مع استهداف موقع فيسبوك للمحتوى الفلسطيني بشكل متزايد، فقد برزت لدى الفلسطينيين ساحة مواجهة جديدة، كشفت بحسب مختصين، مدى القصور العربي والفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المقابل كيف نجحت إسرائيل، في محاربة الرواية الفلسطينية على تلك المواقع. وحذفت إدارة فيسبوك خلال الأيام الأربعة الماضية العديد من الصفحات، الفلسطينية، ومن أبرز تلك الصفحات مقلاع ميديا ومش هيك وأخبار غزة الآن وعلى كيفك ومنتدى شبكة فلسطين للحوار، وفق الناشط الفلسطيني والمختص في الإعلام الاجتماعي، خالد صافي. وأوضح صافي أن الصفحات الفلسطينية المحذوفة تنشر الرواية الفلسطينية للأحداث، وهو مؤشر سلبي سيؤدي إلى تراجع نشر الرواية الفلسطينية والحد من تأثيرها. وقام الموقع الأكثر شهرة في العالم بحذف عدد من حسابات مسؤولي شبكة قدس الإخبارية، ومدراء وكالة شهاب للأنباء. وأكد صافي لعربي21، أن من أهم تأثيرات إجراء فيسبوك هو إحجام الكثير من النشطاء الفلسطينيين وغيرهم عن النشر في ما يخص القضية الفلسطينية؛ خشية استهداف حساباتهم بالإزالة. وأشار صافي إلى حملة أطلقت الأحد، ودعت إلى مقاطعة النشر من خلال فيسبوك، بهدف إيصال رسالة مفادها أن الفلسطينيين لن يصمتوا عن حقهم في النشر بحرية، وهناك أيضا من يرفض اتفاق فيسبوك مع الاحتلال، وفق قوله. وعقد لقاء بتاريخ 12 سبتمبر الجاري، جمع وزير الأمن الإسرائيلي جلعاد أردان ووزيرة العدل الإسرائيلية أييلت شاكيد، مع مسؤولين في شركة فيسبوك، بهدف التوصل إلى ترتيبات حول إزالة المحتويات التحريضية. وأشار صافي إلى أن الاتفاق بين إسرائيل وفيسبوك يفتح المجال أمام النشطاء لإدارة الحرب بطريقة جديدة، في الوقت الذي أصبح فيه المحتوى الفلسطيني محط رقابة ومتابعة، وكأن إسرائيل هي التي تسمح بما يمر وما لا يمر (حارس البوابة)، معتبرا أن فيسبوك سلم زمام الأمر لإسرائيل؛ عندما وافق على 150 طلبا إسرائيليا من أصل 158 طلبا. ومن بين الكلمات التي طالبت إسرائيل بإزالتها من فيسبوك: الموت لليهود، نازيون، اطعن، ادهس، اذبح اليهود.. إلى جانب مقاطع الفيديو التي تتضمن تعليمات حول تنفيذ عمليات طعن أو قتل. وبين صافي أن ضمن كل طلب إسرائيلي واحد تندرج منشورات وصفحات ضخمة جدا؛ يتم حذفها، منوها إلى أن إدارة فيسبوك وجدت مخرجا وحيدا لها، وهو قيام صاحب الحساب المحذوف بتقديم التماس يوضح أنه لم ينشر هذا المحتوى بنية التحريض، وتعهد بعدم نشر مثله مستقلا، لكن فيسبوك نادرا ما ترجع الحسابات المحذوفة. وأرجع المختص في الإعلام الاجتماعي، عدم حذف فيسبوك للعديد من الصفحات والمنشورات الإسرائيلية التي تدعو لقتل الفلسطينيين، إلى وجود قصور كبير جدا، متسائلا: كم طلبا فلسطينيا وعربيا تم تقديمها إلى فيسبوك لإزالة المحتوى التحريضي الإسرائيلي الضخم ضد الفلسطينيين؟. وأضاف: في المقابل هناك متابعة من الجانب الإسرائيلي لكل ما ينشر من الفلسطينيين أو العرب على مواقع التواصل، ويرفع طلباته إلى فيسبوك، وتستجيب الأخيرة لتلك الشكاوى بناء على القوانين الإسرائيلية المحلية، حيث أصدر الكنيست الإسرائيلي، قانونا رسميا يجرم أي محتوى يدعو إلى العنف ضد الإسرائيليين. من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أن ما قامت به إدارة فيسبوك، هو نتيجة الاتفاق والتفاهم الذي تم مؤخرا بينها وبين الاحتلال؛ الذي ينظر للعديد من الصفحات الفلسطينية التي تدعو للحفاظ على الثوابت والحقوق الوطنية على أنها تحريضية. ولفت في حديثه لعربي21؛ إلى أن فيسبوك لا يريد أن ترفع ضده قضايا قانونية، أو أن توجه له تهمة التشجيع على معاداة السامية (من وجهة النظر الإسرائيلية) من خلال سماحه بوجود تلك الصفحات. بدوره، قال الخبير الإعلامي نشأت الأقطش، إن موقع فيسبوك، هو صناعة غربية، والإعلام الغربي تسيطر عليه الصهيونية العالمية، ونحن نحارب على ملعب الصهاينة، وبالتالي من الطبيعي بالنسبة لهم أن يحاربوك بأبسط الوسائل المتاحة لهم. وشدد في حديثه لعربي21؛ على أهمية أن تقوم الدول العربية بإيجاد منصات ووسائل تواصل اجتماعية ومحركات بحث خاصة بها، مؤكدا أن موقع فيسبوك، وغيره من المواقع المشابهة وجدت لتخدم الصهاينة وليست لتؤذيهم؛ وعليه فكل ما يؤذي إسرائيل يمكن محاربته، وفق تقديره. ومع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي والتأثير الكبير الذي تحدثه في الساحة العالمية، فقد أكد الأقطش أن النشاط الفلسطيني على مواقع التواصل أوجع إسرائيل في العديد من المجالات، وخاصة لدى الجمهور الغربي، الذي كان دائما ما يتلقى الرواية الإسرائيلية للأحداث.