحة. * * 2300 تائب يوّقعون "لائحة" مطالب رفعت لفاروق قسنطيني * المصالحة فتحت لنا بيوتا وشكرا لبوتفليقة * * عائلات الإرهابيين تريد الحصول على شهادة وفاة أبنائها في الجبل انطلاقا من شهادات التائبين * * كشف عدد من ممثلي التائبين ممن سلموا رسالة لفاروق قسنطيني رئيس الهيئة الإستشارية لترقية حقوق الإنسان، أن المطالب الجديدة التي تم رفعها للسلطات العليا عنونت تحت اسم ( نقائص المصالحة الوطنية) والتي تأتي على رأسها نشر قوائم التائبين لدى مختلف الأجهزة الأمنية في كل الولايات من أجل كف البحث عنهم كإرهابيين، إلى جانب تسوية وثائق عائلات المسلحين وحقهم في الحصول على شهادة إثبات الوفاة لأبنائهم الإرهابيين انطلاقا من شهادة التائبين. * بين المشاكل الاجتماعية والإدارية، وجه نحو 2300 تائب رسالة إلى فاروق قسنطيني تضمنت مطالب جديدة رفعوها إلى السلطات العليا لتسوية بعض القضايا العالقة والتي طالبوا من خلالها رئيس الجمهورية بصفته القاضي الأول في البلاد استعمال صلاحيته وفق نص المادة 47 من الميثاق بترقية قوانين المصالحة الوطنية. * وقال عدد من هؤلاء التائبين أن من النقائص المسجلة نقص التكفل الإجتماعي بعائلات المسلحين من الإرهابين ممن توفي أبناؤهم في الجبال حيث لا تزال بعض العائلات تعاني من "تعجيزات إدارية" في الحصول على الوثائق وعلى رأسها شهادة إثبات الوفاة، وقال هؤلاء أن شهادة إثبات الوفاة تستدعي معاينة الجثة، وقال التائبون في الرسالة المرفوعة لهيئة فاروق قسنطني أنهم كتائبين بإمكانهم الإدلاء بشهادات تؤكد وفاة هؤلاء الإرهابيين في الجبل وبإمكان هذه العائلات الحصول على شهادات إثبات الوفاة انطلاقا من شهاداتهم على أن يتحمل التائبين كل المسؤولية في حالة ثبوت العكس. * كما رفع التائبون مطلب عنونة وثيقة شهادة الوفاة تحت اسم (ضحية المأساة الوطنية) عوض تدوينها تحت اسم شهادة وفاة ضمن الجماعات الإرهابية، وهو ما يزيد من مشكلة اندماج عائلات الإرهابيين وسط المجتمع، وفي هذا قال أحد التائبين ممن وقعوا على الرسالة التي وجهت لقسنطيني أن الهدف من وراء عنونة هذه الوثيقة تضميد جراح عائلات المغرر بهم. * وفي سياق المنحة، كشف بعض التائبين أن السلطات العليا وافقت على شرط استفادة عائلات الإرهابيين من منحة التعويض حتى وإن كانت مداخليهم تفوق 10 آلاف سنتيم، فيما كان في السابق هذا الشرط يمنع الكثير منهم من الحصول على التعويض، كما طالبوا بأن تنتقل المنحة بعد وفاة الوالدين إلى أخ أو أخت المغرر بهم في الجبال. * إلى جانب هذه المطالب قال هؤلاء أن المطالب القديمة لا تزال لم تجد طريقها بعد للحلول على غرار مشكلة وثائق أطفال الجبل وزوجات الإرهابيين وعدم تمكنهم من الحصول على وثائق العقد من أجل تسجيل أبنائهم في المدارس، كما أشار هؤلاء من جهة أخرى إلى أنه لا يوجد نص مادة ضمن القانون يشير إلى التكفل بالتائبين أو تخصيص إعانة مادية لهم، لاسيما للعدد الكبير من التائبين من ذوي العاهات المستدامة من معطوبي المأساة الوطنية. * وذكر بعض التائبين أن أهم عائق يواجههم بعد التوبة توقيفهم في عدد من الولايات الأخرى من قبل مصالح الأمن على أنهم إرهابيين ومطاردين، ورفعوا في رسالتهم ضرورة نشر قوائم تحمل أسماء التائبين عبر جميع مصالح الأمن في كل الولايات لتجنب ملاحقاتهم الأمنية. * هذا وعن إيجابيات المصالحة الوطنية عبر هؤلاء عن شكرهم لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في مسعاه لضم الجراح وعودة الاستقرار والأمن، كما تحدث هؤلاء على اندماج عدد كبير من التائبين ونيلهم لشهادات عليا في الدراسة وتكوينهم لعائلات. * * * 90بالمائة من أهداف المصالحة تحققت والباقي يلزمها العفو * قسنطيني: "هذه مطبات في طريق المصالحة الوطنية" * أكد فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن المصالحة الوطنية حققت 90 بالمائة من أهدافها، واشترط المتحدث "اندماجا إيجابيا ومساهمة فعالة" من طرف الإدارة في هذا المسعى، حتى يبلغ المشروع مداه النهائي. * وقال قسنطيني في تصريح ل "الشروق"،أمس إن "مشروع المصالحة يسير وفق ما كان مخطط له، والحمد لله يمكن القول إنه صار واقفا على رجليه، ويمكن القول أيضا إنه لم يبق إلا القليل من الجهد لنصل إلى المحطة النهائية"، واعترف مستشار رئيس الجمهورية لحقوق الإنسان بوجود "صعوبات عرقلت السير الطبيعي لمسار المصالحة"، غير أنه اعتبر هذه الصعوبات "أمرا طبيعيا بالنظر لحساسية هذا الملف وتعقيداته". * وعن العراقيل والصعوبات التي قللت من سرعة نجاح المصالحة، يضيف المتحدث "هناك إرهابيين سلموا أنفسهم بالعشرات، ولكن رجوعهم لم يكن بالسهولة التي كنا نتوقعها"، والسبب برأيه يعود إلى طبيعة تعاطي الإدارة مع بعض مطالبهم، مثل السكن والعودة إلى العمل، وهو ما دفع بالكثير من الإرهابيين، الذين كانوا يفكرون بجد في إلقاء السلاح، إلى التراجع عن ذلك". * ولذلك يشدّد قسنطيني على ضرورة أن تلتزم الإدارة بالتكفل بمشاكل التائبين وفق ما نص عليه ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي تبناه الشعب الجزائري في استفتاء 29 سبتمبر 2005، وفي مقدمتها "ما تعلق بالسكن والعمل، أو تمكين الذين كانوا يمارسون التجارة، من العودة إلى نشاطهم"، حتى نساهم في إقناع من تبقى في الجبال بالعودة إلى أهلهم والاندماج في مجتمعهم، والأمر هنا لا يتعدى، كما قال رئيس لجنة حقوق الإنسان، التزام الدولة بما وعدت به في ميثاق السلم والمصالحة، وأن تحرص على أن تكون كلمتها مقدسة. * ولاحظ فاروق قسنطيني أن"المصالحة الوطنية بحاجة إلى تدابير تكميلية، تسير بالتوازي مع جهود مختلف أسلاك الأمن التي تحارب الظاهرة الإرهابية، مشيرا "الإرهاب خسر المعركة ميدانيا بفضل جهود قوات الأمن والجيش الوطني الشعبي، غير أن الانتصار العسكري وحده لا يمكن أن يحقق الأهداف المرجوة، ولذلك أعتقد أنه لا بد من تدابير تكميلية من شأنها أن تقود إلى التخلص نهائيا من ظاهرة الإرهاب". * ولفت المتحدث إلى حتمية أن تختتم مسيرة المصالحة الوطنية بالعفو الشامل، الذي يبقى لا مفر منه، على حد تعبيره، سيما وأن البلاد سبق لها وأن سنت قانونا مشابها في سنة 1963، بعد حصولها على الاستقلال، وأدركت مدى أهميته.. إنه "القانون الذي سوى خلافات سبع سنوات من الفوضى، وأعاد للجزائريين وئامهم.. لا بد من تشجيع السلم، لأن السلم يخاف بدوره". * وعن نظرته للعفو الشامل، وما يمكن أن يتضمنه، قال فاروق قسنطيني"أنا من موقعي كرئيس للجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، لا يمكنني التحريض على الحرب أو إذكاء نار الفتنة بين الجزائريين، بل أدعو للسلم، وإذا لم أتحدث عن السلم، فمعنى ذلك أنني أدعو للحرب"، يضيف المتحدث. * * من ثمار المصالحة بالبويرة * مشروع استثماري بين دركي متقاعد ومسلح تائب * كانت "كتيبة الغرباء" التي تنشط بنواحي عين بسام وسوق الخميس بالبويرة من أول الكتائب المتصلة بالعلماء والشيوخ قصد إيجاد فتوى لإقناع المئات من المسلحين عبر الوطن للتخلي عن السلاح وذلك الذي تحقق، وقد تم تسجيل مئات الأشرطة والأقراص وتم توزيعها على باقي الكتائب في مختلف ربوع الوطن وهو ما سرده أحد المنظرين لهذه العملية من التائبين "للشروق". * وكانت فتاوى الشيخ العثيمين من خلال الحوار الذي أجراه أحد أمراء كتيبة الغرباء بمثابة الدواء الشافي والكافي لكل الكتائب الأخرى التي اقتعت ونزل ما يزيد عن 400 مسلح حسب أحد التائبين في ذات الوقت تم الاتصال بالكتائب الأخرى وقد توافد العشرات من عناصر تلك الكتائب على البويرة ليتبينوا من حقيقة هذه الفتوى أو عدمها، وأخيرا اقتنع باقي الكتائب باستثناء مجموعة الايياس التي هي الأخرى في هدنة وتضم أزيد من 06 آلاف مسلح. * وقد استفاد بالبويرة في إطار قانون السلم والمصالحة العشرات من العائلات من التعويضات التي أقرها هذا القانون سيما الذين مات أبناؤهم في الجبال وكذا تعويض عائلات المفقودين ومعالجة ملف المفصولين بالادماج والتعويض وهي كلها من ثمار المصالحة الوطنية. * ومن ثمار المصالحة الوطنية أنه جمعت بين فرقاء الأمس الذين كانت لغة التواصل بينهم الرصاص وعلى مدار سنوات طوال لكن وبفضل المصالحة الوطنية يلتقي التائب والدركي في مشروع استثماري بولاية البويرة ودون خلفيات تاريخية أو عدائية بفضل المصالحة بين الجزائريين. * * "عفا الله عمّ سلف".. لكن بشروط * 2300 مليار لتضميد الجراح وتسوية آثار المأساة الوطنية * تمرّ غدا 4 سنوات كاملة على الاستفتاء حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، استفتاء أظهر دعم الشعب الجزائري لخيار الأمن والسلم والمصالحة، استفتاء عقبه صدور أمر رئاسي وثلاثة مراسيم تنفيذية وجدت طريقها إلى التطبيق بداية من ال29 فيفري من سنة 2006، أمر رئاسي وثلاثة مراسيم كانت بمثابة الإطار القانوني والتشريعي لمجموعة من الإجراءات القانونية والأمنية والتدابير الاجتماعية والمالية، أسفرت في مضمونها على العديد من النتائج، فأفرج عن آلاف المحبوسين جراء تورطهم في قضايا إرهابية، كما تم الإدماج الاجتماعي للمئات ممن سرحوا من مناصب عملهم خلال سنوات الأزمة، وتم تعويض عائلات المفقودين، وكذا إقرار تعويضات ومنح للعائلات الفقيرة التي ضلع أحد أبنائها في عمليات إرهابية. * ولعل أهم ما طبع إجراءات السلم والمصالحة الوطنية، هي فترة الستة أشهر التي حددها الميثاق لإعلان "التوبة" ووضع السلاح للاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية، مهلة أسفرت عن وضع المئات لأسلحتهم، وكان من بينهم أسماء بارزة في التنظيم الإرهابي وصل تعدادهم إلى حوالي 6 آلاف تائب، كما استقطبت حينها كبرى المؤسسات العقابية الأنظار بعد أن تقرر الإفراج عن المحكوم عليهم نهائيا في قضايا إرهابية، ما لم يكن متورط في الاستثناءات الثلاث التي قال ميثاق السلم بعدم جواز إخضاعها لمبدأ "عفى الله عما سلف" ويتعلق الأمر بالتفجيرات في الأماكن العمومية، التورط في مجازر وهتك الحرمات. * إجراءات العفو عن المحبوسين في قضايا إرهابية، أحصت حوالي 2400 شخص، كان من بينهم قيادات في العمل المسلح من أمثال عبد الحق لعيادة، حسب أرقام سبق أن قدمتها وزارة العدل، قد تكون خضعت للتحيين، في حين بلغ حجم النفقات المادية التي باشرتها الدولة قصد التكفل بضحايا المأساة الوطنية 2300 مليار سنتيم تم إستهلاك حوالي 1100 مليار سنتيم منها ما خصص للتكفل ب 7 آلاف عائلة، ناهيك عن الأغلفة السنوية التي تعتمدها الحكومة ضمن قانون المالية للتكفل بمنح والتعويضات التي أقرها ميثاق السلم والمصالحة لفائدة ذوي حقوق المفقودين وغيرهم ممن صنفهم مضمون الميثاق للاستفادة من مساعدات الدولة. * كما أن عدد المدمجين في مناصب عملهم قدر بالمئات، في ظل عدم وجود إحصائيات مضبوطة بخصوصها على خلفية أن العملية تمت على مستوى الولايات، ذلك أن لجان دراسة طلبات إدماج أو تعويض الأشخاص المطرودين من مناصب عملهم تمت على المستوى المحلي. * المصالحة الوطنية التي خصصت لها الدولة غلافا ماليا بقيمة 8،23 مليار دينار بقي منها إلى الآن 8،12 مليار دينار حسب آخر أرقام قدمها جمال ولد عباس وزير التضامن الوطني كممثل للحكومة سيتواصل دعمها بأغلفة مالية إضافية في إطار قانون المالية، إلى حين يطوى ملف المصالحة كأحد المحطات نحو طريق العفو الشامل الذي أعلن بشأنه رئيس الجمهورية أنه لن يكون على أرض الواقع إلا في حال سلم آخر مسلح نفسه وجنح للسلم والأمن. * * المنسق الوطني للتائبين: "نريد حقوقنا الاجتماعية وتبييض شهادة السوابق العدلية" * مستفيدون و"غاضبون" من "إمتيازات" المصالحة الوطنية * انتقد مدني مزراڤ عضو قيادي سابق "بالجيش الإسلامي للإنقاذ" المحل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لأنه لم يحقق في تقديره أي نتيجة تذكر، موضحا بأن السلطة استفادت بما قام به القياديون السابقون في جيش الإنقاذ، في حين أنها لم تقدم من جانبها أي خطوة كان بإمكانها أن تدفع بالميثاق نحو الأمام. * ورفض مزراق في اتصال مع "الشروق" تقديم أي توضيحات أخرى بشأن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بحجة أنه بصدد تدوين بيان موحد يتضمن توقيعات قياديين آخرين في ما كان يسمى "الجيش الإسلامي للإنقاذ" سابقا، يتضمن كافة الملاحظات التي تم تسجيلها فيما يخص كيفية تطبيق ميثاق السلم. * واكتفى مزراق الذي بدا جد غاضب ومستاء في الذكرى الرابعة للاستفتاء حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بالقول:"بعد عشر سنوات من إقرار الوئام المدني ما تزال حالة الاحتقان تفرض نفسها على أرض الواقع، كما أن الثلة التي كانت تمارس الحڤرة، ما تزال هي الأخرى تسيطر على مقاليد الحكم"، دون أن يقدم توضيحات أخرى، مرجئا التفصيل في تصريحاته إلى غاية نزول البيان. * ويصر مزراڤ على أن جيش الإنقاذ ما يزال موجودا سياسيا لأنه لم يتم حله بعد، وبأنه غير موجود عسكريا فقط، وأن كل البيانات التي أصدرها سابقا، والتي سيصدرها مستقبلا تحمل توقيعها كقائد "للجيش الإسلامي للإنقاذ"ّ. * واتفق قائد "جيش الإنقاذ" بمنطقة الوسط مصطفى كرطالي مع مدني مزراق في هذا الطرح، وقال في اتصال مع "الشروق"، بأنه يحمل نفس مواقف قائد جيش الإنقاذ سابقا، وبأنه سيتم الكشف عنها بالتفصيل في البيان الذي سيصدر لاحقا، واكتف هو الآخر بالقول:"إن ميثاق السلم لم يحقق النتائج التي كانت منتظرة، وكل ما تم القيام به هو مجرد خطوات فحسب، لا ترقى أبدا إلى ما هو مطلوب". * في حين بدا منسق التائبين على المستوى الوطني المعروف باسم "حسان" الذي ينحدر من منطقة البويرة أكثر تفاؤلا بشأن ميثاق السلم، وإن سجل هو الآخر من جانبه بعض النقائص، قائلا:"عن ميثاق السلم له ثمار ولكن له نقائص أيضا، وقد كان له الفضل في عودة أفراد الجماعات المسلحة إلى ديارهم وإلى المجتمع، وكوّنوا أسرا، والدليل على عودة السلم، الأمن والهدوء الذي طبع رمضان الأخير، فلقد كان رمضان الأكثر أمنا منذ عدة سنوات". * مضيفا بأن ميثاق السلم أعاد اللحمة والأخوة ما بين أفراد المجتمع، كما مكّن التائبين من دخول الجامعات والحصول على شهادات عليا، غير أنه ثمة مشاكل ما تزال مطروحة بعد، بسبب الثغرات التي أعابت تطبيق بنود الميثاق، من بينها التكفل بالتائبين وتمكينهم من حقوقهم الاجتماعية، إلى جانب التكفل بأبناء الجبل وبالنساء المتزوجات في الجبل، وكذا بالنساء المغتصبات ومعتقلي الصحراء. * وفي تقدير المنسق الوطني للتائبين فإن رئيس الجمهورية مطالب بتطبيق المادة 47 من قانون المصالحة الوطنية، التي تتيح له المجال لاتخاذ تدابير إضافية من أجل معالجة كافة الملفات العالقة، خصوصا وأن ما تم تطبيقه لحد الآن هو تخصيص إعانات فقط لعائلات المتوفين في الجبال. * ويبلغ العدد الإجمالي للتائبين 6000 تائب، معظمهم تخلوا عن العمل المسلح ما بين 99 و2000، تاريخ إقرار الوئام المدني، في حين تراجع عددهم حسب منسقهم الوطني بسبب النقائص التي أعابت تنفيذ الميثاق، رغم الدعوات المتكررة التي تقدم بها العلماء:"لأنهم ينتظرون تدابير إضافية". * وأعاب المتحدث على الأئمة كونهم تخولوا عن تبني الخطاب الذي يشجع على المصالحة الوطنية، رغم أنها ما تزال سارية المفعول، مصرا على أهمية تبييض شهادة السوابق العدلية للتائبين بما يمكنهم من ضمان منصب عمل، إلى جانب تمكينهم من الحصول على حقوقهم الاجتماعية وهي الشغل والسكن مثل باقي المواطنين. * * هذا ما تضمنه ميثاق السلم والمصالحة الوطنية * ضعوا السلاح.. واذهبوا فأنتم الطلقاء * *آجال ميثاق السلم انقضت قانونيا ومستمرة "سياسيا وإنسانيا" * في 29 سبتمبر 2006 زكى الجزائريون النصوص التطبيقية المتضمنة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الرامية إلى تسوية الأزمة الدموية وتضميد جراح المأساة الوطنية، التي خلفت خلال أكثر من عشر سنوات كاملة، آلاف الضحايا وكبّدت الأملاك العمومية والخاصة آلاف الملايير من الخسائر، وقد فوّض الجزائريون من خلال الميثاق، لرئيس الجمهورية اتخاذ جميع الإجراءات قصد تجسيد ما جاء في بنوده. * ولأن الميثاق رغم انتهاء آجاله القانونية، واستمرار سريانه "السياسي" و"الإنساني"، إلى غاية اليوم، من أجل طي ملف "المغرّر بهم" والمتسببين والضالعين في الأزمة الدموية، ارتأت "الشروق" أن تعود إلى أهم بنوده، في هذه الذكرى، علّ الذكرى تنفع المترددين والراغبين في وضع السلاح مقابل الإستفادة من التدابير التخفيفية. * وقد تضمنت الإجراءات الرامية إلى تعزيز السلم وتحقيق المصالحة الوطنية ما يلي: * * 1- عرفان الشعب الجزائري لصناع نجدة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، حيث يأبى إلا أن يثني على الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن وكافة الوطنيين والمواطنين العاديين، ويشيد بما كان لهم من وقفة وطنية وتضحيات مكنت من نجاة الجزائر ومن الحفاظ على مكتسبات الجمهورية ومؤسساتها. * وأكد الميثاق أنه لا يخوّل لأي كان، في الجزائر أو خارجها، أن يتذرع بما خلفته المأساة الوطنية من جراح وكلوم، أو يعتدّ به بقصد المساس بمؤسسات الجمهورية، أو زعزعة أركان الدولة، أو وصم شرف جميع أعوانها الذين أخلصوا خدمتها، أو تشويه صورة الجزائر على الصعيد الدولي. * 2 الإجراءات الرامية إلى استتباب السلم: * أولا: إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد الذين سلموا أنفسهم للسلطات اعتبارا من 13 جانفي 2000، تاريخ انقضاء مفعول القانون المتضمن الوئام المدني. * ثانيا: إبطال المتابعات القضائية في حق جميع الأفراد الذين يكفون عن نشاطهم المسلح ويسلمون ما لديهم من سلاح، ولا ينطبق إبطال هذه المتابعات على الأفراد الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو إنتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العمومية. * ثالثا: إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد المطلوبين داخل الوطن وخارجه الذين يَمْثُلُون طوعا أمام الهيئات الجزائرية المختصة، ولا ينطبق إبطال هذه المتابعات على الأفراد الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو إنتهاك الحرمات أو إستعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العمومية. * رابعا: إبطال المتابعات القضائية في حق جميع الأفراد المنضوين في شبكات دعم الإرهاب الذين يصرحون بنشاطاتهم لدى السلطات الجزائرية المختصة. * خامسا: إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد المحكوم عليهم غيابيا باستثناء أولئك الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو إنتهاك الحرمات أو إستعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العمومية. * سادسا: العفو لصالح الأفراد المحكوم عليهم والموجودين رهن الحبس عقابا على اقترافهم نشاطات داعمة للإرهاب. * سابعا: العفو لصالح الأفراد المحكوم عليهم والموجودين رهن الحبس عقابا على إقترافهم أعمال عنف من غير المجازر الجماعية أو إنتهاك الحرمات أو إستعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العمومية. * ثامنا: إبدال العقوبات أو الإعفاء من جزء منها لصالح جميع الأفراد الذين صدرت في حقهم أحكام نهائية أو المطلوبين الذين لا تشملهم إجراءات إبطال المتابعات أو إجراءات العفو السالفة الذكر. * 3 الإجراءات الرامية إلى تعزيز المصالحة الوطنية: * أولا تطبيق إجراءات ملموسة ترمي إلى الرفع النهائي للمضايقات التي لا زال يعاني منها الأشخاص الذين جنحوا إلى إعتناق سياسة الوئام المدني واضعين بذلك واجبهم الوطني فوق أي إعتبار آخر. * ثانيا دعم إجراءات ضرورية لصالح المواطنين الذين تعرضوا، -عقابا لهم على ما إقترفوه من أفعال- لإجراءات إدارية إتخذتها الدولة، في إطار ما لها من صلاحيات، وترتب عنها فصلهم من مناصبهم، وذلك قصد تمكينهم هم وأسرهم من تسوية وضعيتهم الإجتماعية تسوية نهائية. * ثالثا إن الشعب الجزائري، وإن كان مستعدا للصفح، ليس بوسعه أن ينسى العواقب المأساوية التي جناها عليه العبث بتعاليم الإسلام، دين الدولة. * إنه يؤكد حقه في الإحتياط من تكرار الوقوع في مثل تلك الضلالات، ويقرر بسيادة حظر ممارسة أي نشاط سياسي، تحت أي غطاء كان، من قبل كل من كانت له مسؤولية في هذا العبث بالدين. * كما لا يسوغ الحق في ممارسة النشاط السياسي لكل من شارك في أعمال إرهابية ويصر، رغم الأضرار البشرية والمادية الفظيعة التي تسبب فيها الإرهاب والعبث بالدين لأغراض إجرامية، على رفض الإعتراف بمسؤوليته في تدبير وتطبيق وسياة تدعو إلى ما يزعم "جهادا" ضد الأمة ومؤسسات الجمهورية. * * 4 إجراءات دعم سياسة التكفل بملف المفقودين المأساوي: * * إن الشعب الجزائري يذكّر بأن ملف المفقودين يحظى باهتمام الدولة منذ عشر سنوات خلت وهو محل عناية خاصة قصد معالجته بالكيفية المواتية، ويذكر كذلك بأن مأساة الأشخاص المفقودين هي إحدى عواقب آفة الإرهاب التي أبتليت بها الجزائر. * وإنه يؤكد أيضا أن تلك الإفتقادات كانت في العديد من الحالات بفعل النشاط الإجرامي للإرهابيين الذين ادعوا لأنفسهم حق الحكم بالحياة أو الموت على كل إنسان جزائريا كان أم أجنبيا. * إن الشعب الجزائري صاحب السيادة يرفض كل زعم يقصد به رمي الدولة بالمسؤولية عن التسبب في ظاهرة الإفتقاد، وهو يعتبر أن الأفعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال، لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن. * ولتسوية ملف المفقودين تسوية نهائية، تقرر ما يأتي: * أولا تتحمل الدولة على ذمتها مصير كل الأشخاص المفقودين في سياق المأساة الوطنية وستتخذ الإجراءات الضرورية بعد الإحاطة بالوقائع. * ثانيا ستتخذ الدولة كل الإجراءات المناسبة لتمكين ذوي حقوق المفقودين من تجاوز هذه المحنة القاسية في كنف الكرامة. * ثالثا يعتبر الأشخاص المفقودين ضحايا للمأساة الوطنية، ولذوي حقوقهم الحق في التعويض. * كما تقررت الإجراءات التالية: * * من الواجب الوطني إتقاء نشأة الشعور بالإقصاء في نفوس المواطنين غير المسؤولين عما أقدم عليه ذويهم من خيارات غير محمودة العواقب، ويعتبر أن المصلحة الوطنية تقتضي القضاء نهائيا على جميع عوامل الإقصاء التي قد يستغلها أعداء الأمة. * * يعتبر الشعب الجزائري أنه ينبغي للمصالحة الوطنية أن تتكفل بمأساة الأسر التي كان لأعضاء منها ضِلْعٌ في ممارسة الإرهاب. * * ستتخذ الدولة تدابير التضامن الوطني لصالح المُعوزة من الأسر المذكورة والتي عانت من الإرهاب من جراء تورط ذويها. * هذا، وفوّض الميثاق، لرئيس الجمهورية، أن يلتمس، باسم الأمة، الصفح من جميع منكوبي المأساة الوطنية ويعقد من ثمة السلم والمصالحة الوطنية.. كما لا يمكن للجزائريين أن ينسو التدخلات الخارجية ولا المناورات السياسوية الداخلية التي أسهمت في تمادي وتفاقم فظائع المأساة الوطنية. *