حرر الفقيد علي تونسي مقالا خاصا بمجلة "دزاير. كوم" التي يُشرف عليها الأستاذ عمّار خليفة ضمنه فيه كلمة مختصرة عن التحديات التي تواجه سلك الشرطة وما قام به في إدارة هذا المنصب من عصرنة مست جوانب كثيرة من هذا القطاع. * ومن غريب الموافقات أن مقال الفقيد علي تونسي يحمل عنوان "كلمة الختام"، ولما راجعه عمار خليفة وابن الفقيد من أجل تغيير العنوان لكونه لا يتناسب مع الموضوع في الظاهر، أبى الفقيد إلا أن يحافظ على عنوانه بنفس الصيغة التي سطرها، ولم يكن يدري أن القدر أراد له أن تكون الكلمات التي سطرها هي فعلا "كلمة الختام". * وأبى الأستاذ خليفة إلا أن يُتحف "الشروق" وقراءها بهذا المقال الذي لم ير النور بعد. * * كلمة الختام * * بقلم: علي تونسي * * بعد الإصلاحات العميقة التي تم اتخاذها من أجل جعل جهاز الشرطة متلائما مع أجهزة الأمن الكبرى في العالم المعاصر، اخترنا لهذا الغرض وبهدف تطوير الذهنيات إنشاء الشرطة الجوارية كي يتم إشراكها في التعديل الوطني الكبير عن طريق تواصلها المثمر مع السكان، وهم أول المعنيين والمستفيدين من مكافحة الجريمة المُصغّرة من طرف وحدات الأمن. * واضطلعت هذه الشرطة الجوارية التي تم إنشاؤها، بجد كبير، بمهمة مكافحة الجمود في صفوف الشرطة قبل أن تتقدم خطوات في طريق النضج بعد معاينة أولى النتائج المسجلة في الميدان. * إن نجاحاتنا، معاينةً ونتائجَ، قادتنا إلى تبني الحكمة القائلة: "المواطن هو أساس الأمن، والشرطة ليست سوى الوسيلة". * وكانت مساهمة النساء في سلك الشرطة حاسمة لأن الجهاز استفاد من كل مميزات العنصر النسوي المعروف أصلا بانضباطه وتفانيه وروحه الغنية بالتضحية في حرب التحرير. * لقد جعلتنا برامج العمل التي اعتمدها الأمن الوطني وتم تعزيزها بدورات تكوينية ملائمة وتوظيف انتقائي، إضافة إلى التزام إطارات الأمن الوطني بهذه الرؤية الجديدة حول دورهم في إرساء معالم مجتمع عصري "آمن"، لقد جعلتنا مثلا في العالم العربي وكذا الدول التي قطعت شوطا في مجال العصرنة. وفرضت المرأة الشرطية نفسها بأدائها وجدّيّتها وفعّاليتها، وشرفت الشهيدات والمجاهدات اللواتي كن أول من رحّب بهذه المبادرة. * إن تحديث جهاز الأمن الوطني كان بدوره يحظى باهتمام كبير ضمن نطاق انشغالات وزارة الداخلية، إضافة إلى أن النتائج المنتظرة لم يكن من الممكن تحقيقها بدون اقتناء واستعمال التقنيات العلمية في التحقيقات وإيداع الأدلة لدى المحاكم. هذه التطورات العلمية والعصرنة سمحت في نفس الوقت بنزع كل فرصة أو مبرر لاستعمال العنف من أجل استخلاص الاعترافات من طرف الأشخاص الموقوفين بسبب ارتكاب جرائم أو جُنح. ولهذا صار من النادر أن يشتكي الجانحون أو المتهمون الموقوفون من تعرضهم للعنف في مراكزنا. وجمعيات حقوق الإنسان متواجدة لتشهد بعد زياراتها المفاجئة لمراكزنا أو الاستماع إلى الموقوفين المقادين للقضاء. * إن التحديث يتبع إيقاعا سريعا للحصول على كل التقنيات الرائجة في مراكز الشرطة العصرية، وهذا التحديث يسهّل العمليات الكبرى للأمن الوطني، سواء تعلق الأمر بالعمليات الوقائية أو عمليات المداهمة والتحليل والعمليات الاستشرافية. * إضافة إلى ذلك، فإن خلايا المراقبة مستعدة لكل جديد من شأنه تسهيل عمليات الأمن الوطني. * أختم بهذه الحكمة الجزائرية الأصيلة: "إذا أردت ضمان سنة فازرع القمح.. وإذا أردت ضمان عشرية فاغرس شجرة.. وإذا أردت ضمان قرن.. فكوّن رجلا"