كمال الحراشي يعود كمال الحراشي، نجل فقيد الأغنية الشعبية، دحمان الحراشي، إلى الواجهة الفنية في فرنسا، والمناسبة تنشيط حفلات إحياءً لصدور ألبومه الجديد. "ابن أبيه" كما يحلو لبعض الإعلاميين وصفه سيصعد في الخامس من ديسمبر على خشبة دار الثقافة لمدينة بوبينييه في الضاحية الشمالية لباريس، ليسافر بعد ذلك إلى أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة سعيا منه لإسماع أنغام الشعبي. * وسيغتنم كمال الحراشي، عاشق الفن الشعبي ومولودية الجزائر و"الخضر"، فرصة سهرة بوبينييه والحفلات الأخرى لاسترجاع مشوار والده الفني، والتعبير "موسيقيا" كما اعتاد على ذلك عن فرحته وفرحة الجزائريين المقيمين بالخارج بتأهل "أبطال" القاهرة والخرطوم إلى نهائيات كأس العالم. مراسل الشروق اليومي في باريس التقى الفنان قبيل مباراة الجزائر مصر وأثار معه دردشة شائقة. * * الشروق اليومي: لقد صرحت مرارا على هامش سهرات خاصة رفقة الأصدقاء وعشاق الفن أنك ستعمل على توظيف مسارك الفني في سبيل إحياء ذاكرة والدك دحمان الحراشي، رحمه الله، والحفاظ على إرثه الفني على مدار الأجيال. * * كمال الحراشي: بالتأكيد. منذ رحيل والدي في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي وأنا أقضي أيامي على خلفية هذا الطموح وأتمسك بتجسيده. لقد فارق دحمان الحراشي الحياة تاركا إرثا لا يقدر بثمن، لأن الأمر يتعلق بكل بساطة بسجل ثري من القصائد والأغاني تغدي تراث الجزائر الموسيقي والفني. لقد تعهدت أمام الله وأمام أقاربي وأحباب الفقيد وعشاق الفن الشعبي بصفة عامة بالاجتهاد من أجل "إحياء" فن والدي و"تغذيته"، والحرص على تسليمه عبر الأجيال. دحمان الحراشي من طينة الحاج محمد العنقى والحاج مريزق والهاشمي قروابي ومعزوز بوعجاج وغيرهم من »شيوخ« الفن الشعبي، الأمر الذي يحتم على المحبين الترويج لعطائه الفني وزرعه في المشهد الثقافي الجزائري.. * ...وهو الحرص الذي دفعك إلى إنتاج ألبوم جديد صدر قبل أسابيع قليلة. * * إنه تكريم بالدرجة لذاكرة دحمان الحراشي واسترجاع لمشواره الفني كما يدل على ذلك شعار الألبوم "غنى فنو"، وهو عنوان أغنية من كلماتي كتبتها في منتصف التسعينيات من القرن الماضي... * ...وانتظرت سنوات طويلة لتسجيلها.؟ * * لم تكن الظروف مواتية لذلك. فبين تنشيط السهرات العائلية في الجزائروفرنسا، والمشاركة في حفلات ودورات في ربوع أوروبا، واجهت طيلة العشرية الأخيرة أجندة مليئة بالمواعيد، ولم أجد قسطا وافيا من الوقت لدخول الأستوديو لتسجيل الألبوم... * * زيادة على أغنية "غنى فنو" التي كتبت كلماتها، ما هي الأغاني الأخرى للأبوم؟ * * لأن الأمر يتعلق بإحياء ذاكرة دحمان الحراشي واسترجاع سجله الفني، ارتأيت إدراج جملة من الأغاني التي اشتهر بها لدى الجمهور، وحظي بإعجابه على مدار عقود. * * من بينها أغنية "يا الرايح" الشهيرة التي تعدت أصداء أنغامها حدود الجزائر لتصل إلى فرنسا ثم إلى أوروبا وأمريكا واليابان وبلدان المشرق العربي والخليج. الكثيرون يعتبرون أن المطرب الجزائري الفرنسي رشيد طه لعب دورا كبيرا في "تدويل" الأغنية؟. * * لا شك في ذلك. لقد كان له فضل كبير في ترويج "يالرايح" و"تدويلها" في ربوع العالم عبر الحفلات وكبريات قنوات التلفزيون في العالم، وهو مشكور على ذلك. لا يخفى على قرائكم أن رشيد طه بادر بغناء عنوانين كثيرة من التراث الموسيقي الجزائري، غير انه جلب شهرته العالمية من "يا الرايح" دون غيرها من الأغاني. فهذا يدل بصفة قاطعة ان "يا الرايح" رائعة في أتم معنى الكلمة، و"تحرك فؤاد" الهواة، وأن كاتب كلماتها وملحنها المرحوم دحمان الحراشي فنان كبير. * * هل اتصل رشيد طه بعائلة المرحوم وهي مالكة الحقوق المتعلقة بسجله الفني بهدف الحصول على الموافقة لغناء "يا الرايح"؟ * لقد حرص على فعل ذلك، وتعامل مع الموضوع بصفة لائقة ووفق متطلبات "حقوق التأليف"... وذلك على خلاف البعض مثل المطربة التونسية لطيفة العرفاوي التي يقال إنها انتهكت "أخلاقيات" حقوق التأليف بغنائها "خلوني مع رأسي"من كلمات وتلحين دحمان الحراشي دون الحصول على موافقة العائلة. * لقد سبق لوالدتك عائشة عمراني التنديد بذلك في حوار مع الشروق اليومي في السابع عشر من جوان 2009، وتوعدت باللجوء إلى القضاء. * * لم أعثر إلى حد اليوم على هذا الألبوم. لقد قيل لي إن لطيفة العرفاوي غنت "خلوني مع رأسي". والمؤكد انها لم تتصل بذوي الحقوق للحصول على الموافقة، بل أخطر من ذلك تجاهلت كليا ذكر اسم دحمان الحراشي وكأنها مؤلفة الأغنية. هذا أمر لا يطاق ولن نسكت عنه. صحيح ان دحمان الحراشي ينتمي لتراث الجزائر والمغرب العربي الفني وهو ما نفتخر به، لكن هذا لا يعني فتح الباب أمام كل التجاوزات وانتهاك القوانين المعمول بها في مجال حقوق التأليف. * * كمال لا يستبعد تأليف أغنية على شرف الخضر * هل سيسافر "أبناء سعدان" باتجاه جنوب أفريقيا على إيقاع "يا الرايح" بكلمات جديدة؟ السؤال يتردد هذه الأيام على ألسنة عدد من المقربين من كمال الحراشي والمعتادين على سهراته في باريس وغيرها من مدن فرنسا وأوروبا الغربية. * ولم يفوت الفنان الواعد على نفسه فرصة سهراته السابقة لتحية مسار "الخضر" في تصفيات كأس العالم 2010، كما كان الحال خلال الحفل الذي أقيم بقاعة "لوروبيان" (الأوروبي) في قلب ساحة "كليشي" بباريس، والذي تزامن مع إجراء مباراة الإياب ضد رواندا بالبليدة. * بعض محبي الفن الشعبي ممن حضروا الحفل رووا للشروق اليومي ان كمال الحراشي غيّر فجأة برنامج السهرة عندما أخبره جزائري متواجد في القاعة بتسجيل زياني الهدف الثالث، وهو ما دفع بالمطرب والفرقة الموسيقية المرافقة له بتحويل أجواء قاعة "لوروبيان" إلى أجواء ملعب "تشاكر" لقرابة عشرين دقيقة. * وقد أكد كمال الحراشي صحة هذا الخبر في سياق لقاء مع الشروق اليومي قبيل مباراتي القاهرة والخرطوم، وقال إنه من المستحيل عدم التهليل والابتهاج والفريق يخطو خطوة حاسمة على طريق المونديال 2010. فهل سيذهب نجل دحمان الحراشي إلى حد كتابة وتلحين قصيدة تحت عنوان "يا الرايح إلى جنوب افريقيا"؟، المطرب لم يخف اهتمامه بهذه الفكرة ولم يستبعد تجسيدها في حال انتزاع أبناء سعدان تأشيرة السفر إلى بلاد الزعيم نلسون مانديلا. فمنذ حديثه مع الشروق اليومي، أصبح الحلم حقيقة. فهل يجد كمال الوقت الكافي لكتابة كلمات وتلحينها على شرف الخضر؟ في أروقة الشروق اليومي، الجميع يرحب بالفكرة ويقول"ديرها يا كمال".