انكشفت بعد ثلاث سنوات إحدى أكبر فضائح قطاع الصحة وجماعات المصالح، التي كانت في خدمة مخبر أدوية أجنبي عمل كل ما في وسعه لتعطيل الترخيص لصيدال بصناعة لقاح أنفلونزا الطيور في الجزائر، وربح الوقت لتوقع الجزائر مجبرة ودون خيار آخر على صفقة اقتناء 5 ملايين علبة لمصل أنفلونزا الطيور بقيمة تقارب ال700 مليار سنتيم، وفي الأخير بقي الدواء مكدسا دون الحاجة لاستعماله، لاسيما وأن صيدال أصبحت تنتج اللقاح بعد إبرام تلك الصفقة المشبوهة• وكان وراء كشف خيوط الفضيحة بعض أعضاء اللجنة المشتركة التي أشرفت على عملية اقتناء الدواء بموجب صفقة مع مخبر أدوية أجنبي، عندما اجتاح مرض أنفلونزا الطيور العالم، الأمر الذي جعل من الدول التي لا تصنعه مجبرة على استيراده لمواجهة خطر العدوى وآثارها مثلما تقتضيه الاتفاقيات المبرمة مع منظمة الصحة العالمية• وبظهور البوادر الأولى للداء عملت عدة مخابر أجنبية تنافست على السوق الجزائرية، على إفشال محاولة حصول مجمع صيدال، حينها، على الترخيص بصناعة الدواء في الجزائر، على الأقل إلى غاية إبرام الصفقة مع وزارة الصحة• وكانت تلك المخابر، حسب ما تضمنته تقارير سرية، من أكبر من شنوا الحملة الدعائية والإعلانية لأدويتهم وإلى خطورة الداء، وكانت الجزائر إلى جانب دول أخرى سوقا خصبة لتسويق ما أمكن، خاصة أمام عجزها عن إنتاجه بسبب تعطل الترخيص• وبعد أن قدمت الجزائر عن طريق وزارة الصحة طلبية إلى المخبر الذي نجح في الحصول على الصفقة، بما حددته المنظمة العالمية للصحة ب5 ملايين علبة، أطلقت الجهات ذات المصلحة سراح الترخيص وأصبح بإمكان صيدال إنتاج المصل محليا، أسابيع فقط بعد دفع الجزائر لقيمة الواردات التي قاربت ال700 مليار سنتيم• وقالت مصادر "الفجر" أن هذه الكمية من الأدوية المكدسة في مخازن الجزائر ليست بحاجة لها، بل والأكثر من ذلك فإن مصادرنا لم تستبعد أن تكون صلاحيته قد انتهت، لاسيما وأن الدواء من النوع الذي لا يطول تخزينه، فهو ينتج لطابعه الاستعجالي لأنه يستعمل فور وصوله ولا يدخر للحالات الطارئة، وهو ما تؤكده معدلات الإنتاج في المخابر العالمية وحتى في صيدال، حيث ينتج فقط بالمقدار المطلوب• وفي سياق متصل فإن الفضيحة التي تم التستر عليها عصفت بعد وصول بعض المعلومات عنها لأصحاب القرار، بعدد من المسؤولين الذين استجابوا لتعليمات المنظمة العالمية للصحة دون تريث أو حتى فسخ العقد بعدما أصبح المصل ينتج محليا، من أجل تفادي خسائر مضاعفة• وإن كانت مصادرنا تفادت تحديد المسؤولية المباشرة لجهة أو أخرى، غير أنها أكدت أن الطابع الاستعجالي وما قامت به بعض مخابر الأدوية الأجنبية في تعطيل الترخيص لصيدال في الحصول على التصريح بصناعة الدواء في الجزائر، هي الأسباب الرئيسية للخسارة التي تكبدتها الجزائر في هذه الصفقة•