منسق سفينة الاخوة لكسر الحصار لا يريد التراجع يصر السيد هاني سليمان على مواصلة سعيه لكسر الحصار الظالم على غزة، من خلال إطلاق مبادرة جديدة بانتفاضة سفن عربية تنطلق في نفس اللحظة وتتجه نحو قطاع غزة، ويكشف في حديثه مع الشروق اليومي تفاصيل مبادرة "سفينة الأخوة" اللبنانية التي فضحت الكيان الصهيوني، وكيف تحول التحقيق بين السجان والسجين، إلى السجين والسجان. * * بداية أستاذ هاني كيف راودتكم فكرة باخرة الأخوة؟ * - انعقد في دمشق ملتقى "حق العودة"، وقد حضره ممثلون عن 54 دولة عربية وأجنبية، وأكثر من 5 آلاف مندوب. وعلى هامش هذا المؤتمر التقى ممثلون عن المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية، وتدارسوا كيفية مواجهة الحصار على غزة وكسر هذا الحصار. وكانت في لبنان، تنفيذا لهذه التوصية، نشأت لجنة اسمها لجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار على غزة، تدارست هذه اللجنة أشكال وكيفية دعم أهلنا في غزة، فكانت فكرة هذه السفينة التي تنطلق من الأرض اللبنانية باتجاه غزة لكسر الحصار حاملة معها المواد الطبية من أمصال ودم وأدوية وألعاب أطفال إضافة إلى مساعدات غذائية. هذه هي الفكرة التي تبلورت من خلال هذه الاجتماعات وهذه اللقاءات، وقد التقت ما يقارب 40 هيئة مدنية اجتماعية شعبية وثقافية وناشطة في مجال حقوق الإنسان وهيئات طبية تعاملت فيما بينها من أجل جمع التبرعات، وبالفعل هناك من تبرع بقضايا عينية ومادية من أجل استئجار السفينة ومن أجل شراء بعض الحاجيات والأدوية التي طلبها أهلنا في غزة عبر الفاكس وزودونا بها على سبيل الاحتياجات الطبية. * * هل نسقتم مع السلطات اللبنانية والمصرية خاصة؟ * - نعم، نحن أبلغنا السلطات اللبنانية أن السفينة ستنطلق، وقد أخذت علما بذلك وانطلقت السفينة، أما فيما يخص السلطات المصرية فحينما تعرضنا للاعتراض من قبل البحرية الصهيونية على بعد 100 ميل في البحر في المياه الدولية، أبلغناهم أننا لازلنا في المياه الدولية، ولا شأن لكم بنا، فاتجهنا إلى العريش كي ننحرف سريعا إلى غزة، فهناك المسافة قريبة بين العريشوغزة كما تعلم، بوصولنا إلى المياه الإقليمية المصرية أبلغنا السلطات المصرية بذلك فلم نلق جوابا لا سلبا ولا إيجابا، وبدخولنا إلى المياه الإقليمية الفلسطينية وعلى بعد 6 أميال من غزة، اعترضتنا البحرية الصهيونية، حيث كانت في الليل على مدار 14 ساعة تهددنا وأنها ستغرق السفينة إذا نحن استمرينا في اتجاه غزة، فقلنا لها وجهتنا غزة وليس أي هدف آخر سوى غزة، فهددتنا بإغراق السفينة، فقلنا لها لقد نطقنا بالشهادتين ودمنا ليس أغلى من دم أهلنا في غزة، فلما انعطفنا باتجاه غزة واجهتنا البحرية الصهيونية التي كانت سابقا تهدد، فانتقلت إلى تنفيذ التهديد وحصل الإنزال على السفينة من قبل البوارج الإسرائيلية ومن قبل هيلكوبتر طيران حربي إسرائيلي. * * هل وجهتهم نداء استغاثة للسلطات المصرية من أجل إنقاذكم؟ * - كلا لم نرسل أي نداء، كنا صرنا في المياه الإقليمية الفلسطينية، ولم نطلب النجدة، وقد حصلت مواجهة فيما بيننا على متن السفينة، ضربونا وضربناهم، شتمونا وشتمناهم، ونظرا لحجمهم الكبير وعددهم وسلاحهم، استطاعوا ان يسيطروا علينا، فاعتقلونا واقتادونا الى ميناء اشدود. * * مراسلة الجزيرة التي كانت معكم على متن السفينة أشارت في تقريرها أن البحرية الصهيونية اعترضتكم في المياه الإقليمية المصرية؟ * - كان بين المياه الإقليمية المصرية وبين المياه الإقليمية الفلسطينية، لا يمكن أن نحدد بدقة، لكن حينما اخترقنا المياه الإقليمية الفلسطينية حصل الإنزال علينا. * * هل كنتم تتوقعون مثل هذه المواجهات العنيفة مع القوات الإسرائيلية؟ * - طبعا كنا نتوقع أن تعترضنا البحرية الصهيونية وترغمنا على العودة أو تضرب السفينة فتؤدي إلى عطبها، لم يكن يدور في تفكيرنا أنهم سيقومون بالإنزال على السفينة، الحمد لله حصل الإنزال وواجهناهم كرجل واحد، والسفينة أدت كل أهدافها، لأن البضاعة قد وصلت بإذن الله إلى غزة، بضغط من هيئة المجتمع المدني والصليب الأحمر بغزة، وقد حصل خرق للحصار، وبقي جزء من البضاعة، ونحن نعمل لإيصالها لأهلنا في غزة. * * وماذا بخصوص السفينة؟ * - هناك عدد من المحامين تطوعوا مجانا لتقديم دعوى أمام القضاء الإسرائيلي من أجل إعادة السفينة إلى لبنان. * * هل لكم أستاذ هاني أن تروي لنا بعض مشاهد عملية اقتحام السفينة من قبل البحرية الإسرائيلية؟ * - في البداية على مدى 14 ساعة، طوال الليل كانوا يهددون ويقولون: "نحن ننفذ ولا نتوعد، نحن سنغرق السفينة"، والتهديدات حصلت طوال 14 ساعة، وعندما وجدوا إصرارنا في الذهاب إلى غزة، تحولت لهجتهم من التهديد إلى المناشدة: "نرجوكم، نرجوكم، نرجوكم عودوا من حيث أتيتم" حين وجدوا إصرارا شديدا عندنا حصل الإنزال وعدد كبير من الجنود الصهاينة نزلوا على الباخرة، وكان معنا المطران الاريو كابوش، مطران القدس السابق، وناشطة من غزة الحرة جنسيتها سكوتلنديا، فوقعت بيننا مواجهات وتعاركنا وإياهم، فكان العراك الأكبر من نصيبي، ضربوني، وضربتهم، لكموني فلكمتهم أيضا، وعندما سيطروا علي كانت مصورة تلفزيون الجزيرة، ومصورة "نيو تي في" اللبنانية، تصور المعركة الناشبة بيني وبينهم فانتزعوا الأشرطة والكاميرات بالقوة، وتعرضوا للنساء بالضرب أيضا، طبعا كنا بمعنويات عالية جدا، كنا نتصرف كرجل واحد، وبصوت عال، نجابههم، نصرخ في وجههم، نقول لهم: "أنتم المحتلون، وشعب غزة يستهل منا ان نضحي من أجله". * * أخذوكم للتحقيق، ماذا عن هذه المرحلة..عملية القرصنة؟ * - طبعا عملية قرصنة، حينئذ قيدوا أيادينا وعصبوا أعيننا، واقتادوا السفينة إلى ميناء اشدود، وهناك بدأت التحقيقات معنا: "من أين أتيتم؟ وماهي البضاعة؟ومن مول هذه السفينة؟ وقالوا لنا "نحن متأكدون ان السفينة من تمويل حزب الله، وان حزب الله من ورائكم"، وبالمناسبة أنهم يخشون، كثيرا كثيرا، حزب الله، وقوة المقاومة في لبنان، لأن قيادة المقاومة أبلغت المراجع العربية والدولية انه في حال تم أسرنا فإن قيادة المقاومة ستتصرف على أننا رهائن لدى العدو الصهيوني وستعمد على تحريرنا بالقوة والى اختطاف عدد من الجنود الإسرائيليين بهدف المبادلة أيضا. * * ماذا عن عملية التحقيق معكم شخصيا؟ هل استعملوا التعذيب معكم، ماذا وقع بالضبط؟ * - بعد عملية الاعتقال، والضرب والركل، ولازلت إلى اليوم أعاني من ضيق التنفس بالصدر، ومن جرح في الرأس هنا وهنا-يشير بإصبعه إلى مكان الجرح-انتهى الضرب والتعذيب وبدأ التحقيق حول السفينة وحول مصدر تمويلها وكل ما من شأنه أن يفيدهم في التحقيق، فقلت لهم أنا المسؤول عن السفينة، ومسؤول عن تمويلها، وأنا أجريت عقدا مع السفينة، وأجريت الاتصال بكل هيئات المجتمع المدني في لبنان، فتحول التحقيق من محقق مع أسير، إلى أسير محقق مع العدو الصهيوني، أنا كنت أحقق معه، قال لي "لماذا أتيتم إلى لبنان، وان غزة محاصرة، انتم تخرقون القانون الدولي؟"، فقلت له: "غزة محاصرة بشعبها وأهلها ولا تخرقون القانون الدولي، ونحن نخرق القانون الدولي؟سألني عن التمويل وعن حزب الله، فقال انتم تابعون لحزب الله، لأن حزب الله يزود غزة بالسلاح، وأنتم تزودونها بالدعم السياسي، فقلت له لا علاقة لنا بحزب الله، نحن من المجتمع المدني، كان خائفا كثيرا، قال "اتستجوبونني؟" قلت له: "نعم استجوبك" قلت له: "ما طبيعة هذا الكيان عندكم الذي يتضرر من الحرب والسلم، أنا أعرف أن اليهود من عظماء العالم، هم مبدعون خارج إسرائيل، بينهم المفكرون والباحثون والاستراتيجيون، أما في قلب دولتكم -دولة الكيان الإسرائيلي- لا مجال للإبداع، لقد حولتم إسرائيل إلى ثكنة عسكرية لا مجال فيها للإبداع الإنساني، تقاتلوننا منذ 60 سنة، ونقاتلكم منذ 60 سنة، لأنكم تريدون احتلال أرضنا، ولن تنتهي هذه الحرب إلا بتحرير أرضنا منكم"، كان متراجعا بالأسئلة، وأنا كنت متقدما بالأسئلة، كانت معنوياتي والحمد لله عالية جدا عليه، هو كان يسأل ويسجل الإجابات التي أجيب عنها، كان يسأل فأجيب بسؤال، لماذا أنتم تفعلون كذلك بالشعب الفلسطيني، لدرجة أنني قلت له إن الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، أعطاكم مالم تحلموا به، وبالرغم من ذلك لم تستطيعوا تحمله، فسممتموه، قال: "نحن قبلكم في هذه الأرض"، قلت له: "غير صحيح، حتى لو كان هذا صحيحا، فإنكم لا تستطيعون العيش مع غيركم كيهود، نحن أبناء هذه الأرض، حتى اليهودي نستطيع أن نعيش معه على هذه الأرض، أما اليهودي الذي أتى من الخارج، فهو محتل ومستوطن"، سألني باللغة العربية "لماذا تأتي إلى غزة؟" فقلت له: "أنت تتحدث العربية، لو لم تتحدث العربية، لكنت سألتك من أين أتيت؟ من الشيشان؟ أو من بولونيا؟ أو من فرنسا؟، أو من هولندا؟ هذه الأرض تجلبون إليها كل يهود العالم لتستعمرونها، دعوهم يعيشون في بلدانهم، لا تستطيعون أن ترغمونا على التخلي عن هذه الأرض". * * كم استغرق التحقيق معكم؟ * - الحصار 14 ساعة والتحقيق استغرق 14 ساعة. * * هل تحركت * - للحقيقة رئيس الجمهورية اللبنانية اتصل بالامين العام للامم المتحدة، وبالسيد عمرو موسى، ورئيس مجلس النواب السيد نبيه بري، والرئيس فؤاد السنيورة، أجروا الاتصالات الدولية بكل من فرنسا وبريطانيا ايضا، إضافة ان المقاومة هددت، وهو العامل الاساسي والحاسم في الافراج عنا، وبالفعل فقد حصل الافراج في ساعة متأخرة من الليل. * * ماذا عن لحظات الافراج، هل كنتم تتوقعون الإفراج عنكم سريعا؟ * - لم يبلغونا أبدا بأنهم سيطلقون سراحنا، وضعونا في سيارات سجون، كمساجين، وانطلقوا بنا نحو الناقورة، في الحدود الفلسطينية اللبنانية، فكنا نقرأ الإشارات _نحو الشمال-نحو الشمال-فتأكدنا اننا متجهون نحو الجنوب، وأطلق سراحنا بحضور ممثلين عن الأممالمتحدة، والصليب الأحمر الدولي أيضا. * * أستاذ هاني لو أتيحت لكم الفرصة للذهاب الى غزة، فهل ستكرر نفس التجربة؟ * - سألني المحقق اذا خرجت من هنا الى أين أنت ذاهب؟ فقلت له: "أنا عائد الى غزة"، فقال "لا، أنت ذاهب الى الحبس" فقلت له : "أتمنى ان تحبسوني، وان تحاكموني، لأنني هذه اللحظة سأراها مناسبة لأحاكمكم على جرائمكم بحق الشعب الفلسطيني، وبحق شعب غزة، الذين قتلتم منه آلاف الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة". * * اذن ستكررون نفس التجربة؟ * - باذن الله نحن نحضر لانتفاضة سفن، من تركيا تحدثنا مع هيئات المجتمع المدني في تركيا التي تحضر لإرسال سفينة، ومن لبنان ومن مصر والمغرب والبحرين وتونس والجزائر واليمن، يبدو ان هناك انتفاضة سفن ومن المتوقع ان تكون هذه الانتفاضة وانطلاقتها في مطلع شهر مارس المقبل. * * كيف ستكون هذه الانتفاضة؟ * - كل مجموعة في كل بلد تحضر السفينة بالتبرعات وتستأجر السفينة وننسق فيما بيننا في انتفاضة سفن باتجاه غزة، وفي نفس الوقت تنطلق. * * هل تتوقع نجاح هذه الانتفاضة؟ * - أقول لك إن لله رجال إذا أرادوا أراد، نحن مصممون، وبإذن الله سننجح، ما مات حق وراءه مطالب. * * هل بدأتم في تنفيذ هذه المبادرة أم هي الآن مجرد مشروع؟ * - بدأنا نحن هنا في تركيا، واتصلنا بالمؤسسات المدنية التركية التي أعلنت استعدادها لذلك، الإخوة في البحرين وفي الجزائر التقينا بهم هنا وفي اليمن وعدد من الاخوة في اليونان كذلك. ستنطلق هذه السفن وسيكون عليها ناشطون أوروبيون وأعضاء في البرلمان الأوروبي. * * أتمنى لكم التوفيق..