يوميا نتطلع لأيام أحسن يعمّ فيها الخير والحق على كل الجزائريين، ولكن يبدو أن هذه الأمنيه صعبة المنال، فأصبح الشك والريب، وفقدان الثقة السمة الغالبة بين الحكام والمحكومين؛ تلك العلاقة المتوترة سبب رئيسي لتدهور النظام العام، والآداب العامة، والسكينة... * * فكثرة الإضرابات والاحتجاجات والمسيرات هو نتاج طبيعى لافتقاد عنصر الثقة!! فكم من وزير وعد... وأخلف؟؟؟ وفى جميع القطاعات بدون أستثناء... وكم من مسؤول جعل العديد يحلم، ولكن لم يتعدّ مرحلة الخيال إلى الفعل والفعل المضاد!.؟... * وإنني لم أحدد مسؤولا بعينه، بحكم أن الظاهرة عامة على مستويات عدة وفي مختلف القطاعات. فحتى سفراءنا الأفاضل وإنني أتكلم على الاقل عن سفارة مكان إقامتي فالتدهور والتهور هو سيد الموقف، فالعديد أصبح ينفر بمجرد سماع كلمة سفارة، لسبب بسيط... فقدان الثقة والتصرفات اللاّمسؤولة لسعادته، وإنني قد لا أعدّد مناقبهم فهي عديدة وعديدة جدا..؟؟ آخرها جعل حفل الفاتح نوفمبر حكرا على فئة، وإبعاد الفئات المستحقرة. ونسي سعادته الذى أصبح حاليا نكرة لا تشفعه إلا الأفعال أن نوفمبر هو ملك للجزائريين جمعاء بدون استثناء، ولكن قد نعذره بحكم أن الموجة العامة والسنفونية تقضي تلك التصرفات... وفي العديد من الدول المقارنة في حال شعور الحاكم بفقدانه الثقة قد يلجأ للعديد من الآليات لاسترجاعها، أهمها الانتخابات المسبقة على مختلف المستويات الدنيا منها والعليا (البلدية البرلمان)، أو تطعيم مناصب المسؤولية بأشخاص مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقامة... إلخ، ولكن يبدو أن فى جزائرنا الحبيبة هذه المعايير العالمية لن تجد لها مرتعى أو بيئة.!!!.. * وإنني قد لا أفتري على الحقائق بقدر ما أحاول استنطاق الواقع بمؤشراته السياسية والاجتماعية للاستقصاء والبحث عن الحلقة المفقودة بين الحكام والمحكومين وهو الثقة، فهذا العنصر قد يجعل الرعية تحترم حكامها، ليس نتيجة الخوف أو "القلوز"!!! ولكن بسبب المواصفات القيادية من أخلاق، وهيبة، ووقار... وعليه، نبتعد عن سياسات التهجين... وأن يكون الاحترام مع الواقف!! بزوال عناصر قواته المفبركة يزول الاحترام وينتقل الولاء للواقف التالي... فالتسريبات حول بعض الملابسات التي حدثت مع المرحوم المجاهد بشير بومعزة في قبة مجلس الأمة تدل على الأقل على نوعية الطبقة السياسية أو زبدة المجتمع المستهجنة... وأنني لست هنا لأحكم على التاريخ بقدر ما أنني أحاول استخراج العبر والدروس وربطه بعنصر الثقة، والثقة عادة ما تترجم بلغة القانون وبالأخص في المجال القانون الدستوري بالشرعية، والشرعية قد تتنوع فقد تكون كرزماتية... * وقد تكون ثورية... ولكن أعلى المستويات وهي الشرعية الشعبية، ولن يتحقق ذلك فى ظل الإكراهات أو الإملاءات أو التوجيهات!!... كما هو معمول بها في انتخاباتنا... ولكن يجب أن تتحرر وتكون حرة مستقلة وإلا انقلبت إلى مشروعية، تفرض بالقوة بعيدا عن كل تعبير شعبي صادق نابع من التطلعات الحقيقية، فالثقة وتجسيدها أو تجذّرها بين المجتمع والحكام قد يخفف العبء على الكثير. من ذلك إضفاء نيران الغليان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وبدونها فكل السياسات هي ترقيعية أو ظرفية، قد تصلح لفترة وليست لكل الفترة، بقدر ما تكون أحيانا ناشئة لأزمات مستقبلية على المدى البعيد، وقس على ذلك نفس المنطق على مستوى الاحزاب والمجتمع المدنى، والعديد من الهيئات... فالانشقاقات والتصحيحات مؤشر على فقدان الثقة، فلنتفطّن للمعادلة قبل فوات الأوان!!! فالنهر الهادئ لما يحمل قد يأخذ فيها الصالح والطالح، كالسفينة لما تخرق قد يغرق كل من عليها.