بعد غياب عن الخشبة دام خمس سنوات، اختار شوقي بوزيد أن يعود إلى الركح من بوابة المسرح الجهوي لسعيدة صراط بومدين أين قدم العرض الأول لمسرحيته الأخيرة "موسوساراما" عن نص للكاتب محمد بن بديدة الذي سبق وأن فاز بإحدى جوائز المهرجان العربي للمسرح عن فئة أحسن نص. يطرق شوقي بوزيد من خلال هذا العمل المسرحي موضوعا قلّما يتم التطرق إليه في المسرح الجزائري وهو مشاكل إفريقيا من العنف إلى الاستغلال الاستعماري والميز العنصري. "موسوساراما"، يعني بلغة "البمبرة" المرأة الفائقة الجمال، وهي امرأة يقع في حبها أحد رجال قبيلة الهوتو يضطر إلى الدخول في صراع وحرب مع أخيها الذي يحمل لواء قبيلة التوتسي ويعود هذا الصراع لكون "كونتي" اختار طريق الرجل الأبيض وتغيير وجهه الأسود بآخر ابيض عن طريق عملية تجميل اعتقادا منه أن لون البشر يعطيه شرعية التسيد حتى على أبناء بني جلدته، لكن "كونتي" يدخل في صراع ذاتي، لأن وجهه الأبيض المستعار لم يغير حقيقة أعماقه الإفريقية، ويكفر في الأخير عن ذنبه بالدفاع عن الكنز الإفريقي المتمثل في قناع تاريخي يمثل تراث إفريقيا أمام جشع الرجل الأبيض الذي لا يكتفي فقط باستغلال الموارد الطبيعية للقارة، لكنه يسعى للاستحواذ أيضا على تاريخها. المسرحية التي رشحت لتمثيل المسرح الجهوي لسعيدة في فعاليات الدورة المقبلة من "المهرجان الوطني للمسرح المحترف"، تدور أحداثها في فضاءات مغلقة بين السجن والمنجم، حيث تضطهد الأجساد والأرواح وسط ديكور طغى عليه السواد وهي ضرورة اقتضاها موضوع المسرحية الذي يذهب إلى أقصى حدود العنف وهو التنكر للوجه. يفتح صاحب مسرحية "دونكيشوت" حوارا بين مختلف عناصر الخشبة من موسيقى وسينوغرافيا الإضاءة التي كانت جزءا من الديكور وحتى التعبير الجسماني للفريق التمثيل الذي أثنى عليه كثيرا شوقي بوزيد الذي أكد على هامش العرض انه وجد خزانا للطاقات الشابة في سعيدة وهذا حسبه يفند نظرية عدم وجود كفاءات في التمثيل. تتكئ أيضا المسرحية على دعامة العرض بالفيديو الذي جاء كإطار مرجعي يضع المتلقي في الإطار العام للموضوع، حيث يعرض الفيديو بعض ما تتعرض له القارة السمراء من حروب وصراعات قبلية تسبب فيها أبناء البلد أنفسهم في بعض الأحيان. المسرحية التي تتخذ من المرأة رمزا لقول أوجاع إفريقيا، لكنها لا تحضر على الركح إلا كخلفية، وهذا للتعبير عن النفي المادي والرمزي للمرأة. أكد المخرج شوقي بوزيد على هامش العرض الشرفي لمسرحيته الأخيرة أن اختياره لموضوع إفريقيا تماشيا مع البعد الإفريقي للجزائر وكأننا لسنا أفارقة نتجاهل ما يحدث حولنا وقلّما نستغل جماليا ما يتيحه الفضاء الإفريقي الذي لا يحضر عندنا إلا كخلفية لنشرات أخبار المجازر والحروب. وبرر شوقي بوزيد غيابه لمدة خمس سنوات عن الخشبة بكون الإدارة أغلقت في وجهه الأبواب، لأنه يرفض أن يكون موظفا في المسرح، لكنه شريك في الإنتاج الإبداعي، وأضاف شوقي بويزد قائلا " مازلت ارفض الرضوخ للإدارة". من جهته، مدير مسرح سعيدة، زروق السعيدي الذي أنتج العمل قال انه عمل على توفير كل الظروف لتقديم عمل في المستوى، وفضل استغلال إمكانيات المخرج المبدع شوقي بوزيد ليقدم أيضا تكوينا للفريق الشاب الذي اشتغل رفقته.