هل نسي العرب هذه الجرائم ؟ بعد أن ارتفع عدد الشهداء في غزة إلى 400 شهيد وآلاف الجرحى، بدأت التحركات الدبلوماسية والسياسية لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين * وفي الوقت الذي ما تزال حركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية تتمسك بموقفها الرافض لأي تنازلات تكون على حساب الدماء التي سفكت في القطاع وأعلنت عن رفضها لأي تهدئة تساوي بين الضحية والجلاد، عقد وزراء الخارجية العرب أمس الأربعاء، اجتماعا محتشما في القاهرة استهله الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بخطابا شخص فيه الأسباب التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه حاليا في قطاع غزة، لكن بطبيعة الحال من وجهة نظر عربية.. * ومع أن عمرو موسى اعترف بأن المشكلة تكمن في الاحتلال وفي الحصار المفروض على غزة منذ شهور، إلا أن خطابه عكس بصورة واضحة حالة العجز الكبير التي تعاني منها الأنظمة العربية في مواجهة التحديات والجرائم التي ترتكبها إسرائيل بدعم واضح من القوى الدولية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة. وفي الوقت الذي كان الرأي العام الفلسطيني والعربي ينتظر أن يبادر العرب باتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان المتواصل منذ خمسة أيام والذي حصد 400 شهيد وآلاف الجرحى، اكتفى الخطاب العربي الذي نطق به عمرو موسى ووزير خارجية السعودية سعود الفيصل بموقف زاد في تعقيد الوضع وليس في حله، حيث أعطوا الأولوية لمصالحة فلسطينية عاجلة وخاصة بين فتح وحماس، وقال موسى في كلمته: "أطالب الفصائل الفلسطينية بالاجتماع فورا فورا للتوصل إلى اتفاق مصالحة وطنية.." في حين أحالوا مسألة الوقف الفوري للعدوان إلى مجلس الأمن الدولي الذي عودنا على المساواة بين الضحية والجلاد كلما تعلق الأمر بالصراع العربي الإسرائيلي. وقد كلفوا هذه المهمة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أعلن بدوره أمس الأربعاء، أنه أخبر الرئيس الأمريكي جورج بوش بالقرار. والغريب أن مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية هشام يوسف كان قد استبق الاجتماع الوزاري وقال إن "وقف العدوان الإسرائيلي لن يتم إلا بضغط حقيقي من الدول الكبرى على إسرائيل"، يعني أن الدول العربية لا تعرف كيف تلجم إسرائيل إلا بمساعدة الدول الكبرى، مع العلم أن هذه الدول هي نفسها التي تدعم المجزرة في غزة وقد أعلن البيت الأبيض مجددا دعمه لما يسميه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.. * من جهتها، اعتبرت حركة حماس ردا على الاجتماع الوزاري العربي بالقول إن الدعوة إلى إحالة القضية على مجلس الأمن يعني أن الدول العربية ترفع يدها عن القضية، كما أن هذا الأمر يعطي "الفرصة لإسرائيل من أجل الإجهاز على ما تبقى من غزة". وبخصوص الانقسام الفلسطيني، قال أبو زهري إن المسؤول عن عدم تحقيق المصالحة الفلسطينية هو "النظام الرسمي العربي"، و"عدم التوازن" في موقف الراعي الرسمي للحوار الفلسطيني الداخلي. ويأتي ذلك في الوقت الذي ماتزال الدول العربية منقسمة بخصوص عقد قمة رؤساء أم لا، فبينما أعلنت عشر دول موافقتها على عقد القمة يشترط ميثاق الجامعة على موافقة ثلثي أعضائها لعقد القمة، ما يعني أن هذه القمة باتت في مهب الريح. * وكان وزراء خارجية بلدان اتحاد المغرب العربي الخمسة قد عقدوا الثلاثاء، اجتماعا تشاوريا في العاصمة الليبية طرابلس، واتفقوا على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ودعم سكان القطاع بكل الوسائل. * وبينما يؤكد العرب عجزهم عن توقيف آلة الحرب الإسرائيلية المدمرة، تتخذ تركيا المبادرة، حيث شرع رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان في جولة أمس الأربعاء، في المنطقة استهلها بزيارة سوريا، حيث التقى بالرئيس بشار الأسد، في الوقت الذي تسربت أنباء تقول إنه اجتمع أيضا مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وقال أردوغان بعد لقاء الأسد: "الهدف من جولتي المساعدة على وضع حد لهذه التطورات الخطرة"، موضحا أن "الهجمات على غزة يجب أن تتوقف فورا وان يعتمد وقف إطلاق نار دائم بشكل عاجل لمنع حدوث تطورات لا رجوع عنها في المنطقة". وتشمل جولة أردوغان كذلك الأردن والسعودية ومصر. ورغم ارتباطها الاستراتيجي بإسرائيل، فقد اتخذت القيادة التركية مواقف مقبولة مقارنة مع نظرائها العرب، حيث أعلنت وقف وساطتها السلمية بين سوريا وإسرائيل وأدانت استخدام الدولة العبرية للقوة المفرطة في قطاع غزة. وعمليا أرسلت أنقرة قافلة مساعدات إنسانية مؤلفة من 11 شاحنة دخلت عن طريق باب الهوى في ادلب، 335 كلم شمال دمشق.