الجزائريون ضحايا لُعبة "المخابرات الأجنبية" و "القاعدة".. يعيش حوالي 84 جزائريا يقيمون بعدة مدن يابانية منذ عام 2004 حملة مراقبة متعددة الأوجه من قبل الشرطة حولت حياتهم إلى جحيم بسبب رعية فرنسي يدعى ليونال ديومون، يدين بالإسلام موضوع بحث بسبب الانتماء إلى تنظيم "القاعدة"، ودخل إلى طوكيو بوثائق مزورة عام 1999 وجمعته بهؤلاء الجزائريين معاملات تجارية وعلاقة صداقة دون علمهم بهويته الحقيقية. * جزائري يحرم من زوجته وأولاده بطوكيو مدة 4 سنوات بسبب شبهة الإرهاب وتعد قصة "جمال.ح" وهو شاب من العاصمة متزوج من يابانية وله ثلاثة أولاد، دخل اليابان عام 1995 واجهة لهذه المعاناة، إذ سبب له لقاؤه مع ليونال ديمون مشاكل قضائية واجتماعية معقدة متواصلة طيلة أربع سنوات، حيث منع من دخول اليابان ومن رؤية عائلته وضياع تجارته منذ سبتمبر 2004، تاريخ توقيفه بمطار باريس وهو في طريقه إلى طوكيو ووضعه تحت الرقابة القضائية رغم أن التحقيقات في ملفه بفرنسا والمتواصلة إلى اليوم، والتي يقودها قاضي الإرهاب جون لوي بروڤير لم تتوصل إلى دليل واحد لإدانته في هذه القضية. * خطوط تحت التصنت والقنوات العربية ممنوعة ويوجد "جمال" حاليا بالجزائر بعد استفادته شهر نوفمبر الماضي من إجراء قضائي في فرنسا يسمح له بالتنقل إلى الجزائر قادما إليها من مدينة سانت ايتيان الفرنسية مكان إقامة شقيقته التي وجد نفسه مجبرا على الإقامة في بيتها منذ 8 سبتمبر 2004 تاريخ وضعه تحت الرقابة القضائية بفرنسا بعد فترة توقيف. وفي لقاء مع "الشروق" يحكي "جمال" قصته التي يصفها ب "المأساة" والتي كشف عبرها المعاناة التي يعيشها منذ قرابة أربع سنوات أكثر من 80 جزائريا بعدة مدن يابانية بسبب شبح تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية "و كل من اتصل به للاطمئنان على حالته يتفاجأ بتنقل أفراد الشرطة اليابانية إلى بيته للتحقيق معه، لأن كل خطوطهم الهاتفية تحت التنصت بما في ذلك موظفو القنصلية الجزائرية"، مضيفا: "الجزائريون في اليابان ممنوعون بعد هذه الحادثة من اللقاءات الحميمية في المناسبات والتردد على المساجد وحتى الحديث إلى بعضهم البعض، وكل تحركاتهم تحت الرقابة المشددة"، ليكشف أن "السلطات اليابانية كانت تمنعنا حتى من متابعة القنوات العربية خلال السنوات الأخيرة". أما بالنسبة لقضيته، فيقول جمال الذي يعاني من المرض انه لن يسكت على ما عاناه طيلة منذ عام 2004 "لأنهم بسبب شبهات دمروا حياتي وأنا مستعد للوصول حتى إلى محكمة لاهاي لاسترداد حقوقي، لأنني فقدت كل شيء منذ توقيفي في فرنسا وتجارتي في اليابان ذهبت، وزوجتي وأولادي عاشوا المعاناة بعد رحيلي رغم أنني بريء". وكشف تقرير قضائي تحصلت "الشروق" على نسخة منه، من دفاع جمال بفرنسا، تفاصيل هذه القضية المعقدة من بدايتها، ليشير أنها خرجت إلى السطح وانكشفت خيوطها في ديسمبر 2003، تاريخ توقيف المدعو ليونال ديومون بألمانيا وتحويله إلى فرنسا، هذا الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام بالصور سمح باكتشاف شخصية ديومون الحقيقية من قبل من عرفه من الجالية العربية والمسلمة باليابان تحت تسمية "جيرالد تينت الياس سمير". ويؤكد محامي جمال أن العلاقات التي ربطها هذا الشخص مع موكله لم تكن تخرج عن صفة علاقة مسلم بآخر، وذلك خلال لقاءات كانت تجمع أفراد الجالية الإسلامية في المناسبات الدينية وفي المساجد إلى جانب نشاطه التجاري بحكم أن المدعو سمير كان يعمل في محل لأحد الرعايا الباكستانيين الذي يتردد عليه المسلمون لاقتناء السلع "الحلال" إلى جانب تجارة السيارات التي كانت نفس مهنة جمال، إضافة إلى بيع البطاقات الهاتفية، وكان هناك تعامل بالأموال بين الجانبين عبر الحسابات البنكية وهي العملية التي أثارت فيما بعد الشبهات حول العلاقة بين الرجلين، كما أن جمال حسب هذا التقرير حافظ على علاقته بالمدعو "إ.سمير" حتى بعد سفره إلى ألمانيا وذلك عبر مكالمات هاتفي . * ملفات الجزائريين المقيمين باليابان لدى الأمن الفرنسي! لذلك ففور توقيف المدعو "سمير ا" الذي ظهر باسمه الحقيقي ليونال ديومون في ألمانيا حسب ذات التقرير، شرعت الشرطة اليابانية في ماي 2004 في حملة توقيف وتفتيش للأشخاص الذين كانوا على علاقة بديومون وتم تفتيش منزل جمال.ح وسماعه من قبل الشرطة التي لم تتوصل إلى دليل لإدانته، وهذا قبل أن يقرر الأخير العودة إلى الجزائر بطلب من الشرطة اليابانية لاستخراج رخصة سياقة جديدة بسبب رفض الوثيقة الأولى في اليابان، وخلال رحلته يوم 29 جوان 2004 نحو فرنسا كمحطة قبل الدخول إلى الجزائر تفاجأ مع وصوله إلى المطار بتوقيفه من قبل الشرطة واستجوابه قبل أن يخلى سبيله ويسمح له بالسفر نحو الجزائر رغم تعرض أمتعته للتفتيش الدقيق. ويقول جمال "تفاجات بعد وصولي إلى فرنسا بوجود ملف ضخم بالصور والوثائق لدى الأمن الفرنسي، يضم أدق التفاصيل عن حركاتي وحتى معارفي في اليابان"، كما انه منع في أول سبتمبر من نفس السنة من السفر إلى طوكيو عبر مطار باريس وتم توقيفه في فرنسا أين وضع تحت الرقابة القضائية بعد أن رفض قاضي الحريات سجنه. وخلال فتح ملف التحقيق في قضيته بفرنسا، يشير التقرير إلى أن القضاء الفرنسي أثار قضيتين أخريين، الأولى تتعلق بعلاقته مع المدعو "زهير ش" المتهم بالانتماء إلى جماعة إرهابية، وهو مقيم بكندا إلى جانب شخص آخر هو الجزائري المعتقل حاليا بسجن غوانتنامو وهو "حسان. ز" الذي يعد صديقا قديما له منذ الطفولة في الجزائر قبل أن يلتقي به مجددا خلال تواجده باليابان، حيث اعتبر قاضي الحريات في التقرير القضائي المذكور انه لا يمكن اعتقال جمال بسبب علاقة مهنية أو علاقة صداقة مع أشخاص متهمين بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية. * من هو ليونال ديومون؟ ليونال ديومون الذي عرفته الجالية العربية والمسلمة باليابان تحت تسمية "الياس سمير" و"جيرالد تينت" فرنسي الجنسية، دخل الإسلام على يد أحد الأئمة بمدينة ليل عام 1993 وذلك بعد تأديته الخدمة العسكرية في جيبوتي والصومال بعدها قبل أن يلتحق بما سمي بالمجاهدين العرب في البوسنة، تمكن عام 1999 من الفرار نحو آسيا بعد أحكام بالسجن والطرد نحو فرنسا، أين التحق بالجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) خلال إقامته بماليزيا واندونيسيا، ويطير بعدها نحو اليابان، حيث اشتغل في شركة للمتاجرة بالسيارات ليغادرها نهاية عام 2003 إلى ألمانيا، وكانت نهاية رحلته بميونيخ بعد أن نجحت مصالح الأمن في توقيفه وتسليمه بعدها لفرنسا.