حملة قطف الرقاب التي أينعت وحان وقت قطافها، التي باشرها وسيواصلها قريبا، وزير السكن، عليها أن تكون نموذجا يُستنسخ لمن أراد من الوزراء إنجاح التغيير في قطاعه، وإنقاذ المشاريع المحنطة وإحياء البرامج الميتة والمدفونة في مقبرة الفوضى والإهمال والتسيّب! حتى وإن "فشل" عبد المجيد تبون، في "التغيير" داخل قطاع السكن، فإن المواطن البسيط يشهد للرجل بأنه حاول عدّة مرات تغيير واقع مرّ ومؤسف، وبطبيعة الحال، من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر، والله لا يضيّع أجر المحسنين والمجتهدين والمجاهدين! هكذا، هو قطاع السكن، مريض وموبوء منذ عدّة سنوات، بكوليرا "البالة والبرويطة"، وطاعون سوء التوزيع من طرف الأميار والإدارة المحلية عبر مختلف الولايات، وهو ما أخرج طالبي السكن إلى الشارع في احتجاجات عارمة، ليس على ندرة السكن، ولكن على طريقة توزيعها! إن ميكروبات سوء التسيير تحالفت مع فيروسات أطلقتها مخابر تابعة لبارونات العقار، ولذلك، ينبغي الاعتراف بأن "يد واحدة ما تصفّق"، وسواء كان تبون أو غيره من الرجال الراغبين في العمل والتغيير، فإن المهمة ستكون صعبة، خاصة إذا تخصّص أعداء النجاح في تفريخ العراقيل والفخاخ! ما الذي بإمكانك فعله، في حال تمّ تنصيبك وزيرا للسكن والعمران، فاصطدمت ببيروقراطية الإدارة ونفاذ العقار و"تخلاط" بزناسية الأراضي الصالحة للبناء، وسماسرة السكن، وتكاسل وتقاعس المقاولات، وتباطؤ أجهزة التمويل، وتسكع مصالح البلديات وسونالغاز وسيال وكلّ أخواتهم في فرملة وتيرة الأشغال وتسليم المشاريع في آجالها؟ لقد أعلن تبون بالأرقام، المشاريع الجديدة، وأحصى القديمة، وأعاد الأمل والحلم إلى آلاف المواطنين الذين يُعانون محنة السكن، وهدد الشركات المنجزة، وزار الورشات، وعقد عدة اجتماعات، ووعد وتوعد بالحساب والعقاب، و"زبر" مسؤولين ناموا على البرامج، فما الذي مازال مطلوبا منه؟ ليس دفاعا عن الوزير عبد المجيد تبون، لو قال قائل، بأن مهمة مكافحة أزمة السكن، وإعادة إسكان المستحقين، ومحاربة عنجهية التوزيع، والوفاء بإنجاز المشاريع المسطرة، ليست مهمة وزير هذا القطاع وحده، وإنّما هي مسؤولية تشاركية، طالما أنها "قضية حياة أو موت"، ولأنها أيضا "قنبلة" شديدة المفعول، تأثيرها يكون مباشرة على أمن واستقرار الشارع! لقد تعب أغلب الجزائريين من متاعب ومصائب السكن، لكن المسؤولية يتحملها كذلك "مواطنون" لا علاقة لهم بالجاه والنفوذ والسلطان، "سرقوا" حقّ مواطنين آخرين، بالنصب والاحتيال، وبالتزوير وتجارة "البرارك" وتوريثها وبالاستفادات المتكرّرة والمتحرّرة من الأخلاق والقانون.. فعلا: يد واحدة ما تصفق، وصدق من قال الطمع يفسّد الطبع!