في خطوة تكشف عن حالة التخبط التي تعيشها مصر، بعد إقصاء فريقها على يد الفريق الوطني من مونديال جنوب إفريقيا بشكل نظيف، أقدمت السلطات المصرية على اتخاذ قرارات وضعتها في موقع الغريق الذي يتشبث بالقشة العائمة أملا في النجاة من الغرق. * أولى هذه القرارات، إعلان الاتحاد المصري لكرة اليد اعتذاره عن تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية للعبة، والتي كان من المقرر إقامتها في فيفري المقبل، بداعي تجنب استقبال أفراد البعثة الجزائرية في القاهرة، على خلفية قرار اللجنة الأولمبية المصرية بمقاطعة الفرق الرياضية المصرية لنظيرتها الجزائرية، وإعلان رئيس المجلس القومي للرياضة، حسن صقر، تحمل المجلس الحكومي قيمة الغرامة المالية التي ستسلط على المصريين، والمقدرة بثمانين ألف دولار، مع احتمالات إقصاء فريقهم من المنافسة. * ثاني القرارات تمثل في تنظيم الاتحاد المصري لكرة القدم ندوة صحفية اليوم، وصفها ب"العالمية"، دعا إليها سفراء الدول التي توجد في مصر، وكذا عدد من السياسيين العرب ومراسلي وسائل الإعلام العربية والعالمية، الهدف منها إطلاعهم على ما يصفونها "تجاوزات" الجماهير الجزائرية في حق هوانم ومناصري منتخب الفراعنة خلال المقابلة الفاصلة في السودان. * أما الأمر الثالث، فيتمثل في سماح اتحاد سمير زاهر، بنشر بعض تفاصيل الملف الذي طار به هو ونائبه في الاتحاد، هاني أبو ريدة، وتتمثل في لقطات فيديو وهمية وملفقة تحاول إظهار تعرض مناصرين مصريين لتجاوزات من طرف جماهير جزائرية، بعد المباراة الفاصلة بمدينة أم درمان السودانية قبل 12 يوما. * القرارات المصرية جاءت عشية شروع الاتحادية الدولية لكرة القدم "فيفا"، في دراسة شكوى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، على خلفية الاعتداءات الوحشية التي تعرضت لها بعثة الفريق الوطني ومناصريه خلال مقابلة الدور الأخير من التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم، والتي خلفت جرح ثلاثة لاعبين وهم خالد لموشية ورفيق حليش ورفيق صايفي، ومدرب الحراس، وهي الاعتداءات التي وقف عليها ودونها ممثل "الفيفا" للشؤون الأمنية، السويسري، فالتر غاغ، في تقريره الذي سلمه لهيئة جوزيف سيب بلاتير. * ويتضح من توقيت ومضامين هذه القرارات، درجة التخبط الذي وصلت إليه سلطات مصر الرياضية ومن ورائها السياسية، سيما بعد أن تأكد لديها أن خطورة ما ارتكبه المصريون قبل وأثناء وبعد مباراة 14 نوفمبر المنصرم، لن يمر بسلام على كرة القدم في مصر ومن بعدها النظام المصري، الذي سعى جاهدا إلى توظيف الرياضة وكرة القدم على وجه التحديد، لأغراض سياسية وذلك بتوريث جمال مبارك عرش أبيه غير المعلن، برغم أنوف المصريين الرافضين لهذا المشروع. * وتدرك السلطات المصرية أن إقصاء الفراعنة من مونديال جنوب إفريقيا، وتسليط عقوبات قاسية من الاتحادية الدولية على كرة القدم المصرية، قد لا تقل عن الإبعاد لسنتين عن المنافسات الدولية، دون الحديث عن الغرامات المالية، من شأنها أن توقظ عموم المصريين وسكان القبور في القاهرة ومحرومي الصعيد، الذين طالما عاشوا على وقع انتصارات رفقاء الحضري، خلال النسختين الأخيرتين من كأس إفريقيا، على وقع مشاكلهم اليومية التي لا تنتهي، وعندها يصبح حلم الانتقال السلس للسلطة من الأب مبارك إلى الإبن جمال، بعيد المنال، كما ستنقلب سموم الفتنة التي نفثتها فضائيات العار، من أجل عيون نجلي سوزان، على أصحابها من أمثال، أديب غير المؤدب وغيره..