صورة من الأرشيف يسجل في اليوم الثالث على التوالي من الدخول المدرسي الجديد بوهران ظهور عدد كبير من تلاميذ المؤسسات التربوية بمآزر من مختلف الألوان منها الحمراء، الخضراء، البرتقالية، والبيضاء أيضا لمتمدرسين في الطور الابتدائي والمتوسط وغيرها، وتمكنهم من دخول مؤسساتهم التربوية وتحفظ المدراء على قرار طردهم دفعة واحدة، وفضلوا التريث على تعريضهم إلى التسكع وأخطار الشارع بنين وبنات. * * رفض العديد من أولياء تلاميذ بوهران إخضاع أبنائهم المتمدرسين للتعليمة الوزارية القاضية بتوحيد المآزر حتى بعد مراجعتها تحت ضغط واقع السوق وحصرها فقط في إلزامية الانضباط بألوان رسمية موحدة بالنسبة لكل جنس بغض النظر عن تدرجات اللون الواحد أو نوع التصميم، وأكد بعض هؤلاء أنه لا بديل لهم عن إلباسهم مآزرهم القديمة من مختلف الألوان، معتبرين أن الهدف المروّج له من هذا القرار لا يمكنه إلغاء الفوارق الاجتماعية بين التلاميذ، وإنما على العكس يسلط عليها الضوء أكثر عندما يجتمع أصحاب المآزر الموحدة بغيرهم من العاجزين عن اقتنائها في قسم واحد ليبرز الفقير جليا ضمن الصف. * كما أثار البعض الشكوك حول قوائم التلاميذ المعوزين المعنيين بمجانية الاستفادة من المآزر التي فرضتها الوزارة بدء من الموسم الجاري، مؤكدين أيضا على وجود العديد من العائلات التي تحسب أنها تحيد بعض الشيء عن فئة المحتاجين أو على الأقل أنها لا تصل إلى درجة طلب المساعدة وتسول التبرعات والمساعدات، لكنها وجدت نفسها هذه المرة عاجزة بالفعل عن تخصيص ميزانية خاصة لاقتناء مآزر جديدة لأبنائها، لاسيما منها التي تتكون من أكثر من فردين متمدرسين بسبب تراكم وتضاعف الضغوط المالية والأعباء الاجتماعية واعتبار البعض هذا الأمر نوعا من الإسراف والتبذير عندما يجبَر الأولياء على رمي مآزر العام الماضي التي لا يزال الكثير منها في حالة جيدة وتكليف أنفسهم أتعاب شراء أخرى، حيث يرى هؤلاء أن الوزارة بقرارها هذا التي بررته بسياستها الرامية إلى إلغاء الفوارق الاجتماعية إنما زادت بمضاعفة الجرعة من خلاله (أي القرار)، وذلك بسبب عدم مراعاتها الحالة الاجتماعية المزرية لجل العائلات الجزائرية التي لا تحصيها وزارة التضامن في ملفاتها ولا تدخر لها نصيبا من ميزانيتها، موضحين أن مجرد تواجد تلميذ بمئزر مختلف عن المجموعة يصوب إليه انتباه زملائه ويحدد مستواه الاجتماعي وليس له ولا لأوليائه البسطاء أو حتى متوسطي الدخل في الأمر ذنبا ولا تقصيرا متعمدا، كما تساءلت إحدى السيدات عن جدوى توحيد اللون بدل الهندام في الوصول إلى الهدف المزعوم، وكيف يمكن للون الوردي مثلا للمئزر وحده داخل القسم أن يرسخ المعنى ولا يفعله اللون الأحمر أو الأصفر مثلا، وحاله الآن إما بأكمام تارة وبغيرها تارة أخرى، أو قصيرا أو طويلا أو يحمل رسومات متباينة إلى غير ذلك من الاختلافات المتناقضة مع مبدأ التوحيد، وعندما يشذ أحد أو بعض الزملاء بألوان مختلفة يعني ذلك بالنسبة للوزارة تكريسا للطبقية والأصل حسبها دائما أن البسطاء وحدهم غالبا من يفرض عليهم التمرد القهري ليزيد من تشخيص حالهم والجهر به مظهرا وشكلا. * في المقابل، أكد مدراء مؤسسات تربوية بوهران على تجاوزهم قدر الإمكان الدخول في صراعات مع أولياء تلاميذ يخالف أبناؤهم الزي الرسمي المقرر من أول لقاء، أو إثارة استفزازاتهم في الوقت الحالي بما يجعل التلميذ وحده الضحية عندما يكون مصيره الطرد مثلما فعلها مسؤولون آخرون، مثلما اعتبر البعض قرار توحيد لون المئزر المدرسي مهمة جديدة تضاف إلى أعباء المديرين الكثيرة ولا ينالهم منها سوى البلبلة وتصديع الرؤوس بدل التركيز على أولى الاهتمامات بالتلاميذ، مضيفين أن القضاء على الفوارق الاجتماعية صعب تحقيقه ما دام التلميذ يلتقي بزملائه أمام مدخل مؤسسته التربوية دون مئزر ويفعلها تبجحا للتباهي بهندامه الذي أحيانا كثيرة لا يراعي حتى معايير الحشمة والتقاليد بالنسبة للكثير من الفتيات.