لماذا تتماطل وزارة الصحة في حل أزمة الغازات الطبية؟ تصدير الأوكسجين يدخل في صميم التزامات الجزائر التعاقدية تجاه شركائها كشف، جون أرياس، الرئيس المدير العام لشركة "ليند غاز الجزائر"، أن الشركة لم تغير من إستراتيجيتها الرئيسية القائمة على الاهتمام بالسوق المحلية للغازات الصناعية التي تعتبر مهمة جدا. * * مضيفا أن الشركة لا تفكر إطلاقا في التوجه نحو الأسواق الدولية قبل تحقيق الاكتفاء الذاتي للجزائر في جميع المنتجات لاسيما المواد المصنفة تحت خانة المواد الطبية ومنها "بروتوكسيد الأزوت" الذي يستعمل للتخدير في المستشفيات ومادة الأوكسجين. * وزودت الشركة السوق الوطنية ب8.5 مليون لتر من الأوكسجين في الفترة بين جانفي ونهاية أفريل الفارط، مقابل تصدير كمية لا تتعدى 345 ألف لتر نحو السوق التونسية التي يربطها بالشركة الوطنية للغازات الصناعية عقد يعود إلى سنة 1994 بمعنى لأنه التزام لا يمكن تجاهله من طرف الشركة التي تعمل على تعزيز العلاقات التقليدية التي كانت تربط الجزائر بشركائها في الخارج. * وأكد جون أرياس، في لقاء مع "الشروق"، أن عقد الشراكة المبرم مع الحكومة الجزائرية بشأن السيطرة على 66 بالمائة من أسهم الشركة الوطنية للغازات الصناعية مقابل 27 مليون أورو نقدا وهو المبلغ الذي وافق عليه مجلس مساهمات الدولة يوم 4 مارس 2007، يتم احترامه حرفيا على الرغم من الظروف القاهرة ومناخ العمل الصعب الذي تنشط في إطاره الشركة والذي يمكن اعتباره بالمناخ التعجيزي. ومعلوم أن الشركة الوطنية للغازات الصناعية، ظهرت عقب تأميم شركة "إير ليكيد" الفرنسية سنة 1973. * وقال أرياس، إن الشركة لا تتحمل مسؤولة النقص المسجل في بعض المواد ذات الاستعمال الطبي، لأن ذلك مرتبط بالتدابير الأمنية المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية والمتعلقة بشروط السلامة الخاصة بنقل مادة "نترات الأزوت" التي تعد مادة أساسية لصناعة بروتوكسيد الأزوت المستعمل في التخدير، وتتطلب عملية نقل نترات الأزوت الحصول على رخصة للنقل ورخصة للتخزين وضرورة وجود فريق من الدرك الوطني لمرافقة عمليات نقل المادة من مركب أرزيو، وهذا بسبب المخاوف من وقوع كميات من المادة بين أيدي الجماعات الإرهابية واستغلال المادة لصناعة المتفجرات، مضيفا أن هذا هو السبب الحقيقي الذي يعترض ضمان التزويد المستمر والسهل للمستشفيات الجزائرية بالمادة، وليس ما تريد بعض الجهات المحلية الترويج له، مؤكدا أن الشركة طالبت رسميا المساعدة من طرف وزارة الصحة بصفتها المعني الأول بالمسألة ولكن الوزارة رفضت تقديم أي مساعدة للشركة على الرغم من أن الحكومة الجزائرية مساهمة في رأس مال الشركة بنسبة 34 بالمائة. * وأكد المتحدث أن العراقيل غير الموضوعية التي تنشط في إطارها الشركة لم تثنها عن تحمل مسؤولياتها والتزاماتها التعاقدية، وسارعت إلى استيراد كميات من المادة من الخارج للاستجابة لطلب المستشفيات الوطنية، وهذا بناء على الرخصة التي تحصلت عليها الشركة من الحكومة والمتمثلة في استيراد 40 طنا على مرحلتين من المواد الموجهة للاستخدام الطبي، وكذا كميات من غاز ثاني أوكسيد الكاربون المستخدم في صناعة المشروبات، وبرر المتحدث اللجوء لاستيراد غاز ثاني أوكسيد الكاربون، بتوقف وحدة أسميدال عنابة عن الإنتاج، وبالتالي توقف "ليند غاز الجزائر" عن استرجاع غاز ثاني أوكسيد الكاربون الذي كان يذهب إلى الهواء. ويستهلك القطاع الصناعي الجزائري حوالي 40 طنا من غاز ثاني أوكسيد الكاربون سنويا. * وعلى الرغم من الاحترام الدقيق للجوانب الفنية والتقنية لعقد الشراكة وخاصة البنود المتعلقة بالاستثمارات، إلا أن الشريك الاجتماعي لا يريد سوى رفع الأجور التي استفادت من زيادة في حدود 25 بالمائة، وحاول الشريك الاجتماعي بكل الوسائل التقليل من أن الاستثمارات التي قامت بها الشركة منذ استلام حصتها في الشراكة الجديدة، وقدرت استثمارات الشركة بحوالي 100 مليار خلال السنة الأولى وهو ما يتفق تماما مع الالتزامات المتمثلة في استثمار 50 مليون أورو خلال 5 سنوات، إلى غاية 2012. * وكشف جون أرياس، أن الظروف الاجتماعية للعمال البالغ عددهم 720 عامل، تعتبر ممتازة بالمقارنة مع قطاعات الإنتاج الأخرى، لا سيما من حيث ظروف التقاعد، حيث يحصل كل عامل عند ذهابه إلى التقاعد على تعويض يعادل 18 مرة الأجر الذي كان يحصل عليه. وتمثل الأجور 20 بالمائة من رقم أعمال الشركة و40 بالمائة من القيمة المضافة وهو مستوى مرتفع جدا بالنسبة للشركة التي تنشط في محيط تطبعه المنافسة غير القانونية من الشركات التي تقوم بالاستيراد فقط. * وقال المتحدث أن المستشفيات الجزائرية تتحمل مسؤولية تخزين الغازات ذات الاستخدام الطبي وخاصة الأوكسجين وبروتوكسيد الأزوت وحتى ثاني أوكسيد الكاربون، ولكن المستشفيات الجزائرية لا تريد تطبيق المقاييس العالمية المتمثلة في وضع خزانات تحترم قواعد السلامة والأمن وتسمح بتغطية الاحتياجات لمدة مقبولة نسبيا، ولكن الوضع على مستوى المستشفيات الجزائرية يختلف تماما، حيث تواصل المستشفيات التزود بالقارورات، وهو ما يتطلب تدخلا من وزارة الصحة لتسوية هذا الموضوع، لأنه لا يعقل من الناحية العملية الانتقال ثلاث مرات في الأسبوع إلى مستشفى مصطفى الجامعي على سبيل المثال لتزويده بالغازات الطبية. * وكشف أرياس، أن الشركة تتوفر على 60 شاحنة خزان، يوجد عدد كبير منها في حاجة إلى صيانة، مؤكدا أن اللجوء إلى صيانة بعض الخزانات لدى الشركة الفرنسية "كربولور" لا يعني تبييضا للأموال، لأنه لا يعقل أن نقوم بتبييض أموالنا أو تهريبها لصالح شركة منافسة لنا، مضيفا أن صيانة هذه التجهيزات معقد جدا يتطلب تقنيات دقيقة، لأنها تتعلق بمراقبة هذه الخزانات من الداخل.