أكدت الدراسة التي أعدتها وحدة الدراسات الاقتصادية التابعة لمؤسسة "ميديا سانس"، لصالح "الشروق اليومي"، وجود علاقة طردية بين ارتفاع المستوى التعليمي، وتحسن مستويات الدخل في الجزائر. * * وهو ما تؤكده نتائج الدراسة الصادرة منتصف جوان الفارط، والتي تبين أن 64.25 بالمائة من الجزائريين الذين تتراوح مداخيلهم الشهرية بين 40 و50 ألف دج أي ما يعادل 555 دولار إلى 695 دولار، هم أشخاص يتوّفرون على تكوين عالي، مقابل 22.35 بالمائة فقط من الذين لا يتعدى مستواهم العلمي مستوى الثانوية، و10 بالمائة من أصحاب المستوى المتوسط، و4 بالمائة فقط من الذين يتراوح مستواهم المرحلة الإبتدائية أو الذين لم يسبق لهم الدخول إلى المدرسة. * وتبين الدراسة التي شملت الولايات الرئيسية على المستوى الوطني، وعلى رأسها العاصمة، سطيف، وهران، عنابة، قسنطينة وتيزي وزو، أن هذا المستوى من المداخيل سمح لهذه الفئة من الجزائريين بالحصول على ربط كامل بالشبكة الوطنية للكهرباء والماء والغاز الطبيعي وشبكة الصرف الصحي، بالإضافة إلى توفرها على التجهيزات الضرورية للعيش وبعض التجهيزات التي يمكن اعتبارها إلى وقت قريب من الكماليات، ومنها أفران المايكروويف وأجهزة التكييف وغسالات الأطباق، ولو بنسب متفاوتة، مقابل توفر هذه الفئة من الأسر بشكل كامل على أجهزة الطبخ والثلاجات، وتتوفر ثلاثة أرباع هذه الأسر على غسالات وسخنات المياه، وتلفت الدراسة إلى أن من الأسر الجزائرية التي يتراوح دخلها بين 40 و50 ألف دج، تتوفر على أجهزة كمبيوتر، و98 بالمائة من هذه الأسر تتوفر على جهاز استقبال رقمي خاص، ونصف هذه العائلات تتوفر على أزيد من جهازي تلفزيون ملون في البيت، كما أن من الأسر الجزائرية عند هذا المستوى من المداخيل تتوفر على سيارة واحدة في البيت، مقابل من الأسر الجزائرية عند المستوى من المداخيل تتوفر على سيارتين في البيت وحوالي 3 بالمائة على أزيد من ثلاث سيارات، فيما لا يتعدى مستوى الأسر التي يتراوح دخلها بين 40 و50 ألف دج ولا تمتلك سيارة 5.6 بالمائة. * وتلفت الدراسة التي تواصل "الشروق" نشرها على حلقات مسلسلة، أن نسبة اهتمام الأسر الجزائرية بالتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، مرتبطة بمستوى الدخل، فكلما تحسن الدخل زادت نسبة البيوت التي تتوفر على جهاز كمبيوتر، وجهاز استقبال فضائي رقمي خاص، وتكشف الدراسة أن 67.6 بالمائة من الأسر التي تتراوح نسبة مداخيلها 40 و50 ألف دينار تتوفر على ربط بالإنترنيت عالي التدفق في بيوتها، وفي مجملها عائلات تتوفر على هاتف ثابت، كما تتوفر نسبة لا تقل عن 29 بالمائة من هذه الأسر على الأنترنيت في مكان عملها، ويلاحظ على نفس الفئة من الأسر، أن تحسن المداخيل يسمح للأسر الجزائرية بالاشتراك في شبكات خدمات الهاتف الجوال، حيث نجد 37 بالمائة من الجزائريين الذين يتراوح دخلهم ضمن هذه الفئة، مشتركين في خدمة الدفع البعدي، وليس خدمة الدفع القبلي. * وأكدت دراسة مؤسسة "ميديا سانس" المتخصصة، أن 25 بالمائة من أصحاب هذه المداخيل، الذين هم في الحقيقية كلهم إطارات، حصلوا على قروض بنكية، ولكن الملفت، أن 66.67 بالمائة من هذه القروض وجهت لشراء سيارات، مقابل 12.28 من القروض وجهت لشراء عقار، 19.3 بالمائة للحصول على منتجات استهلاكية، و1.75 بالمائة فقط في إطار عمليات تجارية. * وبينت الدراسة أن أزيد من 60 بالمائة من الجزائريين يعتقدون أن المداخيل الشهرية الدنيا التي تسمح لأسرة تتكون من 4 أفراد، بالحفاظ على كرامتها، لا يجب أن تقل عن 40 إلى 50 ألف دج شهريا. وخاصة أن حوالي 60 بالمائة من هذه الأسر من هذه الفئة تعيش في مساكن مملوكة لها بشكل من الأشكال أي بدون أي تكافل أسري أو عائلي، كما كان سائدا في العقود الماضية، مقابل 22 بالمائة في وضعية كراء بمعدلات تستهلك 30 بالمائة من مجموع المداخيل الشهرية، و18 بالمائة من الأسر تعيش لدى الأهل أو في مساكن عائلية. * ويقدر معدل شراء المواد البروتينية الأساسية بالنسبة لهذه الطبقة، وخاصة اللحوم الطازجة واللحوم المجمدة والأسماك والدجاج، 5 مرات في الشهر، فيما يمثل الخبز والحليب أولوية حيوية بمعدل 28 مرة في الشهر بالنسبة لهذه الفئة، مما يؤكد أن مستوى الدخل مهما تحسن ولو بشكل طفيف لا يستطيع تغيير نمط وثقافة الاستهلاك التي يتميز بها الجزائري مقارنة مع شعوب المنطقة. * وتتراوح المداخيل الشهرية ل 64.25 بالمائة من الإطارات الجزائرية، بين 40 و50 ألف دج أي ما يعادل 555 دولار إلى 695 دولار، وهي الأضعف بين أجور الإطارات في المنطقتين المغاربية والعربية، والتي تتراوح على سبيل المثال في المغرب حيث يقدر الأجر الأدنى المضمون قانونا ب9.66 درهم مغربي، وهو ما يعادل 1 أورو، و110 دج، بالنسبة للعمال غير المؤهلين، مقابل 12.96 درهم للعمال المؤهلين و16.77 درهم لرؤساء الفرق عن كل ساعة عمل خارج الرسم، ويتراوح الأجر الشهري (وليس الدخل) ما بين 6600 و11000 درهم ما يعادل 950 و1500 دولار للإطارات المغربية. * وفي تونس انتقل الأجر الوطني الأدنى المضمون بداية من الفاتح أوت الجاري إلى 225 دينار تونسي وهو ما يعادل 175 دولار أمريكي، فيما يصل متوسط أجر إطار في بداية حياته المهنية وبدون خبرة إلى حوالي 750 دينار تونسي أي 576 دولار أمريكي، بمعنى أنه أفضل من نظيره الجزائري الذي لا يمكنه بلوغ هذا المستوى من الدخل، إلا عشية التخلص من الإطار إلى مرحلة التقاعد. * ولا يمكن القياس مع أجور الإطارات في منطقة الخليج، وإلا تجاوز الموضوع حدود اللباقة، لأن أجر الموظف العادي في دول الخليج يفوق بمرات أجور الإطارات العليا في الجزائر، بما فيها مداخيل أساتذة الجامعات الجزائرية والنواب والوزراء والولاة. * * معظم من يتقاضونه من ذوي المستوى الثقافي العالي * 60 ألف دينار.. الراتب الذي يضمن العيش الكريم * تتميز الفئة التي يتراوح عائدها الشهري ما بين 50 ألف و60 ألف دج، بكونها تضم نسبة كبيرة من أصحاب الشهادات أو الإطارات الجامعية، التي مكنتها وضعيتها الاجتماعية من الرقي بمستواها الاجتماعي، مقارنة بباقي الفئات التي سبق وأن تطرقت إليها الدراسة التي أشرفت عليها الشروق اليومي. * وتشكل نسبة الحاصلين على الشهادات الجامعية ضمن هذه الفئة 63،89 ، وهم في الغالب الإطارات الذين يشغلون مناصب لا بأس بها، مما انعكس على رواتبهم الشهرية، التي لا تقل عن 60 ألف دج شهريا، وتوجد ضمن شريحة أرباب الأسر الذين تتراوح رواتبهم ما بين 50 ألف و60 ألف دج ذوي مستوى التعليم الثانوي، وهم يشكلون نسبة لا بأس بها وتقدر ب 22،22، في حين تقل نسبة غير المتعلمين، وكذا أصحاب المستوى التعليمي المتوسط والابتدائي، وهي تتراوح ما بين 5،56 في المائة، و4،17 في المائة، ورغم قلة عدد أفراد هذه الفئة، إلا أنها تطرح نقطة استفهام حول عدم انسجام شبكة الأجور في الجزائر، بسبب تساوي الإطارات مع ذوي المستوى التعليمي المحدود من حيث العوائد الشهرية. * * 60 ألف دج الراتب الأنسب لضمان حياة كريمة * وتظهر هذه العينة التي يتراوح عائدها الشهري ما بين 50 ألف و60 ألف دج، بأنها مرتاحة إلى حد ما، من حيث أسلوب الحياة، بدليل أن غالبية أفرادها لا يعانون من نقص الربط بشبكة الكهرباء والغاز وكذا المياه، فهم يقطنون بالمدن وأحياء سكنية تتوفر على كافة متطلبات الحياة. * كما أن دخلهم الشهري مكنهم من اقتناء مختلف التجهيزات المنزلية، وتأتي في مقدمتها جهاز الطبخ وذلك بنسبة 100 في المائة، والثلاجة بنسبة 95،83 في المائة، وآلة الغسيل البسيطة بنسبة 16،67 في المائة، وكذا المجمد بنسبة 65،28 في المائة، وجهاز تسخين المياه بنسبة81،94 في المائة، وآلة الغسيل الأوتوماتيكية بنسبة 75 في المائة، ويضاف إلى ذلك، الاستعمال الواسع لمكيف الهواء بنسبة 86،11 في المائة، وجهاز تسخين الأكل بنسبة 65،28 في المائة. * وتظهر هذه المعطيات بأن الاحتكام على مختلف متطلبات الحياة، يتطلب حصول الفرد على راتب لا يقل عن 60 ألف دج، بما يضمن له حياة كريمة ومريحة بعيدة عن المتاعب، كما تعكس رغبة الفرد الجزائري في أن يرقى بمستوى معيشته، من خلال اقتناء كل ما يضمن له الرفاهية والراحة. * ويعد جهاز التلفاز الملون رغم عدم اختفاء التلفزيون بالأبيض والأسود، وكذا الثلاجة والهوائي المقعر المنفرد، وجهاز الاستقبال الرقمي، من التجهيزات التي تشترك فيها هذه العينة محل الدراسة. * * جهاز الإعلام الآلي والأنترنيت وسيلة الإطارات والمتعلمين * ولعل أهم سمة تنفرد بها هذه الفئة هو اتساع رقعة الأسر التي لديها جهاز الإعلام الآلي، حيث قفزت هذه النسبة إلى 61،73 ٪، وهي جد هامة، إذا ما قارناها بالفئات التي يتراوح راتبها الشهري ما بين 10 ألاف إلى 50 ألف دج، ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة الإطارات وخريجي الجامعة الذين ينتمون إلى هذه الشريحة وهي تفوق ال 63 في المائة. * وتبلغ نسبة الأسر التي لديها ربط بالأنترنيت 75 في المائة ضمن هذه الشريحة، مما يعكس مدى الاهتمام بهذه التكنولوجيا، خصوصا وأنها تعد بمثابة وسيلة للعمل بالنسبة للكثير من هؤلاء، فضلا عن استخدامها في مجال البحوث والدراسات، وأيضا لتنمية الثقافة العامة، بدليل أن الأنترنيت يتم اعتماده أيضا في مجال العمل لدى أفراد هذه العينة وذلك بنسبة 18،05 في المائة، في حين أن نسبة 1،39 في المائة فقط ممن يطالعون الانترنيت عبر النوادي المخصصة لذلك، و18،06 في المائة فقط قالوا بأنهم لا يهتمون أبدا بالأنترنيت، وهؤلاء يمثلون شريحة ذوي المستوى التعليمي المتوسط أو المتدني. * ويبدو جليا بأنه كلما تحسن راتب الفرد، كلما تغير نمط حياته إلى الأفضل، وكلما زاد اهتمامه باكتساب وسائل التكنولوجيا المتقدمة، خصوصا وأن أصحاب الرواتب العالية هم في الغالب فئة المتعلمين، وأصحاب الشهادات العليا، الذين تتباين اهتماماتهم وتطلعاتهم مع من هم أدنى من حيث المستوى التعليمي. * * قروض السيارات في مقدمة الاهتمامات والقروض العقارية في خبر كان * تحتل نسبة أفراد العينة الذين حصلوا على قروض السيارات نسبة جد عالية بلغت 85 في المائة، ويعود ذلك إلى اعتبار السيارة في تقدير الفرد الجزائري بمثابة وسيلة جد ضرورية، لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنها، فضلا عن التسهيلات التي كانت تمنحها البنوك للحصول على القروض الاستهلاكية، قبل أن يصدر القانون الذي يمنع ذلك. * في حين أن القروض العقارية لم تتجاوز نسبتها 28 في المائة، بالنظر إلى غلاء السكنات، والشروط التي تفرضها البنوك في منح مثل هذه القروض، من بينها قيمة الراتب التي تتجاوز 60 ألف دج، كما أن قروض الاستهلاك بلغت نسبة جد محتشمة لم تتجاوز 14 في المائة، وهي عادة ما توجه لاقتناء التجهيزات المنزلية والأثاث، والسبب يعود إلى إمكانية اقتناء مثل هذه المتطلبات من خلال الراتب، في ظل استحالة اقتناء سيارة يتجاوز ثمنها 900 ألف دج. *
* الهاتف الثابت ينافس النقال والدفع المسبق الأنسب بالنسبة للجميع * ينافس الهاتف الثابت الهاتف النقال لدى الشريحة التي يتراوح راتبها ما بين 50 ألف و60 ألف دج، عكس الفئات الأخرى، التي فضلت التخلي عن الهاتف الثابت لكي تخفف عنها عناء دفع الاشتراك الشهري، بعكس النقال الذي يتيح لها اختيار قيمة التعبئة وحتى فترة استخدامها، بدليل أن الدفع المسبق يحتل نسبة 68، 29 في المائة، مقابل 31،71 في المائة فقط بالنسبة للاشتراك، في حين يبقى استخدام جهاز الفاكس جد ضئيل بنسبة 14، 29 في المائة، وعادة ما يتم اللجوء إليه بالنظر إلى متطلبات المهنة التي يمارسها أفراد العينة. * ويبدو جليا بأنه كلما تحسن راتب الفرد كلما شرع في البحث عن مستوى ميعشي أفضل، يليق بالراتب الذي يتقاضاه وكذا المركز الوظيفي، ومع ذلك يبقى الراتب الذي لا يزيد عن 60 دج، يكفي فقط لتوفير الاحتياجات الأساسية، وهو يبدو بأنه الراتب الأنسب من أجل العيش في ظروف لا ئقة.