تعرف الطبقة السياسية انتعاشا في الصراع والنزاع، ومنها من غرق في فنجان "خالف تُعرف"، وبعضها الآخر يقول ما لا يفعل، وبين النوعين، أو الأنواع السياسية، رأي عام مستقيل أو زاهد أو "كاره" من الفعل السياسي بسبب الوعود والعهود الكاذبة! لم ينجح الساسة في تجنيد الجماهير بشأن قضية تعديل الدستور، ولا غيره من القضايا، شأنهم في ذلك شأن فشلهم الذريع في استقطاب الأغلبية الصامتة خلال المواعيد الانتخابية السابقة والمتعدّدة! كم هو جميل لو التقت السلطة حكومتها بوزرائها وولاتها ورؤساء دوائرها ومديريها ومختلف المسؤولين المركزيين وغير المركزيين، فبحثت عن أسباب الفتور وعدم الاهتمام الشعبي بأغلب التحركات السياسية الرسمية، وما هي الحلول المتاحة لإقناع الباقي المتبقي من اليائسين! وكم هو جميل أيضا لو التقت الأحزاب بمعارضتها وموالاتها، بنوابها وأميارها، وبمناضليها ومحبّيها والمتعاطفين معها، فتضع النقاط على الحروف، وتبحث عن أسباب هروب المواطنين منها ومن خطاباتها التي أثبتت التجارب أنها لا تسمن ولا تغني من جوع و"ما توكلش خبز"! مسؤولية الفرار من المشهد السياسي تتحمّله بطبيعة الحال، كلّ الأطراف المذكورة وغير المذكورة، فهو عمل جماعي، لا يحتمل الفردانية أبدا، ولعلّ الانتخابات هي الوسيلة التي يشترك فيها هؤلاء "الشركاء"، من خلال مهمتهم بالإقناع والاستدراج والتمثيل، وهي المهمة التي تبوء في أغلب الظن بالفشل غير المبرّر! من الطبيعي أن يفرّ الصغير قبل الكبير، ويصبح خطاب الوزير والوالي والمير والمسؤول والمدير، غير مقنع ولا مجد، فما قيل ظل مع مرور التجارب مجرّد "هدرة" تحوّلت إلى "هردة"، فيما انتفع المنتفعون من "الزردة" وكان "التغيير" في خبر كان وفي سالف العصر والأوان! التغيير هاهنا، هو تغيير الذهنيات البالية التي خدشت "الحشمة" وكسرت التسيير وفرملت التنمية وحوّلت المناصب إلى مكافآت يعتقد المستفيد منها، من المولاة والمعارضة، أنها "بلا مزية" أحد، وأنها "هدية" على الخدمات الجليلة، أو على أن الضغط قد يولّد الانفجار!
لا يُمكن لطبقة سياسية هلامية وافتراضية، أن تنجح في تصحيح الأخطاء، ما لم تبدأ بنفسها وتقوّم اعوجاجها، فلن يستوي الظل والعود أعوج، ولن يقتنع المواطن بجدوى السياسة، ما لم يقتنع السياسي بأن السياسة هي أخلاق أيضا، وولاء وانتماء، إخلاص ووفاء.. وما عدا هذا، فإنه لا يختلف عن لعبة "الزبيلحة"!