المنتخب الكمروني في تاريخ نهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، التي تستعد أنغولا لاستضافة دورتها ال27، لم ينجح ممثلو القارة في كأس العالم، إلا في حالات قليلة، في انتزاع اللقب الإفريقي ونقصد زائير (1974) ونيجيريا (1994). أما البقية فقد فشلت في التفوق وخرجت من الدورة فارغة اليدين تاركة وراءها سؤالا كبيرا لم يجد له جوابا حتى كبار الأخصائيين. * * منذ أن مثل المغرب الكرة الإفريقية عام 1970 في كأس العالم، التي استضافتها المكسيك، وبعد أن دخلت منتخبات القارة المعترك العالمي بقوة بداية من 1982، ثار الحديث عن عجز "الموندياليين" في الفوز بكأس الأمم الإفريقية - التي تسبق نهائياتها عادة كأس العالم ولم تتمكن المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات من التفوق وتأكيد نيلها حق تمثيل القارة. وبالرغم من تعدد الأسباب واختلاف الآراء، إلا أن السؤال الكبير بقي مطروحا على ساحة الكرة الإفريقية، وهو ما فتح الباب للكثير من التفسيرات والتأويلات لا تستند في الحقيقة إلى حقائق ملموسة على الأرض ولا أدلة دامغة تفسر ما يحدث. * * منتخبات زائير، نيجيريا والكامرون كسرت القاعدة * * ومن بين 13 منتخبا إفريقيا مثل القارة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، لم تتمكن سوى ثلاثة منها من نيل اللقب الإفريقي بعد تأهلها إلى كأس العالم. في عام 1974، كان منتخب زائير قد تأهل على حساب المغرب بعد مقابلتين ثار حولهما الجدل وبلغ ملفهما مكاتب الاتحاد الدولي "فيفا"، واستطاع رفقاء الحارس كازادي من افتكاك اللقب الإفريقي بعد أن أعيد النهائي أمام زامبيا. أما المنتخب النيجيري فيبقى من أفضل المنتخبات التي مثلت القارة في المونديال لما بلغ دور ثمن النهائي وخرجت على يد إيطاليا، فيما المنتخب الثالث الكامرون فقد نجح في الفوز بكأس أمم إفريقيا 2002 في مالي وكان حينها ممثلا للقارة السمراء في كأس العالم بكوريا الجنوبية واليابان. * * 1986: خروج مرّ للخضر... و"الكاف" تقصي المغرب * * ولم يشذ المنتخب الوطني في نهائيات 1986 عن القاعدة وخرج من الباب الضيّق بعد أن عجز عن تحقيق فوز واحد في مجموعته التي لعب فيها وضمت الكامرون والمغرب وزامبيا. في الإسكندرية، كان الجميع ينتظر المنتخب الجزائري الذي سحق نظيره التونسي في التصفيات بعد أن هزمه ذهابا وإيابا (4/1 و3/0). وفاجأ المنتخب الوطني محبيه بمستواه المتواضع جدا بعد أن تعادل مع المغرب وزامبيبا بدون أهداف، وخسر في المباراة الثالثة على يد الكامرون (3/2). ولم يقدم المسؤولون عن "الخضر"، في تلك الفترة، أي تفسيرات مقنعة عن إخفاق المنتخب سوى ما قيل إنه انعدام للتركيز والتفكير في كأس العالم. أما المنتخب المغربي، ممثل إفريقيا الثاني في مونديال المكسيك، فقد بلغ الدور نصف النهائي وتعرض للسرقة من المنتخب المصري بتواطؤ من الاتحاد الإفريقي الذي سمح للمصري أبو زيد المعاقب بالاشتراك في مباراة المربع الذهبي. * * توقيت النهائيات غير مناسب.. وتراجع مستوى اللاعبين مبرر * * ويقول تقنيون جزائريون، من بينهم رشيد آيت محمد، مدرب وأستاذ بالمعهد التكنولوجي للرياضة، بأن ظاهرة خروج ممثلي القارة الإفريقية في المونديال من كأس الأمم دون تحقيق النتائج المرجوة، معروفة ولها العديد من التفسيرات. ويرى آيت محمد، بأن تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا في نفس السنة من كأس العالم يطرح مشكلا تقنيا بحتا على اللاعبين والمدربين: "لما تلعب نهائيات كأس الأمم في نفس السنة مع كأس العالم، تنهي المنتخبات الإفريقية التصفيات متأخرة ومرهقة ودخولها إلى النهائيات يكون دائما في ظروف خاصة." ومن الواضح أن دخول نهائيات كأس الأمم الإفريقية في جانفي كل سنتين لا سيما لما تتزامن مع كأس العالم يؤثر على اللاعبين باعتبار أن عدد المباريات قد يفوق العشر، كما حدث مثلا للمنتخب الوطني الجزائري الذي لعب 13 مباراة، منها واحدة فاصلة كلفت اللاعبين الكثير من الجهد وتسببت في بعض الإصابات. * * المونديال للنجومية... وكأس الأمم للإصابات؟ * * ويرى المتابعون للمنتخبات الإفريقية أن كأس الأمم الإفريقية تتراجع عادة إلى المقام الثاني بالنسبة لممثلي القارة في نهائيات كأس العالم. ويعتبر بعض الإخصائيين أن العامل النفسي يلعب دورا هاما في مثل هذه الحالات، لأن اللاعبين يفقدون نسبة كبيرة من تركيزهم الموجه عادة إلى نهائيات كأس العالم. * ولا يتردد البعض في القول إن اللاعبين الأفارقة المتأهلين إلى نهائيات كأس العالم يخشون عادة من الإصابات التي قد تحرمهم من المشاركة في المونديال. وبما أن المشاركة في كأس العالم تعد بالنسبة لكل لاعب إفريقي إنجازا تاريخيا قد لا يعوض، فإن الحذر هو الطابع الذي يغلب على كل اللاعبين ولا يمكن لأي مدرب أن يغيّر هذا التوجه. وبما أن المنتخبات الإفريقية لا تملك التعداد الكافي من اللاعبين، فإن المدربين أنفسهم يخشون فقدان لاعبيهم في نهائيات كأس الأمم الإفريقية وبالتالي يصعب تعويضهم. ويقول أصحاب هذا الرأي إن وضع المنتخبات الإفريقية يختلف تماما مقارنة بنظيراتها الأوروبية والبرازيل والأرجنتين التي تملك ترسانة من اللاعبين. * * نجوم ترفض "الكان" وكأس العالم أولى وأفضل * * وإذا كانت الأسباب التي تقف وراء تراجع مستوى المنتخبات الإفريقية المتأهلة إلى المونديال قد تعددت واختلفت، بحسب رأي التقنيين، إلا أن المشجعين الأفارقة لا يترددون في القول إن نجوم الكرة الإفريقية يديرون ظهرهم لما يكونون متأهلين إلى نهائيات كأس العالم. ولا يتردد البعض في القول إن اللاعبين الأفارقة لا يقدمون الجهد الكافي في النهائيات الإفريقية. وكان اللاعب دروغبا، على سبيل المثال، محل انتقاد كبير عام 2006 لما شارك مع منتخب بلاده في نهائيات مصر وكان حينها المنتخب الإيفواري متأهلا إلى كأس العالم. واتهم دروغبا بالتخاذل وتجنب الإصابة، خاصة في المباراة النهائية ضد المنتخب المصري وهو ما أثر برأيهم على مردود الفيلة الذين كانوا مرشحين لنيل اللقب الإفريقي. * * أنغولا 2010... أو الاختبار الجديد لكبار القارة * * ومن المتوقع أن تشارك المنتخبات الإفريقية الخمسة المتأهلة إلى كأس العالم في نهائيات أنغولا بنية تأكيد تفوقها، باعتبارها الأفضل في إفريقيا. وعليه، فسيدخل المنتخب الجزائري ومعه غانا وكوت ديفوار ونيجيريا والكامرون النهائيات الإفريقية من باب خاصة بالمتأهلين إلى كأس العالم بجنوب افريقيا، وهو ما سيجعل هذه المنتخبات في وضع خاص. فمن ناحية سيعمل كل منتخب على تأكيد قوته التي أبان عنها في التصفيات، ومن ناحية ثانية سيحاول كل منها خطف اللقب الإفريقي. وإذا كانت الأرقام والإحصائيات لا ترشح واحدا من المنتخبات الأربعة المذكورة للفوز باللقب الإفريقي 2010 (3 من أصل 13 منتخبا مثلت القارة في كأس العالم ونالت اللقب الإفريقي)، فإننا ننتظر أن تكسر هذه القاعدة للمرة الرابعة ويفوز أحد "الموندياليين" باللقب الإفريقي، هذا هو التحدي الجديد، بل الاختبار الذي ينتظر كبار القارة في أنغولا بعد عشرة أيام.