ألقى الشعب الصحراوي، في جو مهيب، طبعته دموع الفراق وأمل مواصلة النضال ومسيرة الكفاح، النظرة الأخيرة على جثمان الرئيس الصحراوي والأمين العام للجبهة الشعبية للساقية الحمراء وواد الذهب "بوليزاريو"، الزعيم محمد عبد العزيز، الذي رحل إلى مثواه قبل الأخير صبيحة يوم الثلاثاء المنقضي، عن عمر يناهز ال68 عاما. وحظي جثمان الفقيد باستقبال رسمي من طرف وفد حكومي، يترأسه الوزير الأول عبد المالك سلال، ممثلا للرئيس بوتفليقة. ولم يكن توديع الشعب الصحراوي، أمس، للرئيس الراحل محمد عبد العزيز، بمخيمات اللاجئين بتندوف، كغيره من الشعوب التي تودع رموزها إلى مثواها قبل الأخير، فجثمان الراحل طاف بجميع مخيمات اللاجئين شبرا بشبر، ما عدا مخيم الداخلة، وبعد أن وُضع بمخيم الرابوني، حيث يوجد المقر المؤقت لرئاسة الجمهورية الصحراوية، لإلقاء النظرة الأخيرة عليه من طرف الوفود الرسمية، جاب موكبٌ رسمي كلا من مخيمات السمار، بوجذور والعيون، ليتم نقله بعد ذلك إلى بئر لحلو بالمناطق المحرّرة، حيث سيتم تشييع جنازته اليوم.
سلال ووفد حكومي بتندوف وحضر الوزير الأول عبد المالك سلال، ممثلا عن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لاستقبال جثمان الراحل، بمطار تندوف الرائد براج، مرفوقا بكبار مسؤولي الدولة وأعضاء الطاقم الحكومي، يتقدمهم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة، ونائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش الوطني الشعبي القايد صالح، وزير الدولة والشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، بالإضافة إلى وزير المجاهدين الطيب زيتوني . ولحظة وصول طائرة الجوية الجزائرية التي أقلت جثمان الفقيد، إلى مطار تندوف، في حدود الساعة منتصف النهار، قادما من الولاياتالمتحدةالأمريكية، شوهد أعوانُ الحماية المدنية وهم يحملون على أكتافهم جثمان الراحل، مرورا بالتحية الرسمية للفرقة النحاسية للجيش الوطني الشعبي، قبل أن يتم وضعُ جثمانه أمام مدخل القاعة الشرفية، وهنا ترحّم الوزير الأول والوفد المرافق له على روح الراحل، بعد قراءة الفاتحة عليه، وقدم ممثلو الدولة واجب العزاء لعائلة الفقيد، بحضور الوفود الرسمية الدولية وعدد من سفراء الدول المعتمدين بالجزائر على غرار جنوب إفريقيا وزيمبابوي، فنزويلا، كوبا وغيرها من الدول الصديقة المناصرة بقوة للقضية الصحراوية.
إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل مباشرة بعد الترحم على روح الفقيد وتقديم واجب العزاء من قبل أعضاء الطاقم الحكومي، نُقل إلى مخيم الرابوني، حيث يوجد المقر المؤقت لرئاسة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، حيث توافدت جموع الوفود الشعبية والرسمية لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، ممثلين لمختلف الأسلاك الديبلوماسية المعتمدة بالجزائر، والأحزاب السياسية الوطنية والأجنبية، ومختلف المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية المساندة للقضية الصحراوية.
"يا رئيس ارتاح.. سنواصل مسيرة الكفاح" وحج آلاف الصحراويين من مختلف الجهات والفئات، لتوديع رمز النضال الثوري الزعيم محمد عبد العزيز، إلى المخيمات التي طاف بها جثمانه، ما عدا مخيم الداخلة لبُعد المسافة؛ ففي جو خيمت عليه مشاعر الحزن والأسى لفقدان أحد رموز الرعيل الأول من النضال الذين أسسوا جبهة "البوليزاريو"، وعزموا على أن يرفعوا راية الجمهورية العربية الصحراوية في مختلف المحافل الدولية، تعالت هتافات: "يا رئيس ارتاح، ارتاح.. سنواصل مسيرة الكفاح"، وهي عبارات استقبل بها الصحراويون، في أول محطة نزل فيها جثمان محمد عبد العزيز، الذي كان نعشه ملفوفا بالعلم الصحراوي، فبين الدموع التي ذرفها هؤلاء، ومشاعر الحزن والأسى إثر فقدان مشعل للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي، يأبى هؤلاء أن يكون فقدان عبد العزيز، عقبة لمواصلة الكفاح والنضال السياسي من أجل نيل حق تقرير المصير، واعتبروها حافزا آخر للتضحية بالنفس والنفيس من أجل مناضلين كرسوا حياتهم كلها من أجل خدمة القضية الصحراوية، وحلموا أن ينعم الشعب الصحراوي بحرّية أراضيه، ولم يُكتب لهم ذلك. وفي حدود الساعة الرابعة والنصف مساءً، وصل الوزير الأول عبد المالك سلال رفقة أعضاء الطاقم الحكومي المرافق له، لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد، حيث كان في استقباله رئيس المجلس الوطني الصحراوي، والرئيس الحالي المؤقت، خاطري أدوه، والوزير الأول عبد القادر طالب عمر، إضافة إلى عديد الشخصيات ورفقاء درب الراحل. لحظات بعد خروج سلال وأعضاء الطاقم الحكومي المرافقين له، والوفود الرسمية الأجنبية من مخيم الرابوني، الذي شهد حراسة استثنائية مشدّدة، وتحوّل إلى ميدان للحشود الشعبية والمناضلين الصحراوين، الذين توافدوا لتوديع الراحل، قبل أن يُنقل إلى الأراضي المحررة لتشييع جنازته هناك، بإقليم منقطة بئر لحلو، وكم كان المشهد مؤثرا، شيوخا وأطفالا، نساءً ورجالا، وهم يبكون رئيسهم بعد أربعين عاما من النضال. ولم يختلف مشهد الحزن والتأثر برحيل عبد العزيز بمخيم ولاية السمارة عن سابقه؛ فجموع الحشود الشعبية من المواطنين، استقبلت جثمانه على طول الطريق المؤدية إلى السمارة، حاملين علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهم يطلقون شعارات الشهادة للراحل، ومواصلة الكفاح إلى أن ترقد روحه بسلام.
رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح: "الجزائر تقاسم الصحراويين حزنهم وتؤكد مواصلة دعمها لهم" أكد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أن الجزائر تواصل دعمها للشعب الصحراوي لتحقيق وحدته الوطنية الكاملة وسيادته على أراضيه، مشيرا إلى أن الدولة الجزائرية شعبا وحكومة متضامنة مع الشعب الصحراوي في محنته المفاجِئة، بفقدان الرئيس والزعيم محمد عبد العزيز، وأضاف بن صالح "نحن نتقاسم مشاعر الحزن مع الشعب الصحراوي، وأطمئنهم بأن القضية الصحراوية ستجد طريقها إلى الحل لا محالة وفق ما تقتضيه الشرعية الدولية".
الاتحاد الإفريقي: مسيرة عبد العزيز دافعٌ للشعوب نحو التحرّر وقف رؤساء أركان الدفاع والسلامة والأمن بالاتحاد الإفريقي، أمس الجمعة، دقيقة صمت على روح الشهيد محمد عبد العزيز وذلك خلال افتتاح اجتماعهم باديس ابابا. وأعلن الاتحاد الإفريقي الحداد لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من الأربعاء الماضي إثر وفاة رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والأمين العام لجبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، مؤكدا أن نضال الرجل "سيبقى دافعا لمواصلة مسيرة الشعوب نحو التحرر". وأمرت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسا زانا دلاميني زوما بتنكيس أعلام الاتحاد الأفريقي وعلم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في المقر الرئيسي للاتحاد الأفريقي وكذلك في جميع المكاتب التمثيلية للاتحاد بالخارج لمدة ثلاثة أيام.
دولٌ تشيد بخصال المناضل الكبير أشاد ممثلو عدة دول إفريقية وأمريكية لاتينية، بخصال الفقيد الرئيس محمد عبد العزيز، معتبرين أن القضية الصحراوية فقدت "مناضلا كبيرا" دافع عن حق تقرير مصير بلده واستقلاله. وقال سفير زيمبابويبالجزائر، جورج ادفين موندازا، إن شعبي زيمبابوي والصحراء الغربية كانا "صديقين" في مجال محاربة الاستعمار، مشيرا إلى أنه "رغم كافة الصعوبات" سيستمرّ بلده في "دعم الشعب الصحراوي في نضاله من أجل الاستقلال". وقال سفير فنزويلابالجزائر خوسي سوخو، إنه جاء ليحضر مراسم تشييع جنازة الرئيس عبد العزيز ببئر لحلو، لتبليغ تعازي رئيس بلده للشعب الصحراوي، موضحا أن الفقيد مثّل بكل "كرامة" شعبه في نضاله من أجل الاستقلال، وأضاف يقول "لقد ترك رسالة كرامة ونضال من أجل استقلال الشعب الصحراوي". وأكد سفير كوبابالجزائر، راؤول نافاس، أن الرئيس الصحراوي كان "صديقا وفيا" لكوبا منوّها بكفاح "المناضل الكبير" من أجل استقلال بلده. فيما أشار سفير جنوب إفريقيا بالجزائر دونيس دلومو، إلى أن الرئيس الصحراوي كان "زعيما ومستشرفا ومثالا للنضال والكفاح من أجل استقلال الصحراء الغربية"، واستطرد قائلا "إننا مقتنعون بأن الشعب الصحراوي سيواصل كفاحه إلى غاية الانتصار"، مشيرا إلى أن جنوب إفريقيا "ستبقى دوما إلى جانب الشعب الصحراوي في كفاحه من أجل تقرير المصير". وفي نفس المنظور أكدت كريستينا امارال، ممثلة منظمة الأممالمتحدة، أن الأمين العام الأممي بان كي مون طلب منها تقديم تعازيه للشعب الصحراوي مشيدا بالرجل الذي كان طوال حياته "مكافحا من أجل السلم". وأعرب خيسوس غاراي، رئيس جمعية أصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لبلاد الباسك -اسبانيا- عن تضامنه مع الشعب الصحراوي في هذا الظرف الأليم، مؤكدا أن الباسك "ستساند دوما الشعب الصحراوي في نضاله من أجل الاستقلال".
هذه وصية عبد العزيز إلى شعبه: "أيها الصحراويون.. واصلوا الكفاح لنيل الاستقلال" أكد مسؤولون صحراويون أن الرئيس الصحراوي، الأمين العام لجبهة البوليزاريو، محمد عبد العزيز، ترك وصية لشعبه مفادها مواصلة الكفاح من أجل استقلال بلده، حسب ما أكده مسؤولون صحراويون. وصرح خطري أدوه، رئيس المجلس الوطني الصحراوي الذي يشرف على رئاسة الجمهورية بالنيابة لمدة 40 يوما قائلا "إننا نودع القائد، لكن روح الراحل محمد عبد العزيز ستبقى ترافقنا دوما من خلال التزامه من أجل شعبه وبلده". من جهته، أكد وزير الشؤون الخارجية الصحراوي محمد السالم ولد السالك أن الراحل كان "رجلا عظيما ناضل من أجل قضية عادلة ألا وهي استقلال الصحراء الغربية"، وأضاف أنه "كان مناضلا ملتزما وحقق تقدما كبيرا من أجل استقلال البلد".
وفدٌ من المناطق المحتلة يشارك في تأبين الراحل شارك وفد من المناطق المحتلة، أمس الجمعة، في مراسيم تأبين الراحل محمد عبد العزيز الوفد يتكون من لحبيب الركيبي، شقيق الراحل، والناشطين الحقوقيين الصحراويين أميناتو حيدار وأعلي سالم التامك، وعدد آخر من النشطاء. وقدّم الوفد المذكور تعازيه في وفاة الرئيس محمد عبد العزيز إلى الرئيس المؤقت خطري آدوه وأعضاء الأمانة الوطنية والحكومة وإلى عائلة الراحل، حيث تمت قراءة فاتحة الكتاب على روحه.