* تلاميذ دخلوا بالأعلام وجامعيون غابوا عن الجامعة ومناصرون حولوا الشوارع إلى ملعب كبير * مطاردات و"تطباع" للظفر براية وطنية وأطفال استنجدوا بأعلام الساحات الوطنية من باب الواد مرورا بساحة الشهداء وصولا إلى أزقة شارع بلوزداد والقبة نفس الأجواء والهتافات والشعارات تكررت على مسامعنا، صنع فيها أنصار الخضر ملحمة رائعة شببهها "عمي أحمد" صاحب 84 عاما بأجواء ما بعد الإستقلال. * "الكل كان يريد أن يحتفل على طريقته الخاصة والكل كان يريد أن تحسم مباراة الجزائر رواندا تأشيرة التأهل للمونديال". * الساعة الواحدة بعد الزوال نصل إلى ساحة الشهداء، كانت درجة الحرارة مرتفعة وكانت أجواء ساعات ما قبل المباراة استثنائية رسم فيها أنصار الخضر مشاهدا لا يصنعها إلا الجزائريين بالقرب من إحدى محلات بيع الجرائد افترش أحد الرسامين لوازم الرسم، فيما اصطف الفضوليون من حوله وهو يرسم على ملامح المناصرين ألوان الراية الوطنية، ليردد على مسامعنا أحد المناصرين قائلا: "إذا لم يكن لديك اللون الأحمر بما فيه الكفاية سأجرح يدي لكي ترسم بدمي اللون الأحمر.."، مشهد زاد من حماس المناصرين وهم يستعجلون الرسام رضا للذهاب إلى ملعب البليدة.. * تركنا المكان واتجهنا إلى باب الواد كانت أنصار الخضر تلوح في كل مكان حتى أن أعوان الأمن وجدوا صعوبة كبيرة في فك حركة المرور، أمام هتافات المناصرين "يا البوليس خلينا نروحو للبليدة ونديروا حالا".. * * مطمور وجبور وعنتر يحيى... والشبكة يا زياني * لعل الرابح الأكبر بالدرجة الثانية مطربو الأغاني الوطنية وعلى رأسهم فرقة ميلانو وطورينو والتي صنعت أغانيها فرجة كبيرة في أوساط العاصميين بالإضافة إلى ألبوم كل من الشاب توفيق وحسيبة عروش وأيضا أغنية الثنائي محفوظ وصونيا، وشهدت محلات بيع الأقراص المضغوطة هتافات منقطعة النظير من قبل المناصرين ومن مختلف الأعمار والأجناس. * ونحن في باب الواد اغتنمنا الفرصة بتواجدنا بالقرب من أحد الباعة وسألناه عن قيمة أرباحه، وفيما إذا كانت هذه التجارة مدرة للربح.. هنا قاطعنا أحد الجالسين بالقرب منه قائلا:"إنه يجني أرباحا طائلة ببيعه للأقراص المضغوطة فهو يقوم بنسخ قرص واحد بمبلغ 25 دينارا، ليقوم ببيعه بعدها ب 100 دينار ويبيع في اليوم الواحد أزيد من 50 شريطا، ولكي أن تحسبي أرباحه.. (تبسم صاحب التجارة) ليرد هو الآخر قائلا: "أحنا نبيعوا الفرحة للشعب ماشي الدخان وربي ينصرنا أمام مصر باه نديروا حالا".. * * أطفال يستحوذون على رايات الساحة العمومية وتلاميذ يقتحمون المدارس بالأعلام * أول أمس لم يكن عاديا كذلك في المدارس وفي الجامعات التي خوت على عروشها بعد الواحدة زوالا، الكثير من تلاميذ الثانويات توغلوا إلى مدارسهم وهم يحملون الرايات الوطنية، منهم من تعمد إلصاق الراية الوطنية الصغيرة بمحفظته، على غرار "محمد الأمين" في السنة الثانية ثانوي شعبة آداب الذي ردد على مسامعنا قائلا:"إذا فزنا نديرواحالا ..". * كما شهدت الساحات العمومية لنهار أمس استنزافا للأعلام الوطنية وتحويلها للسوق أو لإستغلالها في مناصرة الفريق الوطني. * ووجد أعوان الأمن لنهار أمس صعوبة كبيرة في فك حركة المرور بعد أن قام بعض التجار بقطع الطرق لبيع بضاعتهم من أقراص ورايات.. * نفس الأجواء عرفها أطول شارع في العاصمة بلوزداد (المناصرون دارو حالا) اقتربنا من أحد باعة الأعلام الوطنية والأقراص المضغوطة لأغاني المنتخب الوطني يدعى"رضا"21 عاما بطال، قال لنا بأنه جلبها من أحد أصدقائه من باب الواد، وكم كانت فرحته كبيرة وهو يعلم بأننا من جريدة الشروق اليومي لحظتها تجمهر عدد كبير من مناصري المنتخب الوطني أمام كاميرا زميلي (حمزة) لأخذ صور تذكارية رفقة الأعلام الوطنية طالبين منه نشرها في أكبر جريدة في الجزائر. * * بورصة ألوان الخضر تحقق أرقاما قياسية في المبيعات * وصل سعر الراية الوطنية لحجم واحد متر إلى 200 دينار، فيما وصل سعر العلم الوطني من حجم 2 متر إلى 400 دينار، وقدر سعر علم بطول 3 أمتار إلى مبلغ 500 دينار، وبيعت الأعلام الصغيرة ب 50 دينارا، كما انتهز أصحاب المحلات بيع قمصان الخضر بمبالغ خيالية تراوح سعرها ما بين 1500 وصولا إلى 3000 دينار حسب النوعية، وقدر سعر المظلة ذات الألوان الوطنية ب 400 دينار في شوارع العاصمة، وشكل كل من شارع باب الواد قبلة لتوزيع الرايات وبيعت حتى الألعاب النارية على غرار (الفيميجان) التي قدر سعرها ب 800 دينار، واختلف السعر من محل إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، وشكل حي باب الواد العتيق مركزا لتوزيع هذه التجارة التي أنعشها أشبال رابح سعدان، عند وصولنا إلى المكان كانت عقارب الساعة قد وصلت إلى الواحدة والنصف بعد الزوال، حيث قلت حركة المناصرين والباعة بعد أن بدأوا في الإتجاه إلى ملعب البليدة، وجدنا بعض الباعة ممن فضلوا متابعة اللقاء عبر شاشة التلفزيون وفي المقاهي اقتربنا من أحدهم لنسأل عن وجهة هذه الرايات الوطنية فرد قائلا: "ليس عيبا أن نبيع العلم الوطني فلوقت ليس بالبعيد كان الكثير من الشباب يخجل من حمل الراية الوطنية في سياراته أما اليوم فالوضع مختلف..". * ونحن في طريق العودة إلى مقر "الشروق" بالقبة لفتت انتباهنا صورة استثنائية عندما قام أنصار الخضر بتعليق راية وطنية كبيرة فاق طولها 12 مترا بواجهة إحدى العمارتين.. هكذا تزيت العاصمة بمختلف ألوان الراية الوطنية، خضراء حمراء، بيضاء، ولم يعد العلم الوطني حكرا فقط على المؤسسات الرسمية، حتى أصبح يخيل لك أن كل منزل هو بمثابة هيئة رسمية، ومست الظاهرة حتى الأكواخ القصديرية في أحد أحياء بوروبة، قام أحد الساكنين بتغطية كوخه من السقف إلى الجدران بالراية الوطنية في مشهد لا يصنعه إلا الجزائريون.