مسنون يقصدون المصحات النفسية للتعبير عن حرمانهم العاطفي ما إن تتجاوز الزوجة سن الستين في الكثير من العائلات الجزائرية حتى تستقيل من دورها العاطفي تجاه زوجها، ويصبح مبيتهما في فراش واحد أمر تجاوزه الزمن، فتجاعيد الوجه وشيب الرأس بمفهومنا الواقعي نهاية للعلاقة الجنسية وحتى الودية بين الزوجين اللذين يحالان على التقاعد العاطفي الذي يمنعهما من إبداء أي مشاعر أو رغبة بيولوجية، مما يمهّد للكثير من المشاكل الأسرية التي تصل أحيانا للطلاق بعد سنوات طويلة من الزواج. * * كشف الدكتور بوعلام ضريف، في تصريح للشروق اليومي، أنه استقبل في عيادته المتواجدة ببلدية المرادية عددا معتبرا من المسنين الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعضوية بسبب عدم تمكنهم من ممارسة حقهم الشرعي مع زوجاتهم اللواتي استقلن من هذه الوظيفة لأسباب متنوعة، منها ما يتعلق بكبر السن ومراعاة شعور الأبناء في ممارسة بعض الطقوس العاطفية، ومنها ماهو متعلق ببعض الأمراض التي تمنع المرأة من تلبية حاجات زوجها العجوز. وأضاف المتحدث، أن 90 بالمائة من الخلافات والمشاكل التي تحدث بين المسنين سببها عدم التوافق الجنسي وحرمان المرأة زوجها من حقه الشرعي، مما يدفع هذا الأخير إلى التعبير عن حرمانه بإثارة بعض المشاكل والشعور بالكآبة والإحباط، ويضيف الدكتور قائلا: "أن تكبر في واقعنا يعنى أن تقل درجة حرارة رغباتك إلى ما تحت الصفر، وأهم هذه الرغبات الحاجة الجنسية فيكتب عليك أن تهجر الدفء والعلاقة الحميمة إلى حيث الوحدة والهجران، حينها إن كنت رجلاً سيطلقون عليك وصف الرجل "البركة"، وإن كنت سيدة سيطلقون عليكي وصف "الحاجة"، وهذه الأسماء هي كناية لفقدان الرغبة الجنسية في مجتمعنا، هل الجنس هو قرين الشباب وعدو المسنين وهل من الحكمة أن نعامل الشيوخ كعجزة وعند تفكير أي أحد منهم في الجنس أو التفكير في الزواج بهدف عدم مواقعة الحرام، فإنه مصاب بالمراهقة أو داء التصابي. لماذا ينهال الأبناء على آبائهم بأبشع النعوت عندما يطالبون بممارسة حقوقهم التي ضمنها لهم الإسلام لآخر يوم من حياتهم...". ويضيف المتحدث، أنه نصح العديد من الأبناء بتزويج آبائهم المسنين بزوجة ثانية بمقدرتها تلبية حاجياتهم العاطفية والجنسية، بدل تركهم عرضة للعديد من الانحرافات والانزلاقات التي ورّطت بعض المسنين في ارتكاب جرائم هتك عرض ضد فتيات صغيرات السن. * ويضيف الهادي سعدي، مختص في علم الاجتماع، أن طبيعة الأسرة الجزائرية، التي كانت تميل للمحافظة والانغلاق، هو الذي كرس العديد من العادات الاجتماعية الخاطئة عند الأزواج وحتى الأبناء الذين عادة ما يهملون حاجة أوليائهم إلى الحياة العاطفية والجنسية عند الكبر، وهذا ما يجعل المسنين في أسرنا ضحية لحرمان عاطفي شديد يستحيون من التعبير عنه إلا إذا توفرت الظروف، مما أدى إلى انتشار غير مسبوق لظاهرة تعدد الزوجات عند المسنين رغم المشاكل التي قد تتمخض عن هذه الظاهرة من اشتراط الأولاد على أبيهم عدم الإنجاب مع الزوجة الجديدة بهدف عدم حصول تعقيدات في الميراث، وفي كثير من الأحيان يضيف المتحدث يلجأ الأولاد إلى تزويج والدهم المسن بهدف التخلص من المشاكل التي يحدثها هذا الأخير مع زوجته العجوز التي حرمته من حقه الشرعي بسبب مرض معيّن أو انعدام في الثقافة الجنسية والعاطفية. * * المسنون في الجزائر عرضة للانحراف بسبب الكبت الجنسي الذي يعانونه * من جهته أكد الدكتور بوجناح، مختص في العلاقات الأسرية وإصلاح ذات البين، أنه استقبل في مكتبه المتواجد في الحامة بالعاصمة عددا كبيرا من المسنين الذين أصيبوا بأزمات نفسية جراء الحرمان الكبير الذي يعانونه في ممارسة حقوقهم الشرعية مع زوجاتهم بسبب افتقار هذا الأخير للثقافة الجنسية، وأضاف المتحدث أن العجز الجنسي متعلق بالحالة النفسية وليس الحالة الجسمية وهذا ما يعني أن شيخا في الثمانين أو التسعين من العمر قد يتمتع بقدرات جنسية وعاطفية قد لا يتمتع بها أصحاب الأربعينات أو الخمسينات. واستشهد المتحدث بمسن عمره 103 سنوات تزوج بفتاة في العشرينات من العمر وأنجب معها أولادا وهو اليوم في أحسن أحواله من الناحية الجسدية والنفسية. ويضيف الدكتور بوجناح، أن المسنين في الجزائر يعانون من كبت كبير في إظهار مشاعرهم العاطفية والجنسية مع زوجاتهم مما يعرضهم للشعور بالحرمان الاجتماعي والعاطفي ويدفعهم لارتكاب المحرمات وهذا ما ساهم في بروز ظاهرة جنوح المسنين، دليل ذلك ما تكشفه الجرائد يوميا من أخبار الاعتداءات الجنسية التي يرتكبها كبار السن ضد مراهقات وفتيات في مقتبل العمر، وهذا راجع إلى عدم قدرة المسنين في كثير من الأحيان على إثبات قدراتهم الجنسية في الحلال، خاصة في المرحلة بين 55 و65 سنة وهي المرحلة التي يطلق عليها المختصون عودة الشباب أين يحاول المسن الإثبات أنه لازال يتمتع بنفس القدرات النفسية والجسدية التي كان بها في الثلاثين والأربعين من العمر وإذا ما عجز عن ذلك مع زوجته الأولى، فإنه يطلب من أولاده أن يزوجوه بامرأة يستطيع معها ممارسة حقه الشرعي. وقال المتحدث، إنه كان شاهدا على عدد معتبر من حالات زواج المسنين مع نساء لا يتجاوزن الخمسين من العمر وهم اليوم في أفضل حالاتهم النفسية والجسدية. ونصح المتحدث الأبناء أن يتفهموا آباءهم المسنين ويحاولوا مساعدتهم على تخطي الأزمات العاطفية التي قد يتعرضون لها عن طريق تمكينهم من الزواج بدل تركهم عرضة للوقوع في المحرمات.