كشفت الصور التي أظهرها التلفزيون العمومي لأول اجتماع لمجلس الوزراء، عن زيف الوعود التي أطلقها ممثلو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل المنصرم، والتي كان في مقدمتها التغيير. وأظهرت الصور بوتفليقة محاطا بكل من رئيس ديوانه أحمد أويحيى، وممثله الشخصي، عبد العزيز بلخادم، يقابلهم الوزير الأول عبد المالك سلال.. في مشهد أعاد كل من رآه، ليس فقط إلى الأشهر الأولى من العام 2014، وإنما إلى ما قبل سبتمبر 2012.. عندما كان أويحيى وزيرا أولا، وبلخادم ممثلا شخصيا، قبل أن يخرجا من الباب الضيق من الحكومة ثم من حزبيهما، التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني على التوالي. وكان كل من ناب عن الرئيس بوتفليقة في إدارة حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية الأخيرة، بدءا من مدير الحملة، عبد المالك سلال إلى آخر مدافع عن العهدة الرابعة، قد صوروا للجزائريين مرحلة ما بعد 17 أفريل على أنها ستكون فضاء واسعا للتغيير، ومسرحا مفتوحا على الحريات السياسية والإعلامية والنقابية. غير أن الأسابيع الأولى من العهدة الرابعة لم تكن وفق الوعود التي أطلقت، كما لم تكن طبقا للتوقعات والآمال التي كان ينتظرها الجزائريون. فلا الوجوه القديمة التي ساهمت في "صناعة الفشل" اختفت، ولا الذين لاحقتهم شبهات الفساد أبعدوا، بل إن أولئك الذين غادروا الساحة السياسية واختفوا منها، عادوا مجددا إلى الواجهة بمسؤوليات أكبر وأضخم من تلك التي كانوا يتمتعون بها من ذي قبل. والغريب في الأمر هو أن الوجوه النافذة في الرئاسة وفي الحكومة الجديدة هي من الشخصيات التي فشلت حتى في تحقيق أدنى إجماع على مستوى مسؤولياتها السياسية والحزبية، فالوزير الأول، عبد المالك سلال، كاد ب "زلاته وهفواته" أن يحدث بؤرا لأزمات في العديد من مناطق البلاد، أما أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم، فقد فشلا حتى في تسيير حزبيهما وعجزا عن إقناع مناضليهما بإنهاء عهدتيهما كأمينين عامين. وبات استنساخ وضع ما قبل 17 أفريل في حكومة سلال الثالثة، يفرض على الرئيس بوتفليقة الخروج عن صمته، ليشرح للجزائريين ماهية "بضاعة التغيير" التي سوقها ممثلوه في الحملة الانتخابية للجزائريين، والإجابة بوضوح على السؤال التالي: هل التغيير يصنع بالوجوه "الفاشلة والمستوردة من الماضي"؟ أم أنه يعتقد أن نتائج الانتخابات خوّلت للرئيس الورقة البيضاء ليختار من يشاء ويضعه في المنصب الذي يشاء؟ من السطحي اعتبار الوجوه الجديدة التي أدخلت إلى الحكومة تغييرا، لأن كل الحقائب الوزارية السيادية والثقيلة، بقيت بأيدي الوجوه "المستوردة من الماضي"، في حين اكتفى الوزراء الجدد بحقائب تقنية يغلب عليها الطابع الإداري، مثل السياحة والصناعات التقليدية والثقافة والشباب والشؤون الدينية.. وبالتالي فالأمر لا يعدو أن يكون مجرد "ماكياج" لتزيين واجهة الجهاز التنفيذي الملبّد بغبار الفشل.