عزوز بقاق في منتدى الشروق - تصوير بشير زمري " مشكلات فرنسا الحقيقية في البطالة والإدماج وليس في البرقع والحجاب" أوضح الوزير الفرنسي السابق لتكافؤ الفرص عزّوز بقاق، أن هناك مشاكل كثيرة تواجه الحكومة الفرنسية ولم تجد لها حلا إلى الآن، وعلى رأسها مشكلات الاقتصاد المتأزم والبطالة وفشل سياسة الإدماج التي تبنّتها. وقال ضيف "منتدى الشروق" إنه بدلا من أن يسعى ساركوزي لحل هذه المعضلات التي تهدد المستقبل الفرنسي، تم تحوير الموضوع واستهداف العرب وزرع " الإسلاموفوبيا " وافتعال مشكلة البرقع لتصبح قضية وطنية . * ولم يغفل محدّثنا الإشارة إلى أن الماضي الاستعماري يسمّم العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث اعتبر أن الاستعمار عبارة عن "اغتصاب مسلّح" ولن يسقط بالتقادم، كما أكد أن معارضته لساركوزي كلفته إقصاء وسائل الإعلام الثقيلة التي ترفض استضافته. * * بقاق يعتز براديكاليته في " معارضة العنصرية و الإسلاموفوبيا " * " استقلت من الحكومة لأنني رفضت التمييز والترهيب ضد العرب والمسلمين " * قال الوزير الفرنسي السابق لتكافؤ الفرص إن المشاكل الحقيقية التي تعاني منها فرنسا الآن تتعلق بتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة، وليس بارتداء البرقع ومحاربته واعتبار ذلك قضية وطنية . * وأوضح عزوز بقاق أن الوضع الاقتصادي يعرف انسدادا خطيرا ولم تتوصل الحكومة الفرنسية إلى إيجاد حل له، حيث ارتفعت المديونية الفرنسية إلى 1600 مليار أورو، كما تقترض فرنسا يوميا من الأسواق العالمية 700 مليون أورو لمواجهة الأزمات الاقتصادية الداخلية، كما أن سوق الشغل تُحيل 2000 عامل يوميا على البطالة، مؤكدا أن فرنسا عليها أن تواجه هذه المشاكل وليس مشكلة البرقع التي تحولت إلى قضية وطنية، رغم أنه لا يوجد سوى 350 امرأة ترتديه في كل التراب الفرنسي . * وأشار ضيف "منتدى الشروق" إلى أن هذه السياسات الخاطئة التي تحكم فرنسا ستجعلها تركّز في العامين القادمين على موضوع اللاأمن، وهو ما يعني بالضرورة الضواحي الفرنسية التي تغص بالفرنسيين ذوي الأصول العربية والمسلمة، كما سيُتخذ موضوع الهوية الوطنية مرتكزا لأجل التخويف أكثر من العرب والأفارقة المسلمين، وهي سياسات تعتبر امتدادا لرؤية اليمين المتطرف ممثلا في " الجبهة الوطنية " التي يطبق ساركوزي سياستها تجاه المهاجرين . * وفي هذا السياق، قال محدّثنا إن السبب الرئيس الذي دفعه للاستقالة من منصبه كوزير في الحكومة الفرنسية ومواجهة ساركوزي بعدها هو ما لمسه من انحراف في التعامل مع موضوع المهاجرين والإسلام، مؤكدا بالقول: "لو كنت لطيفا مع ساركوزي لبقيت وزيرا في الحكومة كما فعلت رشيدة داتي وفضيلة عمارة"، معتبرا أن اقتصار تعيين الوزراء ذوي الأصول المغاربية على النساء فقط يمثل "رسالة سياسية مفادها أن الإدماج يمر عبر النساء وليس الرجال.. الوزيرات للأسف لا يستطعن قول: لا كما فعلت أنا". * ولم يغفل بقاق الإشارة إلى أن وجود وزراء ذوي أصول غير فرنسية في حكومة فرنسية يعتبر في حد ذاته أمرا جيدا وخطوة كبيرة للأمام علينا أن نثمّنها ونرسّخها . * * قال إنه لا يستعمل الأدب لتصفية حساباته السياسية * " الكتاب الجزائريون مصابون بالبرانويا " * قال عزوز بقاق بأنه لا ينزعج من وصفه ب "الكاتب الملتزم" لكنه أكد في المقابل على أنه لا يستعمل أبدا الأدب لتصفية حساباته السياسية، لأنه يعتقد دائما بأنه من الأفضل أن "نمارس السياسة عندما يكون لنا عمل آخر، لأن ممارسة السياسة كوظيفة وحيدة يشكل خطرا عليها وعلى الديمقراطية ". * ولدى حديثه عن تجربته الأدبية عاد بقاق للكتاب الذي وشم حياته الأدبية " فتى الشعاب " الذي تربت عليه أجيال من الفرنسيين خاصة الشباب، فملايين منهم أحبوا " ابن الشعبة ". * ويعتبر بقاق الكتابة فعلا سياسيا هو الآخر، لكنه على المدى البعيد عمل على مستوى الأطر التربوية التي تربي الناس على الديمقراطية، وفي هذا الإطار اعتبر أن "ما يتم الترويج له من كون الدور الفرنسية تفرض الرقابة وشروطا على الكتاب محض ادعاء وتوهم من الجزائريين "المصابون بالبرانويا " ، والذين يفسرون دائما فشلهم بعقيدة التآمر، وقدم أمثلة بالكتاب الجزائريين المعروفين اليوم في فرنسا من آسيا جبار وياسمينة خضرة . * وركز بقاق، لدى حديثه عن الكتابة والسينما خاصة كوسيلة في أيدي أبناء المهاجرين لترقية حظوظهم في اقتناص فرصهم في الحياة من جهة أخرى اعتبر التنافس على الجوائز الفرنسية لا يعود لعقدة الضحية بقدر ما يتعلق بوجود جائزة واحدة وجود ملايين الكتاب الذين يحلمون بها وكل واحد يعتقد انه الأحق بها . * * لم يخف تشاؤمه من مستقبلها في ظل نظام ساركوزي * " الماضي الاستعماري مشكلة تُسمم العلاقات الجزائرية الفرنسية " * أعرب الوزير الفرنسي السابق عزوز بقاق، عن تشاؤمه حول مصير العلاقات الجزائرية الفرنسية، في ظل الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي، وأرجع بقاق السبب إلى طبيعة السياسات المتطرفة المنتهجة من طرف ساكن قصر الإيليزي. * وقال بقاق في فوروم "الشروق اليومي"، إن "ما يجمع بين الجزائروفرنسا أكبر بكثير مما يفرقهما، غير أن المشكل الحقيقي يكمن في كيفية تعاطي الحكومة الفرنسية مع الإسلام والأقليات العربية والإفريقية المقيمة". وذكر بقاق أن "كل العرب والمسلمين يدركون أن الإسلام أخذ رهينة في فرنسا " ، بسبب سياسة ساركوزي، التي ترفض التنوع وتؤكد على الذوبان . * وتابع الوزير الفرنسي السابق لتكافؤ الفرص "نحن لا ننتظر شيئا من سياسة ساركوزي اليمينية، غير أن الشعبين الجزائري والفرنسي بإمكانهما إرساء جسور تلاقي وتقارب، تكون بمثابة أرضية للدفع بالعلاقات الثنائية قدما نحو الأمام". * وأضاف "هناك الملايين من المواطنين الفرنسيين، من أصول مغاربية، وهذا المعطى بما ينطوي عليه من مصالح اقتصادية وثقافية وأبعاد اجتماعية، كفيل بأن يفرض على الطرفين الحفاظ على حد أدنى من الوفاق الدبلوماسي"، مشيرا إلى أن الآلاف من الفرنسيين من أصول جزائرية يشرفون على مؤسسات اقتصادية بفرنسا . * واعترف المتحدث بأن الماضي الاستعماري وجروح التاريخ بين الجزائروفرنسا، تشكل حجرة عثرة أمام تطور العلاقات الثنائية، ودعا بالمناسبة إلى معالجة هذه القضية بالطرق اللازمة، وقال "أعتقد أن قضية الماضي الاستعماري إذا لم تتم تسويتها بالطريقة المطلوبة ستبقى تسمم العلاقات الثنائية " ، لافتا في هذا الصدد إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه العمل السينمائي في إيجاد العلاج الكفيل بمعالجة جروح الذاكرة . * * معارضة بقاق لساركوزي كلفته مقاطعة الإعلام الفرنسي الثقيل له * " حتى سفير الجزائر بباريس قطع صلته بي " * كشف عزوز بقاق بأنه دفع الضريبة غالية على موقفه المعارض لخيارات نيكولا ساركوزي السياسية "فوسائل الإعلام الثقيلة ك "تي آف 1" و"أوروب 1" و بعض الجرائد والمجلات ك "باري ماتش" تمارس الى اليوم مقاطعة شاملة، بل أن البعض يسعى إلى محوي التام من الذاكرة، ولا أدل على ذلك من تصريحات ساركوزي نفسه الذي سئل عن كتابي "الخراف في الحمام" حين صدوره في أفريل 2007 فقال: من هذا العزوز بقاق أنا لا أعرفه؟، على الرغم من أننا اشتغلنا سويا في نفس الحكومة لما لا يقل عن السنتين وكنا نلتقي كل أربعاء في مجلس الوزراء بقصر الإليزي". * وبعد الحديث عن أهمية الإعلام في تكريس المجتمع الديمقراطي، انطلاقا من مبدأ أنه "إذا خاف الصحفي أو انحرف فقل على الديمقراطية السلام"، ذكر ضيف "الشروق" بأن مقاطعته لم تعد تقتصر على وسائل الإعلام فحسب "لكنها امتدت إلى السلك الدبلوماسي العربي بباريس، فحتى السفير الجزائري قطع كل صلة بي وكأنه لم يعرفني يوما ". * * طالب فرنسا بالاعتذار والتعويض " لأن الذاكرة الجماعية لا ترحم " * بقاق يصف الاستعمار ب " الاغتصاب المسلح " * دافع عزوز بقاق على ضرورة التوصل إلى ما أسماه " ذاكرة مشتركة " تجمع الجزائريين والفرنسيين انطلاقا من حقائق تاريخية تتقاسمها الأجيال القادمة، التي - حسبه - أصبحت غير مهتمة بمعرفة ما مضى * واعتبر بقاق " الذاكرة المشتركة " خطوة أساسية لإقناع فرنسا بضرورة الاعتذار والتعويض عما فضل وصفه ب " الاغتصاب المسلح ". * ودعا ضيف " الشروق " إلى ضرورة المشاركة في الحياة السياسية بفرنسا ومحاولة التواجد الجزائري في برلمانها " لأن غياب ممثلين من أصل جزائري يضعف من قوة المطلب لأنه لن يجد منفذا قانونيا ". * وتأسف بقاق كثيرا على عزوف الشباب المغاربي المغترب عن الانتخاب وإعطاء صوته لمن يرى فيه الكفاءة ونفس الشيء بالنسبة للترشح. جازما بأن اعتراف فرنسا وتعويضها عن الفترة الاستعمارية سيظل مطلبا بدون قوة قانونية. وختم قائلا "قال ساركوزي لسنا مجبرين عن الاعتذار عما مضى ولم نكن طرفا فيه، وأنا أقول إن الاغتصاب جريمة لا مبرر لها وعلى فرنسا الاعتذار والتعويض لأن الذاكرة الجماعية لا ترحم ". * * من مجموع 577 نائب في البرلمان الفرنسي لا يوجد عربي واحد * " العيب في المهاجرين العرب وليس في اليهود " * قال ضيف "منتدى الشروق" إن كثيرا من أبناء الجاليات العربية والإسلامية يُلقون بمسؤولية تردي أوضاعهم في فرنسا على ما يسمونه "اللوبي اليهودي أو الصهيوني"، معتبرا أن هذا الأمر وصل إلى حد "الظاهرة" التي سمع بها كثيرا في خرجاته واحتكاكه بالجاليات المغاربية. * وأكد محدّثنا أنه لمس من خلال معايناته الميدانية ومعرفته بواقع المهاجرين المغاربة المستقرين في فرنسا أنهم يتحملون مسؤولية وضعهم المتردي، حيث يفضّل كثير من الشباب العيش في عزلة عن المجتمع وحراكه السياسي والاقتصادي، ويرفضون المشاركة في العمليات السياسية والانتخابات، بما يؤدي إلى غياب ممثلين لهم ينقلون معاناتهم للحكومة ويسعون جاهدين لحلها . * وأوضح بقاق أنه كان يسأل من يرمي المسؤولية على "اللوبي الصهيوني": "هل يتحمل اليهود مسؤولية عزوفك عن الانتخابات وإعراضك عن القيام بواجباتك الحضارية"، كاشفا في السياق ذاته أنه من مجموع 577 نائب في البرلمان الفرنسي لا يوجد نائب عربي واحد، وهو ما يكشف حجم معاناة الفرنسيين ذوي الأصول المغاربية الذين وقعوا ضحية انعزاليتهم وعزوفهم عن ممارسة حقوقهم الانتخابية . * * دعا وزارة الثقافة الجزائرية إلى تقديم الدعم له * بقاق يحضر فيلما سينمائيا عن انتفاضة 8 ماي 1945 * كشف الكاتب عزوز بقاق على هامش زيارته ل "الشروق" عن مشروع سينمائي هو بصدد كتابته عن الظروف التي سبقت أحداث الثامن ماي 1945، وبالضبط في شهر مارس مركزا على أحداث واقعية مر بها والده أيام اشتغاله في مزرعة معمر فرنسي استغله وعامله بقسوة ووحشية وصلت إلى رسم آثار 26 ضربة بعدد الحروف الأبجدية على ظهره . * وأكد بقاق بأن الفيلم سيسلمه لمنتج فرنسي في انتظار الاتفاق مع مخرج معروف قادر على إعطاء العمل اللمسة الاحترافية. وسيحاول ابن الاوريسيا بمدينة سطيف أن يشرح أبعاد الانتفاضة وأسباب خروج الجزائريين يومها لمواجهة مصيرهم في سبيل أن يفهموا ما تريده فرنسا بإقحامهم في حرب لا تعنيهم ثم أخلفت بوعودها . * كما اغتنم محدثنا الفرصة ليوجه نداء إلى وزارة الثقافة الجزائرية عساها تدعمه في هذا المشروع . * * قال بأن لاعبي المنتخب الوطني يحملون مستقبل بلدهم في أرجلهم * " تأهل الجزائر إلى المونديال ضرورة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية " * تبين من خلال دردشة على هامش المنتدى أن لعزوز بقاق السياسي والكاتب له ثقافة رياضية لا يستهان بها، بل وصرح انه لم يفوت أي مقابلة للمنتخب الوطني. وعن توقعاته فيما يخص مباراة الخضر مع الفريق المصري قال "ممنوع على الخضر الخسارة لأن على عاتقهم مسؤولية تاريخية واقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية وأمنية . وكل آمال الشعب الجزائري معلقة على أدائه في مباراته يوم 14 نوفمبر القادم بالقاهرة ". * * من " فتى الشعبة " إلى " قل لي صباح الخير " * عزوز بقاق ابن الفقير الذي " يرفض بيع مبادئه " * عزوز بقاق، كاتب وروائي وباحث في الاجتماعيات، فرنسي ذو أصول جزائرية من سطيف، تقلد عدة مناصب عليا في الدولة الفرنسية منها وزارة تكافؤ الفرص في حكومة دومينيك دو فيلبان من الثاني جوان 2005 إلى الخامس أفريل 2007 . * وكانت بينه وبين نيكولا ساركوزي وزير الداخلية آنذاك خصومة شديدة بعدما ندد بقاق بأقوال ساركوزي الذي وصف الصبيان المشاغبين في الأحياء الشعبية الفرنسية بال"حثالة". فرفض أن يؤيد ساركوزي أثناء الحملة الانتخابية الفرنسية في ربيع 2007 وانضم إلى فريق فرنسوا بايرو. * حصل على وسام فارس جوقة الشرف وهو أعلى وسام يمنح في الدولة الفرنسية، مؤلف عدة روايات وكتب منها "فتى الشعاب" الذي تحول إلى فيلم سينمائي ووصف حياة المهاجرين، و"لكبش في الحمام" الذي كان تصفية حسابات مع الرئيس ساركوزي إلى آخر كتاب "قل لي صباح الخير" الذي جاء يروج له في معرض الكتاب بالجزائر . بقاق يفتخر دائما كونه " ابن الفلاح الذي صار وزيرا في الحكومة الفرنسية ويؤكد دائما " أنا ابن الفلاح الذي رفض بيع مبادئه ". * * أصداء * * كلما ذكر بقاق الرئيس الأمريكي أوباما ألح على مناداته باسمه المسلم "حسين"، وقال بأنه يفعل ذلك ردا على كل أولئك الذين استغلوا أصول أوباما الإسلامية ليتهموه بالعلاقة المشبوهة مع صدام حسين وأسامة بن لادن. * * قال بقاق مازحا : المسلمون هم المطالبون اليوم بتأهيل فرنسا إلى كأس العالم، فريبيري مسلم ونفس الشيء بالنسبة لنيكولا آنيلكا وبن زيمة . * * وبنفس الروح المرحة اقترح ضيف " الشروق " إنجاز جسر بين الحراش ومارسيليا في سبيل دعم العلاقات بين الشعبين الجزائري والفرنسي . * * لم يخف بقاق أسفه الشديد من جهله للغة العربية " بالرغم من إجادتي للإسبانية و الألمانية والأنجليزية إلا أن ذلك لم يعوضني فقدي للغة أجدادي ".