قرار استحداث ولايات جديدة، سواء منتدبة أم "مندوبة"، فجّر سلسلة من الاحتجاجات عبر مناطق يرى سكانها، وقد يكونون محقين، أنها تستحق الترقية إلى ولاية من ولايات الجمهورية. في الحقيقة، حسب ملاحظات مراقبين وخبراء، وحتى مواطنين أبرياء، فإن التعديل الإداري الأخير "ظلم" الكثير من الربوات المنسية، التي كانت تستحقّ ربما صفة الولاية، مقارنة بمناطق أخرى، سواء من حيث عدد الساكنة أم الرقعة الجغرافية أم المداخيل المالية! لكن، يجب القول إن الكثير من الولايات لا يحمل من الولاية سوى الصفة، فقد تعطلت بها المشاريع والتنمية ولم تتحرّك ولا هم يحزنون، رغم تداول عديد الولاة على تسييرها وتدبير شؤونها، باستثناء بعض البصمات التي يرى الكثيرون أنها مجرّد تزويق ظرفي بماكياج مخدوع! ما يخافه مواطنون هو أن التقسيم القادم سيكرّر نفس الأخطاء ويستنسخ نفس المشاكل، ويرقي دوائر "ما تستهلش" ويقصي دوائر وربما بلديات تستحقّ أن تكون عاصمة! من الضروري تجنيب أيّ تقسيم، سواء تعلق بالولايات أم الحكومة أم مختلف المناصب والوظائف والمسؤوليات، "القرارات العاجلة"، وتجنيبه الحسابات المرتبطة بالتهدئة وتسكين الأوجاع بدل اختراع أدوية حتى ولو كانت جنيسة تنهي المعاناة مع المرض! الحقّ يُقال، أن دوائر ارتقت إلى ولايات، وبلديات ارتقت إلى دوائر، في التقسيم الإداري الأخير، لكن دون أن يظهر أثر، ودون أن يعمّ "الخير" على هذه المناطق التي منها ما زاد حرمانا ومعاناة رغم استحداث منصب وال أو رئيس دائرة يسهم إلى جانب المير والمجلس المحلي المنتخب في حلّ مشاكل المواطنين والتكفل بانشغالاتهم! الذي يتمناه كلّ المواطنين، في الولايات الحالية، أو الولايات التي ستستحدث، ألا تكون الولاية مجرّد بناية، أو يافطة يُكتب عليها: بالشعب وللشعب، أو من الشعب وإلى الشعب، وإنّما المطلوب والمرغوب هو ما يُرافق هذا الصرح من مشاريع وتنمية واستثمارات ومناصب شغل وسكن وطرقات وغيرها، وإلاّ قد تكون "الدشرة" أهمّ من الولاية! كلّ مواطن يحلم بأن يكون مسقط رأسه أو مقرّ إقامته ولاية، تختصر عليه الطريق، وتقربه من الإدارة لقضاء مصالحه، أمّا إذا كانت "جسدا بلا روح"، فهي كمن يملك "سلاحا" بلا ذخيرة!