إحتار متابعون للشأن السياسي الجزائري، في القراءة التي يمكن تقديمها بشأن مواقف جبهة القوى الاشتراكية، من التطورات السياسية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من سنتين، لعل آخرها موقف الحزب من رئاسيات 17 أفريل الداخل، الذي أبان عن مصطلح جديد في الممارسة السياسية، شعاره اللاءات الثلاث "لا للمشاركة لا للمقاطعة ولا للمساندة!" يرى مراقب سياسي، أن ما اعتبره "اللاموقف" لأقدم حزب معارض في الجزائر بخصوص الرئاسيات القادمة، دليل قاطع على "التصحر" الذي حدث في الأفافاس، بعد إفراغه من كفاءاته نتيجة سيطرة ثقافة عقل الزعامة، و"لما بلغ الزعيم من العمر عتيا دخل الحزب مرحلة الانهيار السياسي"، في إشارة منه إلى تخلّي الزعيم حسين آيت أحمد عن قيادة الحزب. وأوضح المتحدث أن "اللاموقف" التي اتخذه الأفافاس يتنافى مع فلسفة تأسيس الحزب، وأكد أن الممارسة السياسية تظهر من خلال المواقف، وأن المواقف هي التي تكّون الهوية السياسية للحزب، ما يعني حسبه أن "اللاموقف" يعني لا هوية سياسية للأفافاس الحالي. وأبرز المصدر ذاته أن التقارب الحاصل بين الأفافاس والسلطة تعود أولى مؤشراته إلى ماي 2012، تاريخ مشاركة الحزب في الانتخابات التشريعية، مبرزا أن الأفافاس أثبت في كثير من المناسبات بأنه غيّر موقفه التقليدي الذي لازمه منذ العام 1963، رغم تطمينات القيادة الحالية للحزب، بأن الأفافاس لم يعقد أيّة صفقة مع السلطة، وبقي محافظا على مبادئه التي تأسس عليها، ومن الإشارات التي تؤكد تغيّرا في نهج الأفافاس، هو التزام الحزب الصمت المطبق حيال أمهات القضايا في البلاد، أهمها الانتخابات الرئاسية، مرض الرئيس بوتفليقة، "الصراع" بين الرئاسة و"العسكر"، تعديل الدستور، وقضايا الفساد في سوناطراك وغيرها من القضايا. ولم يستعبد متابعون أن يكون هذا اللاموقف نتيجة تفاهمات تكون قد وقعت داخل الغرف المغلقة، بين جناح في الحزب من جهة والسلطة من جهة أخرى، واعتبر هؤلاء أن "اللاموقف" من الرئاسيات للأفافاس دعم ومساندة ضمنية للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، وتوقع هؤلاء أن تكلل هذه "التوافقات" و"الدعم"، بتتويج وزراء من الأفافاس في الحكومة التي ستفرزها نتائج رئاسيات 17 أفريل، مشددين على أن العبرة ليست في تولي مناصب في الحكومة، وإنما في طريقة الوصول إليها، وأضافوا أنه "إذا كانت بالإرادة أو بعقد التحالفات فذاك أمر عادي، أما أن تأتي مقابل التنازل عن لونك السياسي فذاك انتحار". وكان حزب تجمع القوى الاشتراكية "الأفافاس" قد أعلن أول أمس، عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، لكنه رفض المقاطعة لأنها "ليست حلا"، وغير حاسمة إلا للنظام، ولن "يجنّب مخاطر الفراغ السياسي وعدم الاستقرار المؤسساتي".