ليس سهلا أن تُقنع الآخرين بأنك تمارس المعارضة السياسية وأنت تملك رجالا لك في الحكومة، وحزبك جزء من تحالف رئاسي، وليس سهلا أن تُقنع غيرك بأنك لست ضد الحكومة، وأنك تريد للتحالف أن يستمر وأنت تدعو إلى تغييرات جذرية من شأنها أن تعصف بالحكومة والتحالف وأشياء أخرى، ومن المستحيل أن تقنع نفسك وغيرك بأنك لست لا في المعارضة ولا في السلطة لمجرد أنك تضع رجلا هنا، وأخرى هناك! هذه الوضعية المستعصية على الإقناع والفهم والتفسير تعيشها في الفترة الأخيرة حركة مجتمع السلم التي اختار رئيسها أبو جرة سلطاني أن يدلي بتصريحات تضعه تماما في صف المعارضة الراديكالية التي لا ترى نصف الكأس المملوء، وربما لا ترى كأسا أصلا·· ومع ذلك يصر على رفض تصنيفه في المعارضة، وفي المقابل يتمسك بحقائب حزبه الحكومية، بدليل أنه لم يطلب إعفاء أي من وزرائه من مسؤوليتهم، ورغم ذلك يصر على أن حزبه ليس شريكا في الحكم·· بعض المتتبعين السياسيين قالوا أن سلطاني حيّرهم، وجعل كل ما تعلموه عن السياسة في مهب الريح، فإذا كانت العلوم السياسية تصنف الأحزاب إلى ثلاثة أنماط·· أحزاب حاكمة، وأحزاب موالاة، وأحزاب معارضة، فإن الطريقة التي تتعامل معها قيادة حمس مع شؤون البلاد، وتصريحات زعيمها، تجعل أيا من التصنيفات الثلاثة المذكورة غير قادر على استيعابها·· فحمس، حسب سلطاني، ليست حزبا حاكما، ولا حزبا مواليا للسلطة، ولا حزبا معارضا، ويقدم بدلا لهذه التصنيفات، توصيفا هلاميا يسميه هو "حزب وسطي" يساند بعض خيارات السلطة، ويرفض بعضها، وقد يكون هذا التوصيف مقنعا بالنسبة لرئيس الحركة، وبعض رفاقه، ولكنه بالتأكيد ليس مقنعها لعموم الجزائريين، وقد اعترف سلطاني بذلك ضمنيا حين راح يتمنى أن يقتنع الجزائريون بخصوصية حزبه ك"حزب وسطي"، رافضا أن يوصف بماسك العصا من الوسط، ومتجاهلا أن هذه السياسة الفريدة في علوم السياسة قد جعلته يخسر الحلفاء دون أن يكسب الأعداء··!