إن مما فطر الله عز وجل عليه الكائنات الحية في هذه الحياة الدنيا أن جعل الزواج طبيعة وجبلة فيها، به يسكن بعضها إلى بعض، ويحصل التناسل والنماء والتكاثر، فالزواج سكن نفسي وتفريغ جسدي، وشعور بالأمن وعدم الخوف، ويقين بدوام الأنثى مع الرجل في كل وقت وحال، وإحساس بتسامي العواطف والمودة الصادقة وبُعدها عن الامتزاجية والتزييف، نعم.. إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة فراش وجنس كما يفهم بعض الأزواج.. لا، إنها علاقة حميمة عميقة الجذور، بعيدة الآماد، العلاقة بين الزوجين علاقة عقل وعاطفة، نعم.. عقل يسير أمور الحياة بحكمة وعاطفة تخفف من لهيب شمسها الحارقة، العلاقة بين الزوجين علاقة قلبين وروحين بينهما من التقدير والاحترام والتعامل مالا يمكن رسمه أو وصفه. روحُها روحي وروحي روحها * * ولها قلب وقلبي قلبهافلنا روح وقلب واحد * * حسبها حسبي وحسبي حسبهاالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقةٌ سامية نبيلة طاهرة، علاقة ربانية أنزل الله عز وجل في شأنها قرآنا يتلى إلى قيام الساعة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).إن السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه، وكثيرون هم الأزواج الذين يسألون كيف يصنعون السعادة في بيوتهم؟ ولماذا يفشلون أحيانا في تحقيق هناءة الأسرة واستقرارها؟ ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين أولا وأخيرا، إذْ لا بد من وجود المحبة بين الزوجين، وليس المقصود بالمحبة هو ذلك الشعور الأهوج الذي يلتهب فجأة وينطفئ أخرى، إنما هو ذلك التوافق الروحي والإحساس العاطفي النبيل بين الزوجين، والبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها بل لا بد أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين مع بعضها البعض، ولذلك فلا ريب أن نسمع بين الحين والآخر كثيرا من الأزواج من يهمل حبيبة قلبه وينسي رفيقة دربه ويقسوا على نبع حنانه ويجفوا بحر أمانه، لا ريب أن نرى بين الفينة والأخرى من يعرض عن ساكنة الوجدان، ويسئ التعامل مع تلك الوردة الشذية والزهرة الندية والدرة السنية الزوجة الأبية، نعم.. لا ريب أن نسمع جراحا غائرة، ونوازل عاثرة، ودموعا هامرة، وأفئدة ملتهبة في علاقات كثير من الأزواج مع زوجاتهن، لا ريب أن نسمع عن كثير من الزيجات ممن تصيح وتأن من معاملة زوجها تحت وطأة الضغط وبين جدران البيوت، واللاتي يشكين في نفس الوقت من التصحر والجفاف في الحياة الزوجية، ويفتقدن كثيرا من الكلمات العاطفية، ويعانين جدباً في العبارات الغزلية، والتي تتمنى الواحدة منهن أن تسمع من حبيب روحها وهوى فؤادها، ما يأسر فؤادها، ويهز وجدانها، وتطرب لها أركانها، نعم.. كثير هن الزوجات اللاتي يعشن حياة سطحية بائسة ولقاءات جافة جامدة لا تتجاوز أحاديث الحياة اليومية وهمومها، والتذكير بالواجبات المنزلية ومشكلاتها، والله المستعان.. فيا ترى.. ما هي الأسباب ولماذا هذه الأعراض..؟ وكيف نعالج هذه الأسقام..؟ وإلى متى يعيش الزوجان في قفص صغير لا يتجاوز حدود الأخذ والعطاء في الحياة اليومية..؟ أسئلة تبحث عن إجابة..