تصوير:احميدة.غ قاطعت العديد من العائلات الجزائرية احتفالات رأس السنة، وعلى غير عادتها، منعت دخول كل أصناف الحلويات والأطعمة الدسمة المعهودة لإحياء ليلة رأس السنة الميلادية التي عادة ما تكون مميزة وفرصة للمّ شمل العائلة، وتجمعت هذه المرة حول شاشات التلفزيون لمتابعة أخبار القصف الإسرائيلي وما خلفه من مآسي تضامنا مع ضحايا غزة. * زارت "الشروق اليومي" الخميس العديد من مخابز العاصمة أين وجدت كمّا معتبرا من حلويات "لابيش" المخصصة لاحتفالات رأس السنة التي لا زالت معروضة في الرفوف على عكس السنوات الماضية أين كانت هذه المحلات تعرف تدافع واصطفاف عدد كبير من المواطنين لشراء هذا النوع من الحلويات التي كانت تنفذ في الساعات الأولى من صباح آخر يوم من السنة. * التجار الذين وجدناهم في حالة حيرة لما ألم ببضاعتهم من كساد غير مسبوق أكدوا أن ما يجري في غزة وخروج الناس في وقفات وتجمعات جماهيرية في العديد من شوارع العاصمة جعل الزبائن "يستحيون" من شراء حلويات الاحتفال، وفي هذا السياق قال "ك. م" بائع في مخبزة ديدوش مراد بالعاصمة "السنة الماضية أغلقنا المحل في وجه الزبائن نظرا للإقبال الكبير على حلويات "لابيش" التي بعنا منها ما يزيد عن 300 قطعة كبيرة معظمها كان عن طريق الدفع المسبق، وما فاجأنا هذه السنة هو الإقبال المحتشم للعائلات على محلنا، والغريب في الأمر أن العديد من العائلات التي كانت لا تفوّت الاحتفالات برأس السنة وجعلت منه أمرا مقدسا لم تأت هذه السنة لاقتناء ما كانت تتهافت عليه في السنوات الماضية" ويضيف المتحدث "أنا شخصيا لم أكن أظن أن العائلات الجزائرية ستكون بهذا القدر من التضامن والقدرة على التضحية بأجمل يوم لها في السنة". * وفي حديثنا مع بعض العائلات التي لاقيناها يوم الأول من جانفي في مختلف شوارع العاصمة أكد لنا بعض الأولياء أنهم احتفلوا بليلة رأس السنة واشتروا مختلف أنواع الحلويات والأطعمة لإدخال الفرحة على أطفالهم الذين لا ذنب لهم لما يحدث في غزة، ولكن جل العائلات التي حاورناها شجبت الدمار والقتل والإرهاب الحاصل في غزة، وأكدت أن أقل ما يمكن أن تفعله هو مشاركة الفلسطينيين الجرحى آلامهم وأحزانهم بأقل شيء وهو الدعاء لهم وترك تقليد المسيحيين المتواطئين مع اليهود. * * وفي هذا السياق يقول بركاتي من العاصمة، طبيب وأب لخمسة أطفال "أنا لم أفوت في حياتي احتفالات رأس السنة، ولكني وجدت نفسي مجبرا على تربية أبنائي على التضحية ومشاركة أطفال غزة أحزانهم عن طريق شراء "شحيحة" وتعويد أبنائي على الإنفاق، أما لابيش فلم تدخل بيتي لأن عائلتي قررت إقامة صلاة التهجّد للدعاء أن يثبت الله أبطال غزة.." ما الحاجة رقية التي تملك أزيد من 12 حفيدا فإنها أعطت تعليمة لجميع أبنائها أن يجتمعوا عندها ويتبرع كل واحد منهم بما يستطيع أن يقدمه لفلسطين، وفي حديثها عن "لابيش" ضحكت وقالت: الذي يأكلها سوف يحاسب لأنه لا يملك قلبا.. * * غلاء المعيشة والهموم تسد شهية الجزائريين عن الفرح * * بدت العاصمة ليلة رأس السنة من خلال جولة قامت بها "الشروق" انطلاقا من حسين حين داي إلى تيبازة، على غير عادتها، حيث شهدت تراجعا في حركة المحتفلين بالسنة الجديدة، وإن كانت بعض الملاهي لم تغلق أبوابها في وجه بعض الراغبين في إحياء الليلة، فإن قاعات الحفلات والنوادي التابعة للدولة أجّلت سهرات رأس السنة حزنا على ما تعيشه الدولة الشقيقة فلسطين. * وإن عبّر بعض الأشخاص الذين وجدناهم في الشارع سواء كانوا ذاهبين للسهرات أو إلى بيوتهم، عن حزنهم على ما تتعرض له غزة جراء القصف الإسرائيلي عليها، وأرجعوا سبب الفتور في إحياء المناسبة إلى هذا السبب، فإن أصحاب قاعات الحفلات والمطاعم التي قصدتها "الشروق" بكل من تيبازة، وعين البنيان، وسيدي فرج وباب الوادي، أكدوا أن غلاء المعيشة، وطغيان الهموم في قلوب الجزائريين سدّ شهية الجزائريين عن الفرحة.