.. في مشهد لم أر مثله إلا في بريان، عندما رفع مواطنوها فوق كل منزل الراية الوطنية.. إحساس بوطنية كبيرة .. بعض مواطنيها ممن أحرقت منازلهم قالوا لنا: حتى لو أحرقت جذور النخيل لن نترك بريان. * عندما خيم الليل على بريان بعد تشييع جنازة الضحيتين، كان والي غرداية يتجول بين شوارع المدينة، وطوقت أفراد الأمن من شرطة ودرك جميع الشوارع .. في مشهد أشبه ما يكون بلقطات أفلام "الآكشن "، مشهد رد عليه أحد المواطنين .. متى نشعر أننا في بريان؟ يقاطعه آخر قائلا: عندما يختفي الملثمون.. عندما لا تحرق منازلنا مجددا. * لحظة خروجنا من المقبرة شارك مالكيون في تشييع جنازة الضحيتين من الإباضية، ليرد علينا قائلا: ".. نحن في النهاية مسلمون.. نتجه لنفس القبلة وهو الأهم ..". * عندما رفعنا أعيننا صوب منازل بريان وسط ذلك الهدوء الحذر، لمحنا عشرات الرايات مرفوعة فوق كل المنازل، سألنا أحدهم ليجيب "كل مواطني بريان يحتفظون في خزائنهم بالراية الوطنية، نعلقها على أسطح المنازل إفتخارا بجزائريتنا". * * أساتذة المؤسسات التربوية يطلبون من التلاميذ العودة للمدارس * فتحت أمس أغلب المؤسسات التربوية وناشد أساتذتها ومعلموها عودة التلاميذ لاستئناف الدروس من جديد على أمل تعويضهم جميع الدروس المتأخرة لا سيما منها لتلاميذ المرحلة النهائية من شهادة البكالوريا أو التعليم المتوسط، كما استبشر أولياء التلاميذ ممن أحرق الملثمون كراريسهم وكتبهم بعد تعهد وزارة التربية الوطنية بتسليمهم الكتب مجانا، وتكثيف دروس الدعم. * أما فيما يخص تنامي بعض الأصوات التي نادت بفصل أبناء تلاميذ المنطقة في مدارس منفصلة، أكد والي غرداية على هامش جولته في غرداية أنه مطلب مرفوض، وأن أبناء المنطقة سيتمدرسون مع بعض، لأنه لا وجود لخلافات تمنع من التعايش بين الطائفتين المسلمتين. * أما بالنسبة لأسعار الخضر والفواكه في المنطقة، فلم ترتفع بتاتا، بالرغم من نقص الإمداد بها، وأكد أحد التجار أنه مستعد لإهدائها مجانا، فيما استأنفت المخابز عملها لنهار أمس، كما عاد الممونون بالمواد الغذائية لا سيما منها الحليب للعمل وتوزيعه على باقي المحلات التجارية. * مصالح بلدية بريان أيضا عادت هي الأخرى لكنس شوارع المدينة من بقايا الزجاج والرماد، فيما علق أحد أعيان المنطقة "يا رب آخر مرة نكنس فيها الشوارع من الرماد والزجاج". * * شبعنا "مولوتوف".. لن نترك بريان ولو أحرق تراب النخيل * قرابة العشر بنايات بين محلات تجارية ومنازل تم حرقها في المواجهات الأخيرة، بطرق شتى مما أدى إلى إصابة بعض السكان والأطفال بحالات اختناق، تتحدث إحدى السيدات قائلة: "أربعون سنة وأنا أعيش في غرداية.. تزوجت هنا .. أنا من وهران، أنجبت أطفالا وأحببت بريان.. والله لقد شبعنا "مولوتوف"، كفانا مواجهات، كلنا جزائريين مسلمين"، يقاطعها رجل طاعن في السن أبى إلا أن يرفع صوته عبر الشروق اليومي قائلا: "أكتبوا .. أننا لن نترك بريان حتى لو أحرق تراب النخيل"، موقف حيا فيه الجماعة كلام الشيخ. * عندما قررنا ترك بريا.ن لأن وجودنا فيها لم يعد له معنى بعد عودة الأمن والهدوء، فضلنا التريث قليلا للحديث مع سكانها، وحتى استنشاق هوائها.. فبريان ليست دائما صورة سوداوية، فهي أيضا نقطة توقف للعديد من المارة من الطريق الوطني ممن تعودوا إحتساء الشاي داخل مقاههيها .. المقاهي التي ولو أحرقت ألف مرة لن تقتلع من جذورها على حد قول أصحابها. *