وزير الصحة واصلاح المستشفيات السعيد بركات مطالب بالتدخل علمت "الشروق" أن تقريرا خطيرا حول فضيحة استيراد قرابة 5.5 ملايين علبة مصل التلقيح ضد أنفلونزا الطيور وما تكبدته الجزائر من خسائر وصل الى جهات نافذة. * وهو الملف الذي حظي بمتابعة من مسؤولين لقطاعات عديدة كان لهم تمثيلا في اللجنة المشتركة وحدث هذا بعد تصريحات نارية لمدير مجمع صيدال السابق ملمحا حينها لهول الفضيحة. * تعود تفاصيل الفضيحة التي جرت محاولات إخفائها بعد تصريح صحفي لمدير مجمع صيدال عندما عرفت المخاوف من انتشار أنفلونزا الطيور حدتها، حيث قال حينها إن الجزائر دفعت ما هي في غنى عنه لاستيراد مصل التلقيح ضد أنفلونزا الطيور لدى أحد المخابر العالمية، في حين ان الدواء يصنع في الجزائر ورغم وفرته فضلت وزارة الصحة حينها اقتناءه من الخارج رغم انه كان بالإمكان ان لا تزيد التكلفة عن ربع الميزانية المدفوعة مقابل استيراده. * وكان الجدل الواقع حينها ان صيدال واجهت في بداية انتشار مرض أنفلونزا الطيور صعوبات في الحصول على ترخيص لإنتاج المصل الواقي منه لأول مرة، وكانت جهات أجنبية وراء ذلك مثلما تأكد فيما بعد، وكانت الضرورة تلح على استيراد حد أدنى من الدواء لمواجهة الكارثة، وكانت أول دفعة مقدرة بمليونين و500 ألف علبة مصل لتليها دفعة ثانية تم اقتناؤها سنة 2006 رغم ان خلالها كان مجمع صيدال قد تمكن من افتكاك رخصة صناعة الدواء في الجزائر، لكن هذا لم يكبح العملية ولم يغن الجزائر عن دفع إجمالي بقيمة لا تقل عن 660 مليار سنتيم مقابل استيراد لمجموع الدفعتين المقدر ب 5.5 ملايين وحدة مصل. * وكانت اللجنة المشتركة بين مختلف القطاعات التي عادة ما تتشكل في حالات مماثلة لمواجهة اي مخاطر بيئية او صحية قد لفت بعض أعضائها انتباه مسؤولي قطاع الصحة الى نقاط الظل كثيرة في مضمون الاتفاقية التي عجلت الوزارة بتوقيعها لدواع استثنائية، وهو ما يمنحها الضوء الأخضر في حالة مماثلة لإبرام صفقة تضمنت اقتناء 5.5 ملايين علبة مصل عن مخبر أجنبي كان أكبر المخابر المضخم للمخاطر التي قد تسجل في حالة عدم اقتناء هذا الحد الادنى من الدواء الى الجزائر. * بل وكان المخبر الذي انفردت الجزائر عن نظيرتيها تونس والمغرب بإبرام الصفقة معه قد فرض شروطا في حالة التراجع عن الصفقة بشكل يحول دون فسخها في حالة تمكن الجزائر من إنتاجه محليا في وقت لاحق وهو ما حدث بعد استلام الجزائر أول دفعة، حيث بعدها أصبح مجمع صيدال قادرا على توفير الكميات اللازمة في حالة ما اذا رغبت وزارة الصحة في ذلك. * لكن وبحجج كثيرة في مقدمتها الخسائر التي قد تنجم عن فسخ العقد تمسكت وزارة الصحة بالصفقة واقتنت الدفعة الثانية المقدرة بمليوني علبة. * الأهم في كل ما حدث فضلا عن الغلاف الحالي الذي دفعته الجزائر مقابل استيراد دواء تنتجه محليا هو ان هذه الكميات بعد سنتين من الآن ستكون تواريخ الصلاحية المحددة لها قد انتهت، وهو ما سيكبد الخزينة العمومية تكاليف باهظة، نظرا لارتفاع تكاليف الإتلاف لتلك الأدوية، والتي ستقتنى مجددا بالعملة الصعبة، كما ستتشكل بقايا مصل أنفلونزا الطيور مخاطر كيميائية سامة بعد تلف المخزون "غير المستعمل".