* أزيد من 20 ألف شالي بالعاصمة وبومرداس كانت رائحة القذارة لا تطاق... لأنه بكل بساطة لم تعد هناك قنوات للصرف الصحي... شاليهات شاغرة سرقت محتوياتها أو تركها منكوبوها فتحولت إلى أماكن مفضلة لممارسة الفسق بعيدا عن أعين الأمن... وأخرى حولتها مافيا الليالي الحمراء إلى ملاهي ليلية دون رخصة رسمية... »الشروق« تخترق كواليس شاليهات المنكوبين.كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحا ذات يوم جمعة كنّا في أحد مواقع البناءات الجاهزة بالجهة الشرقية للجزائر العاصمة وبالضبط في شاليهات عين الكحلة التي تضم 450 سكن جاهز، بدت السكنات هرمة بعد أن مر عليها أزيد من خمس سنوات... جدران هشة وحشائش كثيفة... شاليهات مرقعة كل حسب طريقته وروائح قذرة اخترقت حاسة الشم لدينا. أشار لنا أحد السكان إلى مصدرها، كانت برك كبيرة من المياه القذرة المتجمعة تحت كل شالي بعد انسداد قنوات الصرف الصحي التي لم تعد تتحمل بعدما تم تهيئتها للاستعمال بصفة مؤقتة، إلا أنها أصبحت غير ذلك.مرت 5 سنوات على زلزال 21 ماي 2003 ، تدهورت فيها وضعية الشاليات، فالمادة التي صنعت منها لم تعد تتحمل تعاقب الفصول ببردها وحرها، زادت معها معاناة السكان مع الأمراض العديدة المزمنة التي أصيبوا بها رجالا ونساء وشيوخا وخاصة الأطفال، حيث نجد في شالي واحد أكثر من ثلاثة أفراد أصيبوا بأمراض الحساسية ويتربع داء الربو على عرش الأمراض المزمنة، زيادة على أمراض الحساسية الجلدية التي تزداد حدتها خلال فصل الصيف... داء السكري والضغط الدموي والسل وغيرها. من جهة أخرى أكدت لنا مصادر طبية التزايد المرعب لعدد المصابين بداء الربو خلال الخمس سنوات الأخيرة بسبب الحساسية التي تسببها المادة التي صنعت منها هذه السكنات. شاليهات للفسق وأخرى للخمر والمخدرات عين الكحلة، الرغاية، عبد القادر شابو، بوقرة بوعلام، زموري... ومواقع أخرى تشترك في نقطة واحدة... شاليهات للفسق... يتحدث السكان في حي الضفة الخضراء ببرج الكيفان عن توافد أشخاص غرباء عن الحي، كما يشهد البعض أن الحي أصبح نقطة سوداء في المنطقة، البعض منهم أخبرنا أن هذا الحي الذي يضم أزيد من 1776 عائلة كثيرا ما شكل نقطة سوداء لسكان الحي بسبب إقدام بعض الأشخاص الغرباء عن السكنات الجاهزة على ممارسة بعض الطقوس غير الأخلاقية بمجرد قدوم الليل، بل إن البعض منهم يمارسها في وضح النهار وأمام مرأى السكان، وتتكرر مثل هذه التصرفات في كل النقاط التي زرناها... بل إن ملامح الفسق كانت واضحة سواء من خلال الكتابات التي دونت علنا على جدران الشاليهات أو من خلال قارورات الخمر المرمية في كل زاوية من المكان. وفي هذا السياق، سجلت عناصر الشرطة بالمقاطعة الإدارية للدار البيضاء أزيد من 18 جريمة على مستوى المواقع التابعة لذات المقاطعة التي تضم 17 موقعا. سطو، اعتداءات... وسمسرة في الشاليهات الحديث عن السرقة داخل الشاليهات تتعدد طقوسه، حيث تتكرر حوادث السطو على ممتلكات المنكوبين حتى في وضح النهار سواء كانوا داخلها أو خارجها. وتروي لنا إحدى السيدات »حياة« أنها تفاجأت بوجود لصّ يخرج من أسفل الشالي وهي في المطبخ بعد أن قام بثقب أسفل أرضيته.وقد بررت مصادر أمنية استفحال عمليات السرقة والسطو بذات المواقع إلى عدم تجانس التركيبة البشرية، حيث تسجل ذات المصالح العديد من القضايا الإجرامية من خلال عمليات المداهمة التي تقوم بها بصفة دورية، فمن بين 10 حالات لمختلف القضايا سواء تعلق الأمر بعمليات الاقتحام الفوضوية، تعاطي وحيازة المخدرات، الفعل المخل بالحياء، السرقة عن طريق الكسر، تسجل مصالح الدرك معدل 4 حالات بالبناءات الجاهزة. وفي هذا السياق، سجلت مصالح أمن الدارالبيضاء مؤخرا اقتحام 6 عائلات بدرقانة لشاليهات شاغرة وأمثلة أخرى كثيرة في عين الكحلة وحوش بن دالي، أبيلا ببرج الكيفان ودرموش ببرج البحري، كما يتحدث قاطنو البيوت الجاهزة عن حصول بعض الأشخاص غير المنكوبين عن شاليهات بواسطة تلاعبات وتواطؤ من جهات رسمية مقابل مبالغ مالية للحصول على صفة منكوب كمقدمة للاستفادة من سكنات اجتماعية. مدير السكن يعد بترميم الشاليات والسكان يطرحون مشكل نهاية صلاحيتها أكد مدير السكن لولاية الجزائر في لقاء خاص بالشروق اليومي، أن جميع الشاليهات المتضررة سوف تخضع لعمليات الترميم في الأيام القادمة وقد قدر عددها ب745 شالي من بين 6619 شالي على مستوى ولاية الجزائر. من جهة أخرى أكد لنا سكان أغلب المواقع التي زرناها بالجزائر وبومرداس أن الشاليهات التي يقيمون بها منذ 5 سنوات لم تخضع لعمليات الترميم من قبل، رغم الوضعية التي آلت إليها، في الوقت الذي تم تهيئتها للإقامة بصفة مؤقتة لا تفوق مدة 18 شهرا. ولعل الوضعية التي آلت إليها اليوم تدعو إلى التفكير الجدي لإعادة إسكان قاطنيها الذين استعملوا مختلف الوسائل المتاحة لهم لترقيعها، إلا أنها لم تعد تجدي نفعا... »نعاني في الصيف كما في الشتاء، حيث تتحول أرضية الشاليات إلى مستنقعات بالماء فيضطر السكان إلى ترحيل أبنائهم إلى أقاربهم، كما فعل أحدهم الذي بقي يحرس مسكنه بعد أن رحّل عائلته إلى بيت أخيه، وتحولت الشاليهات إلى أماكن مفضلة لعيش الجرذان والأفاعي التي يتعدى طولها المتر«.من جهة أخرى، شدد نورالدين موسى عبر مختلف الزيارات التفقدية للمشاريع السكنية بالعاصمة على أن أولوية برنامج القضاء على السكن الهش ستكون وفق خطة محددة تشمل في البداية استكمال البرنامج الاستعجالي لإعادة إسكان أصحاب الشاليهات الذين ينتظرون منذ زلزال 21 ماي 2003. كما وعد مدير السكن بإعادة إسكان المنكوبين في إطار برنامج 2008 المسطر من قبل والي الجزائر. وأكدت مصادر رسمية من ديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية بومرداس، أن عدد السكنات المزمع تسليمها مع نهاية السنة الجارية في إطار مواصلة عملية إسكان منكوبي الزلزال، تصل إلى حوالي 1000 وحدة سكنية، فيما تبقى الوحدات السكنية والمقدرة ب2000 مسكن في طور الإنجاز والتي وصلت نسبة الأشغال بها إلى 70٪. وفي سياق متصل، أضافت ذات المصادر أنه سيتم مع نهاية 2008 استلام 160 وحدة سكنية من حصة 1400 وحدة من البرامج السكنية الاجتماعية الإيجارية القديمة لسنوات 2001 إلى 2003.