"ما من شك في كونهم يحضرون للمرحلة المقبلة، وتتمثل في إحياء الذكرى المئوية لميلاد ألبير كامو سنة 2013 . ونظرا لما يتمتع به هذا اللوبي من قوة الاختراق وقدرة على استباق الأحداث، فنحن على يقين بأن طبول الحفاوة، إيذانا بمقدم هذا "السيرك"، سيشرع في دقها فور 2012، أي تحديدا في الذكرى الخمسين لاستقلالنا". انطلاقا من هذه القناعة يستميت ماضي وبعض الشخصيات الفاعلة في جمع توقيعات تحول دون دخول "قافلة كامو" الجزائر وتدشين رسمي لمعلم باسمه على أرض أرادها "جزائر فرنسية". استنكر مصطفى ماضي ما ذهبت إليه مبعوثة "لوموند" الفرنسية إلى الجزائر، إيزابيل موندرو، في مقالها "ليس من السهل الدفاع عن ألبير كامو في جزائر 2010 "، والذي تطرقت فيه إلى نداء الاستنفار الذي أطلقته مجموعة من الناشرين والصحفيين والكتاب الجزائريين ضد "قافلة كامو"، التي يقودها مثقفون من 11 مقاطعة فرنسية وينتظر أن تجوب ما لا يقل عن 14 ولاية جزائرية. الصحفية الفرنسية لعبت على وتر صراع التيارين المعرب والفرونكوفوني في محاولة يائسة لتتفيه حملة جمع التوقيعات التي استطاعت استمالة وإقناع شخصيات فاعلة، على غرار المحامي والمجاهد علي هارون بضرورة مناهضة الاستعمار بكل أشكاله وألوانه الجديدة التي تهدف في مجملها وعلى اختلاف غطاءاتها وشعاراتها الرنانة وباستعمال لوبياتها المنتشرة هنا وهناك إلى الاختراق والعودة في أي وسيلة نقل كانت حتى لو لجأت إلى "القافلة" بدل التكنولوجيا أو الصاروخ. وأكد ماضي في تصريح ل "الشروق" على أن "هذه المحاولة الفرنسية هي حلقة جديدة من حلقات قانون تمجيد الاستعمار وجريدة "لوموند" فشلت في الزاوية التي اختارتها للدفاع عن القافلة لأن أغلب الممضين على البيان مثقفون وناشرون محسوبون على التيار الفرونكوفوني". وعن فكرة بعث النداء قال ماضي:"لماذا لا تحتفل الجزائر بجونسن مثلا الذي بذل الكثير من أجلها ونخص ألبير كامو الذي بارك "الجزائر الفرنسية" وأشاد بها في مقالاته الصحفية قبل رواياته باحتفالات وندوات مميزة؟". وعن تزامن الخطوة مع مساعي النواب الجزائريين إلى فرض قانون تجريم الاستعمار أضاف: "أقولها صراحة.. قانون تجريم الاستعمار الفرنسي لا معنى له إذا مرت قافلة "كامو" وعليه فإننا نطالب من النواب العودة إلى كتابات كامو الصحفية وعلاقته بجون بول سارتر وهنري علاق..علينا العودة إلى تاريخ هذا الرجل الذي لا نستهدفه بهذه الحملة وإنما أولئك الفرنسيين والجزائريين الذين يحاولون استغلال جزائريته لأغراض أخرى، يجب أن نعي أبعادها ونتأهب لمواجهة ما يحاك لجزائر الاستقلال التي ستحتفي بالذكرى الخمسين لافتكاك حريتها العام القادم وتعوّل هاته اللوبيات على تحويل الأنظار إلى خمسينية كامو وعليه بدأت التحضيرات باكرا". وحسب مصطفى ماضي دائما، لازالت الحملة قائمة وتعرف عملية جمع التوقيعات تقدما ملحوظا، حيث انضم إليها أول أمس المجاهد والمحامي علي إضافة إلى إعلاميين وناشرين ومثقفين منهم بوزيد حرز الله شاعر ومحمد بوحميدي والحبيب سايح وأحمد منور والدكتور أحمد حمدي. وتضمن البيان، الذي أصدر تحت عنوان "خمسينية الكاتب ألبير كامو: نداء استنفار إلى الضمائر المناهضة للاستعمار، وأهم ما جاء فيه": "هكذا يقود اللوبي النيوكولونيالي حملته الثانية، ومن المعلوم أن الحملة الأولى قد شرع فيها في سنوات 2005-2004، تحضيرا لإضفاء المشروعية على القانون الفرنسي الممجد للاستعمار، الصادر يوم 23 فيفري 2005 . حين لم تجد هذه الحملة ردود فعل حازمة في هذه الضفة من المتوسط، تجرأ هذا اللوبي من أجل الذهاب بعيدا، والوصول إلى حد سلب المشروعية عن كفاح شعبنا ومجاهدينا، والتسوية بين نشاطهم ونشاط منظمة الجيش السري، بواسطة التلاعب بمفهوم الإرهاب باعتباره ملصقة توضع في واجهة كل عمل يراد إبطاله، وتبعا لذلك، اعتبار الجرائم المقترفة سابقا ولاحقا من قبل الجيش الاستعماري عنفا مشروعا، بدءا من استعمال قنابل "النابالم" والتعذيب إلى غاية "سخرة جمع الحطب". وحسب ذات البيان فإن هذا اللوبي يعمل على تحقيق أول انتصار باهر له، بفضل إسهام مؤسسات جزائرية رسمية، وبواسطة حصص تليفزيونية ومقالات صحفية تشيد بفضائل كامو، ثم يكلل ذلك كله باستقبالات رسمية وباتخاذ قرار إلصاق اسمه بواجهة بناية عمومية، ورفع نصب تذكاري له، يتخذ معلما في المسيرة المظفرة التي يسلكها هذا اللوبي النوكولونيالي المتجدد. وقدم البيان كامو كالآتي "هو نفس الرجل الذي قزّم حربنا التحريرية معتبرا إياها مجرد أعمال همجية، مستلهمة وموجهة من طرف أبواق خارجية، جاعلا من مجاهدينا مجرد عصبة من الهمل المسيرين من الخارج". هو نفس الرجل دائما الذي اتهم أحبابنا وحلفاءنا الفرنسيين، وعلى رأسهم فرانسيس جونسن الناطق باسمهم من خلال كتابه "الجزائر المتمردة على القانون"، (اتهمهم إذن) بالسعي من أجل دفع الدولة إلى التخلي..(وبصريح العبارة) بخيانة فرنسا، وهي التهمة الرئيسية المعتمدة أثناء محاكمة"شبكة جانسن" " حَمَلَة الحقائب"، سنة 1960 . هو نفس الرجل الذي حذّر من مغبة ما ينتظر الجزائر من ويلات وخراب لو انتصر مجاهدونا.