حذّرت وكالة الحوض الهيدروغرافي التي تدير 17 ولاية بمناطق الجنوب من التراجع المستمر للمياه الجوفية بسب الإسراف في الاستعمال والانخفاض المستمر لمنسوب المياه الجوفية، لدواعي مختلفة منها زيادة الاستثمارات مع مرور الوقت وتضاعف عدد الآبار المكلفة وتدنّي النوعية نظرا لكثرة الملوحة، فضلا عن ارتفاع سعر المتر المكعب من الماء. وتوضح آخر الأرقام أن المخزون النظري يقدر ب 60 ألف مليار متر مكعب ولو اكتفينا باستخدام واحد على عشرة من المخزون بالجنوب فإننا سوف نتحصل على تدفق يساوي 100 متر مكعب في الثانية على مدى ألفي سنة وبطريقة مستديمة، غير أن الواقع لا يعكس هذه المؤشرات المسجلة للدواعي المذكورة. وقد تبين بعد عملية الجرد المعلوماتي بمواقع المياه والتدفقات في الطبقتين المركب النهائي والمتدخل القاري، أن نسبة التدفق تصل إلى 50 مترا مكعبا في الثانية في وقت يبلغ العدد الإجمالي للآبار 3025 بئر منها 700 فوقارة.وكشفت الدراسات المنجزة في هذا الجانب أن المياه الصالحة للشرب وتلك الموجهة للسقي في الجهات الصحراوية في وضعية حرجة، وإن كانت الاحتياطات المائية كافية في الوقت الحالي فإن النوعية من الناحية الفيزيوكيمائية سيئة للغاية بسبب نسبة تركيز الملوحة العالية، ويعتبر مصدرها جيولوجيا يتعلق بتركيبة المناطق، كما ازداد هذا الوضع حدة لنقص تسيير المياه الجوفية، مما تسبب في زيادة الأملاح.وفي السياق ذاته، سارعت السلطات المحلية بورقلة إلى برمجة 10 محطات لتحلية المياه إحداها بمدينة تقرت بقدرة معالجة تزيد عن 34 ألف متر مكعب بالإضافة إلى 73400 متر مكعب يوميا ل 9 محطات مبرمجة بوسط المدينة قصد الخروج من دائرة الغضب المتزايد من طرف المواطنين الذين طالبوا بضرورة إيجاد حلول سريعة لهذا الإشكال القديم سيما قضية تسديد فواتير بمبالغ كبيرة مقابل مياه لا تصلح حتى للاستعمال. وتعمل الوكالة ذاتها من خلال البرامج المسطرة على منهجية حشد الموارد المائية وذلك بإنجاز 60 حاجزا مائيا بالأغواط وتشييد سد جوفي في أدرار وآخر بتمنراست، ناهيك عن حفر بئر ألبياني بمنطقة تماسين بعاصمة الواحات، وردم 50 بئرا بترولية محولة إلى مائية وتجهيز 2500 متر طولي من الآبار وتزويدها بالكهرباء بغرداية، وتحويل مياه الشرب إلى بسكرة انطلاقا من طبقة "دروح" وكذا ترميم القناة الرئيسية بولاية بشار. وتقود ذات الوكالة منذ سنوات حملات تحسيسية وإصدار قسيمات مرفقة بفواتير الجزائرية للمياه تحث المستهلكين على وجوب الاقتصاد وعدم التبذير خوفا من أزمة وشيكة.