ما حدث في البرامج بعد مباراة الجزائر هو تحريض بلا وعي من مقدمين بلا ثقافة في تطور جديد، يؤشر على هزيمة إعلامية مصرية مريرة، اعترف حسن راتب وأحمد بهجت والسيد البدوي وهم على التوالي، أصحاب الفضائيات الثلاث الكبرى "المحور ودريم والحياة"، بما وصفوه "الدور الخطير الذي لعبته فضائياتهم في أزمة مباراة الجزائر". * وحسب ما نقلته مصادر مصرية شاركت في اجتماع ضم المالكين الثلاثة مؤخرا لبحث التنسيق بينهم حتى لا يتكرر ما حدث، فقد أكد هؤلاء في اعتراف صريح على "الدور التحريضي الذي لعبه بعض مقدمي البرامج الرياضية، بانفلات ودون وعي في إشعال الفتنة"، وقال مسؤول بجريدة "روز اليوسف" شارك في الاجتماع العاصف، أنّ الشحن كان زائداً ومبالغاً فيه ومثيراً من طرف هذه الفضائيات، لدرجة أنه عبأ الجماهير وأقنعها بأن المباراة مسألة حياة أو موت وأنها نهاية العالم، فإما الفوز، وإما...؟ * وأضاف المصدر ذاته، أنّ هنالك اعتقادا جديا بين مالكي هذه الفضائيات يقضي بضرورة تحويلها إلى مؤسسات لها مجالس إدارة تشرف عليها، وتحدد سياستها الإعلامية، ف"ليس معقولاً ولا مقبولاً أن يكون الأمر والنهي في يد مقدم البرنامج وفريق الإعداد، لدرجة أن بعض الفضائيات بدأت بمقدم برنامج زرع حوله برامج أخرى..."، "كما أنّ الفصل بين الملكية والإدارة مبدأ غير صحيح، لأنه فتح الباب على مصراعيه للشطط تحت زعم أن صاحب الفضائية لا يتدخل في سياستها البرامجية، فمن يتحمل إذن المسؤولية؟". * ولم يتردد أصحاب رأس المال في الفضائيات الثلاث عن القول "بأنّ الحرب التي دارت بين مقدمي البرامج الرياضية ناقضت مهمة الإعلام الأساسية، خصوصا أنها حرب شخصية بين مقدمين كانوا من قبل متنافسين في الملاعب فأصبحوا متصارعين على الشاشات"، ولم يتردد بعض المسؤولين المشاركين في الاجتماع الهام الذي دام 3 ساعات كاملة، ولم يحض بتغطية إعلامية كبيرة في الفضائيات، عن القول أنه يجب بعد هدوء العاصفة والغضب، دراسة وتقييم الدور الذي لعبه بعض مقدمي البرامج،.. "هل يمتلكون الوعي الكافي والثقافة اللازمة للقضايا التي يتعرضون لها، أم أن المسألة مجرد مزاد مفتوح في التهييج والإثارة والغضب، لجذب المشاهدين ولفت انتباههم"، مضيفين "إذا كان لهذه البرامج قدرة كبيرة في جذب المشاهدين والتأثير في الرأي العام.. فلماذا لا يتم ضبط إيقاعها.. وليس التدخل في شأنها أو التأثير في توجهاتها"؟! * وقد طرح صاحب قناة المحور حسن راتب أفكارا تتعلق بالثوابت الوطنية وإحياء ميثاق الشرف الإعلامي وتفعيل برامج تدريب وإعداد العاملين بالفضائيات والتنسيق بين الفضائيات الخاصة في القضايا الجماهيرية الكبرى، في حين أقر مالك قنوات الحياة السيد البدوي بوجود أخطاء في الهيكل التنظيمي للفضائيات، وأنه سيبادر بنفسه بإدخال شكل مؤسسي محترم يضبط إيقاع البرامج بعيداً عن الشللية والمصالح الشخصية، في الوقت الذي نبه فيه صاحب قناتي دريم أحمد بهجت إلى ضرورة أن تتبنى الفضائيات قضية قومية كبرى تُشحن الناس فيها، وليس مباراة في كرة القدم.