حققت قوى الرابع عشر من آذار فوزا غير متوقعا في الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت الأحد. وأكدت النتائج النهائية الرسمية التي أعلن عنها وزير الداخلية زياد بارود أمس الاثنين حصول تحالف 14 آذار "مارس" والمستقلين على 71 مقعدا في البرلمان المؤلف من 128 عضو، مقابل 57 لصالح 8 آذار "المعارضة". * وأوضح بارود أن المرحلة الأخيرة في العملية الانتخابية هي عمل المجلس الدستوري للنظر في أي طعون سياسية محتملة، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستكون "تشاركية". وبلغت نسبة المشاركة 54,08 %، وهي نسبة قياسية منذ انتهاء الحرب الأهلية في 1990 . * وجرت الانتخابات النيابية في 26 دائرة انتخابية فاز تحالف 14 أذار في أربع دوائر فيها غالبية مسيحية. وبرأي المراقبين، فقد كان للصوت المسيحي المنقسم بين محورين لعب دورا في ميل الكفة لصالح قوى 14 آذار "الموالاة"، حيث أن المسيحيين لم يمنحوا هذه المرة الثقة لمرشحي التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشال عون المتحالف مع حزب الله. وكان عون حقق فوزا كاسحا في انتخابات العام 2005 بحصوله على 70 % من أصوات الناخبين المسيحيين. * وبحسب ما كتبت صحيفة "السفير" المحسوبة على المعارضة في عددها الصادر الاثنين، فان العماد عون ما زال زعيما مسيحيا قويا بعدما تمكن من الحصول على الأكثرية في جبل لبنان الذي يشكل العمق الحيوي والاستراتيجي للمسيحيين. ويرى أحد الخبراء اللبنانيين في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أن هزيمة المعارضة التي يقودها حزب الله في الانتخابات النيابية تعود إلى عنصرين أساسيين: هما "كلمة البطريرك الماروني نصر الله صفير التي أثرت كثيرا على آراء الناخبين وزيادة عدد الناخبين بشكل غير متوقع". * وقال البطريرك الماروني السبت عشية الانتخابات "إننا اليوم أمام تهديد للكيان اللبناني ولهويتنا العربية، وهذا خطر يجب التنبه له.."، في إشارة منه إلى ما يسمى ب "الخطر الإيراني" الذي حذرت منه قوى 14 آذار طوال حملتها الانتخابية. وفي إطار ردود الفعل الداخلية على هذه النتائج المفاجأة، رأى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن انجاز الاستحقاق الانتخابي يعتبر بحد ذاته "انتصارا" أثبت خلاله اللبنانيون قدرتهم على "الحفاظ على النظام الديمقراطي". * وأعلن الحريري أن "الرابح الكبير هو لبنان ولا رابح وخاسر في الانتخابات"، داعيا إلى "انتصار راق"، فيما دعا جنبلاط أنصاره إلى عدم "تعكير نصر" قوى 14 آذار بالاحتفالات "الغوغائية والتجمعات الحزبية" التي يمكن أن تعكر الأجواء في البلد. وفي الفريق الأخر، اعترفت المعارضة بهزيمتها، وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري: أن "لبنان انتصر على رهانات الفوضى والفتنة"، داعيا إلى تعزيز الوحدة الوطنية بين اللبنانيين. * وحسب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله فقد كان الأمر في الجنوب اللبناني محسوماً والانتخابات كانت استفتاءً لهذا التحالف بين "حزب الله" وحركة "أمل". وعلى صعيد المواقف الخارجية، رحبت فرنسا ب "حسن سير الانتخابات وحيوية الديمقراطية" في هذا البلد ودعت إلى الحفاظ على "أجواء من الحوار" بين اللبنانيين. كما اتصل الرئيس المصري حسني مبارك برئيس الوزراء اللبناني المنتهية ولايته فؤاد السنيورة وأبلغه "ترحيب مصر بنتائج الانتخابات وما عكسته من إرادة شعب لبنان وخياراته". * * حزب الله: المقاومة خارج كل بحث والسلاح مشروع * اعتبر حزب الله على لسان النائب محمد رعد أن فوز قوى 14 آذار "الموالاة" سيؤدي إلى استمرار الأزمة مع المعارضة "إلا إذا التزمت بمبادئ أبرزها أن المقاومة خارج كل بحث وأن السلاح مشروع وأن تعطي الغالبية ضمانات أو الثلث الضامن في الحكومة". * ومن جهتها، سارعت إسرائيل إلى المطالبة بنزع سلاح المقاومة اللبنانية فور إعلان فوز قوى 14 آذار المدعومة من الغرب بالانتخابات النيابية اللبنانية. * وقال إسرائيل كاتز وزير النقل الصهيوني صباح الاثنين تعليقا على النتائج : "ينبغي نزع أسلحة حزب الله بموجب الاتفاقات المعقودة في السابق". * وأضاف كاتز للإذاعة الإسرائيلية العامة أن "فوز القوى الموالية للغرب في لبنان على القوى المعارضة التي يقودها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خبر مهم للمنطقة ولإسرائيل". * واعتبر أنه "ينبغي التحرك الآن لنزع سلاح حزب الله بموجب الاتفاقات المعقودة في الماضي". * وبدورها، حثت الخارجية الصهيونية الحكومة اللبنانية المقبلة التي ستنبثق عن الانتخابات التشريعية على منع أي هجوم على إسرائيل انطلاقا من الأراضي اللبنانية.