بعد هجمات 11 سبتمبر، رفعت أمريكا شعار "مكافحة الإرهاب"، لكنها وسّعت دائرة هذا المفهوم ليشمل كذلك كل أنواع المقاومة ضد الاحتلال، ولهذا أدرجت في قائمتها السوداء كلا من حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وحزب الله في لبنان. . * كما سعت إلى التضييق عليهم ومحاصرتهم أمنيا وماديا في جميع الدول الغربيةهذه المناورة الأمريكية لقيت استنكارا شديدا من دول العالم الإسلامي التي دعت إلى ضرورة التفريق بين المقاومة المشروعة وبين الإرهاب، لأن الدمج بينهما في مصطلح واحد يعني ضمنيا فرض الرؤية الغربية الاستعمارية على الشعوب الضعيفة التي حُكم عليها بالانقياد التام للأسياد البيض، في عالم تحرر من منطق الاستعباد الفردي، ليدخل في منطق الاستعباد الجماعي للأمم والحضارات. * لقد استنكر العالم الإسلامي مبدأ الخلط بين المقاومة والإرهاب، لكنّ رموز المقاومة المتبقية تشهد الآن تلاشيا مخيفا جعلها تتماهى مع آلات العنف وصُنّاع الدمار، مثل ما حدث في العراق بسبب "فوضى المقاومة" بين تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين والجيش الإسلامي وكتائب العشرين وفلول حزب البعث وغيرهم، ومع امتداد "تنظيم القاعدة" الغريب والمثير للتساؤل في كل دول العالم الإسلامي بحجة دحر اليهود والقضاء على الصليبيين، ومع الصراع الداخلي الشرس بين رفقاء النضال في فتح وحماس، ومع توظيف مكاسب المقاومة التي يقودها حزب الله لصالح المشروع السياسي الإيراني. * العالم الإسلامي اليوم أصبح موحّدا بفعل وقوعه فريسة سهلة للإرهاب المتدثر بعباءات دينية، من باكستان إلى المغرب، كما أن العالم غير الإسلامي أصبح اليوم بدوره موحَّدا، بسبب وقوعه ضحية تنظيمات تزرع الموت باسم الدين، من الهند إلى أمريكا، مرورا بأوروبا، موئل الخلايا النائمة التي تنتظر إشارة الاستيقاظ، ويبدو الإسلام مثل القنطرة التي تعبر عليها الجماعات بين هذه الدول وتلك. * أمريكا اعتمدت سياسة الخلط المتعمّد والمُفتعل بين الإرهاب والإسلام.. في حين اعتمدت بعض التنظيمات الإسلامية سياسة الخلط غير المتعمّد بين الإسلام والإرهاب.. لأن صناعة الموت في كافة أنحاء العالم تتم للأسف باسم شريعة السماحة واليُسر والرحمة، حيث تحوّل الإسلام إلى مجرد مرادف للإرهاب.. فمن سيلوم أمريكا بعد الآن؟