انتهت الدراسة الأخيرة، التي أعدتها مؤسسة "ميديا سانس" لصالح "الشروق"، إلى أن مداخيل غالبية إطارات إحدى الدول هي الأضعف في المنطقة العربية. وكان تقرير لمؤسسة عالمية قد صنف اقتصاد نفس الدولة في المرتبة الثالثة عربيا. * * من حق أي قارئ أن يتصور بأن الأمر يتعلق بدولتين مختلفتين، فكيف يمكن أن يجتمع الفقر والغنى في جيب إنسان واحد؟ وكيف يمكن أن يلتقي الكفر بالإيمان داخل قلب رجل واحد؟ فهل يعقل مثلا أن نتصور بأن طبيبا في مدغشقر يتقاضى ضعف ما يتقاضاه الطبيب في اليابان؟ وهل يعقل أن تعادل مداخيل مهندس في السويد مداخيل زميل له في جزيرة هايتي؟ * لكن ومع احترامي لعقول قرائنا الأعزاء واعترافي لتناغم استنتاجاتهم مع مقاييس العلم و قواعد المنطق، إلا أنه يؤسفني إعلامهم بأن الأمر يتعلق بدولة واحدة اسمها الجزائر، ربما بدا الأمر صعب التصديق للوهلة الأولى، ولكنها الحقيقة، كل الحقيقة. * هذا الوضع الغريب يذكرني بجدتي، رحمها الله، التي لو عاشت لظفرت بحقيبة في حكومة أويحيى، ولا مانع أن تمنح المالية مثلا أو التجارة أو حتى المساهمات، فما الفرق بين جدتي وبين أي وزير حالي؟ كانت تواجه الأيام العجاف بوضع الشمعة وعلبة الكبريت و"الطزدام" في "عبونها"، ويكنزون مداخيل الجزائر في الخزينة الأمريكية تحسبا ليوم تنهار فيه أسعار البترول، فلا أجور محترمة ولا قروض استهلاكية ولا هم يحزنون، أما احتياجات الدولة فلها الشعب المغلوب على أمره، الذي تعود على قبول كل أنواع الضرائب، الدستوري منها والخارج عن الدستور.. قسيمة السيارات.. ماشي، نسبة ضريبة على القيمة المضافة تناطح السحاب.. أومالو؟ على رأي إخواننا المصريين، الضريبة على اقتناء السيارات الجديدة، لِم لا؟.. أمن الصدفة أن تعادل مداخيل الخزينة العمومية من هذه الأخيرة الميزانية المخصصة لتنظيم الدورة الثانية من المهرجان الثقافي الإفريقي؟ * الفرق الوحيد بين جدتي ووزراء أويحيى، أنها كانت تواجه عوزا آنيا، أما هم فيتوقعون أزمة يزعمون بأنها محدقة، أي أنهم يفرضون علينا العيش في فقر حقيقي تخوفا من فقر افتراضي.. ربما بدا الأمر للوهلة الأولى صعب التصديق، ولكنها الحقيقة، كل الحقيقة.