رمضان هذه السنة، قررت أن يكون مختلفا نسبيا، ويتماشى مع سياسة التكشف الحكومي على الشعب (وحده!). فقد تعودت أن أنفق مرتب 3 أشهر في شهر واحد لأقول "أني أصوم"! تصوروا هذه المفارقة عندي وعندنا جميعا: الصوم يتمثل في الزهد في الأكل والشرب والنوم من أجل العبادات وفعل الخيرات وعمل الصالحات! إلا أنا ومن معي في الفلك المشحون، حيث حوّلنا رمضان إلى "فيشطة" تدوم شهرا؛ شهر من المتع واللذات في الأكل والشرب وطول النوم، بل إننا نقترض أحيانا لكي نصوم! هذه المرة، قررت أن أتقشف قليلا، بل كثيرا، لكن فقط بما هو على حسابي، على حساب الآخرين، بمعنى أني لا أتقشف إلا في البيت، لكن حين أكون مدعوا مثلا، فلا تقشف ولا هم يحزنون، آكل حتى "أقول فيكس"، طبقا لمقولتي الشهرية وتعريفي "للشبعة"، حين سئلت يوما من طرف أصدقائي الأكولين: ما معنى الشبعة عندك؟ قلت لهم: الشبعة عندي، هي إذا ما وضعت أصبعي في فمي، لمست الطعام! هذه السنة، قررت في اجتماع عاجل لمجلس حكومة أهل البيت المكون من 12 ناقص 2 (بعد زواج 2 من بقرات البيت) وبقينا نحن 10 أفراد من بينهم 8 بقرات! إذ لا يوجد عندي سوى ابن ذكر معي أنا الذكر الأكبر! (لنقولها بصراحة، زوجتي هي الذكر الأعظم، هي رجل البيت، أما أنا.. فوالله ما على بالي بللي دخل واللي خرج!). اجتمعت مع قيادة الأركان وفرقة التدخل "الصريع" على طاولة قبيل رمضان بعشرة أيام، وهذا لتنظيم خطة التدخل والانسحاب والدفاع والهجوم.. كل هذا على ورقة بعرض الطاولة، كما لو كانت خارطة "ليطاماجور"! قسَّمنا أفراد وبقرات البيت إلى 3 أفواج: فوج يضم: البقرة الأم، مع 3 من بناتها الرضيعات وما فوق الرضاعة (أبنائي يرضعون عادة إلى سنة الدخول المدرسي! مما جعل أسنانهم وعظامهم قاسية كالحجر! خلافا لاثنين ممن لم يرضعوا إلا شهرين، فأسنانهم أكلها السوس وسقط معظمُها قبل سنّ العشرين!) الفوج الثاني بقيادتي ومعي 2 من البنات والابن الأوحد (10 سنوات). أما الفوج الثاني، فبقيادة الكابرانة رقية، الأم الثانية التي ستتزوج بعد العيد رفقة أختها الصغرى "حدهوم" (سميتها هكذا، أملا أن تكون هذا "حدهم" من الإناث والذكور على حد سواء!) الهدف من هذا الاجتماع هو دراسة خطة الانتشار السريع في رمضان حيث لن تشتعل نار في المطبخ ولا نار في الموقد ولا ماء في الكوزينة! على المطبخ أن يأخذ عطلة مدفوعة الأجر.. والتواب أيضا. قمنا بوضع لائحة باسم العائلات من الأقارب والأباعد الذين علينا أن نهجم عليهم كل مساء، وهذا بالنسبة إلى كل "فوج عمل"! كل فوج نسطر له برنامجا للتدخل السريع، والتكتيك المتبع ضمن الخطة الاستراتيجية العامة. هكذا، فالعائلة التي نقتحم حصونها اليوم من طرف الفوج الأول، ستكون غدا على موعد مع الفوج الثاني ثم اليوم الثالث مع الفوج الثاني الأصغر الذي يضم عنصرين فقط لتخفيف الأعباء على العائلة في اليوم الثالث. لكن ليس هذا معنى أن الفريق الثالث يكون دائما هو آخر واحد، لأنه بالطبع سيكون لدى العائلة الثاني هو الأوَّل المهاجم، فيما يكون الفوج الثاني هو الأول المهاجم على العائلة الثالثة، وهكذا دواليك. خطة محكمة ومضبوطة بعناية وإتقان! وكل هجوم، يكون متبوعا بتبرير من أجل تأهُّب العائلة لاستقبال الوفد الثاني والثالث كما نستقبل اللاجئين! فهذا سيهوِّن "المصاعب" ويذلِّل على المستقبلين المصائب، ويمهد للتابعين الطريق يوم غد وبعد غد، بلا متاعب!