رفعت جهات مختصة تقريرا مفصلا الى الرئيس بوتفليقة حول حقيقة الشراكة الجزائرية الالمانية في مجال انتاج الغازات الصناعية والمواد الحساسة التي تدخل في صناعة مواد التخدير والأوكسجين الطبي... * وكشف التقرير أن الشركة الالمانية "لاند" التي اشترت أكثر من 60 بالمائة من الشركة الوطنية للغازات الصناعية بمبلغ رمزي لا يتعدى 27 مليون أورو لم تستثمر ولو دينارا واحدا منذ دخولها الجزائر الى جوان 2007، وقد أخلت بدفتر الشروط الموقع بين الطرفين والمتضمن 7 ملاحق واضحة تنص على ألزام الشركة الألمانية بمجموعة استثمارات في الجزائر، فيما يخص التجهيز والإنتاج بمجرد تنصيب ادارتها، غير أنه وبعد مرور 20 شهرا كاملا أحدثت الشراكة نزيفا في الاقتصاد الوطني وعمليات مشبوهة لتهريب رؤوس الأموال الى الخارج، وفضلت الشركة الألمانية السوق التونسية لبيع موادها المنتجة فوق التراب الوطني من الغازات الحساسة كالأوكسجين الطبي ومادة البروتو المستخدمة في قاعات العمليات الجراحية، في الوقت الذي تواجه فيه مستشفيات الجزائر كاملة أزمة حادة في التزود بهذه المواد، وتدفع وزارة الصحة أموالا طائلة للحصول عليها مستوردة من فرنسا عن طريق فرع الشركة الالمانية في أوروبا. * وقال التقرير أنه في حال وقوع كارثة في الجزائر كالزلزال فإن قارورات الأوكسجين الطبي ستكون فارغة في كل المستشفيات إذا استمر الوضع على حاله، كما ذكرت مصادر موثوقة من داخل إدارة الشركة الجزائرية الالمانية "لاند غاز الجزائر" أن صهاريج الأوكسجين المحملة بأكثر من 32 ألف لتر تنطلق أسبوعيا من وحدة الإنتاج بولاية سكيكدة نحو تونس، في حين تقوم الشركة باستيراد الأكسجين من فرنسا الى الجزائر بمبالغ مالية باهظة، حيث وصل سعر الأوكسجين الطبي هذه السنة41 دينارا بعد أن كان سعره قبل الشراكة سنة 2007 لا يتعدى 20 دينارا فقط، وكانت الشركة الوطنية للغازات الصناعية قبل خوصصتها تصدر منتوجها الى اسواق خارجية كتونس وليبيا وحققت أرباحا كبيرة على مدار 23 سنة ولم تواجه اية صعوبات مالية بدليل أنها دفعت ديونها الى الخزينة العمومية مسبقا، وهنا يطرح السؤال لماذا تنازلت الجزائر عن شركة رابحة وحساسة للمستثمرين الأجانب يعبثون بها؟ ولماذا ارتفعت أسعار الغازات الحساسة الى الضعف في اقل من سنتين، علما أن الدولة الجزائرية لم ترفع أسعار الكهرباء، كما أن إنتاج الغازات لا يعتمد على اية مادة اولية سوى الهواء؟. * وقالت معلومات موثوقة أن الألمان يقومون بتهريب رؤوس الأموال إلى الخارج عن طريق بعض العمليات المشبوهة كصيانة الصهاريج المخصصة لنقل الغازات الحساسة وبعض العتاد في أوروبا، في حين يفترض أن تتم عمليات الصيانة في الجزائر، وقد سبق لأطراف نقابية أن التقت بمسؤولين بوزارة الصناعة وأطلعتهم على حقيقة الوضع الخطير الذي آلت إليه الشركة بعد خوصصتها، حيث حول الشريك الألماني الجزائر إلى أكبر مستورد للغازات الصناعية الردئية وغير المطابقة للمعايير، في حين أن الثروة المنتجة على الأراضي الجزائرية "تهرب الى الخارج" مقابل العملة الصعبة التي تدخل في حساب الأجانب، غير أن التحركات النقابية التي تهدف إلى إنهاء الشراكة لم تنجح بعد تدخل المسؤولين الألمان للإبقاء عليها. * وقد اقتصر برنامج مجلس إدارة شركة "لاند غاز" الجزائر لسنة 2009 سوى تخصيص مبلغ مالي يقدر ب44 مليار سنتيم لإنشاء مقر جديد للشركة بالجزائر العاصمة بدلا من مقرها القديم الكائن بحسين داي، حيث حصلت الشركة الألمانية على عقاره الصناعي المقدر ب27 الف متر مربع بالدينار الرمزي، حيث تم تقييم المتر المربع الواحد ب4000 دينار، في حين أن القيمة الحقيقية للمتر بلغت 10 ملايين سنتيم مما يدل على أن الخوصصة أحدثت استنزافا للثروات والعقار والاقتصاد الوطني. * يذكر، أن الطرف الألماني متواجد عبر 12 وحدة إنتاج للغازات الصناعية أكبرها سكيكدة، أرزيو، الجزائر، وهران.