أكد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الإثنين، أن إنجاز تنمية اقتصادية واجتماعية كفيلة بتلبية حاجات الساكنة يقتضي مجهودا مطردا موصولا يظل معرضا لتقلبات الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الخارجية. وقال الرئيس بوتفليقة، في رسالة له بمناسبة إحياء الذكرى ال62 لاندلاع ثورة أول نوفمبر1954، إن "النجاح في ربح هذه المعركة يحتاج إلى جبهة داخلية عتيدة قوية من أجل مغالبة التحديات الكثيرة، التحديات التي أتوقف عند ثلاثة منها" . ودعا رئيس الجمهورية، إلى جبهة داخلية "عتيدة" و"قوية" من أجل مغالبة مختلف التحديات، مشددا على أن الجزائر تملك المكسبات الضرورية للمضي قدما في تنميتها، مشددا على أن الشعب الجزائري "يحظى بالاحترام والإعجاب عبر العالم" لقدرته على المقاومة ومغالبة التحديات. وأشاد الرئيس بقدرات الجيش الوطني الشعبي وكذا احترافيته ووطنيته في صون حرمة التراب الوطني واستئصال شأفة بقايا الإرهاب. وأكد أن الجزائر "مؤمنة بأن لها أن تعول على قدرات الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وعلى احترافيته ووطنيته، وكذا على طاقات الأسلاك الأمنية وخبرتها، في صون حرمة التراب الوطني واستئصال شأفة بقايا الإرهاب وقطع دابره في أرضها". ووجه رئيس الجمهورية تحية إكبار لضباط الجيش الوطني الشعبي ولضباط صفه وجنوده "على ما هم عليه من تعبئة و تحفز واستعداد وما يبذلونه من تضحيات في سبيل الوطن". كما نوه الرئيس بتفاني أفراد الأسلاك الأمنية واحترافيتهم على سهرهم، خاصة، على أمن المواطنين ومحاربتهم لشتى الآفات التي تهدد المجتمع الجزائري. وشدد الرئيس بوتفليقة على أن أمن البلاد والقضاء على الإرهاب ودحر الآفات الإجرامية وحتى الأمن العمومي "كلها قضايا تستوجب أيضا اليقظة الجماعية التي أدعو كل مواطن و كل مواطنة إلى الاضطلاع بها". ولفت إلى أن الإرهاب "آفة ما فتئت تستفحل في العالم و في جوارنا"، مشيرا إلى أن المتاجرة بالأسلحة وبالمخدرات "بلغت مستويات خطيرة في منطقتنا". وأكد رئيس الجمهورية على أن يلقى الجيش وباقي الأسلاك الأمنية، المؤازرة من المواطنين ويعولا على تنامي الحس المدني في سائر أرجاء البلاد.
"الدولة حريصة على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني" وتطرق الرئيس في المقام الثاني، إلى تحدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأكد أنه يتوجب مواصلتها، مشيرا إلى أنه "في هذا المضمار وخلال قرابة عقدين من الزمن، بذلت جهود جبارة أثمرت نتائج معتبرة. فقد تمت تعبئة مئات المليارات من الدولارات من عائدات النفط لبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والسكنات وتوصيل الطاقة والماء الشروب وتشييد المنشآت القاعدية". وأضاف "قد ساهمت الديناميكية هذه فيما ساهمت في تراجع البطالة وتحسين ظروف معيشة فئات عريضة من الساكنة. كما أن هذه الإنجازات، رغم عدم كفايتها بالنظر لفداحة كم الحاجات، تعد تجسيدا ملموسا لحرص الدولة على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني". وقال "الحال أن الجزائر، على غرار غيرها من البلدان المنتجة للنفط، باتت تواجه، منذ عامين، تراجعا حادا لعائداتها، وكان للإجراءات التي اتخذت خلال السنوات الأخيرة، ومنها التسديد المسبق للديون الخارجية والتسيير الرشيد لاحتياطي الصرف، كان لها الفضل في الحفاظ على استقلالية قرارنا الاقتصادي. وإنني على يقين من أن كل واحد منكم حريص على حماية هذه الاستقلالية التي تتوافق وأنفتنا الوطنية وإباءنا". وجدد رئيس الجمهورية دعوته إلى "تعبئة وطنية لكي نتقاسم الجهود التي تفرضها علينا مصاعبنا المالية الظرفية، ونواصل مسارنا التنموي الواعد". وقال "أجل، إنه في وسعنا أن نقوم وضعنا الاقتصادي والمالي. وسيمكننا النموذج التنموي الجديد، المصادق عليه مؤخرا، من تثمين قدراتنا الكبيرة من أجل بناء اقتصاد أكثر تنوعا وقادرا على تلبية حاجات شبابنا في مجال التشغيل، وعلى ضمان ديمومة خياراتنا الاجتماعية، لذا، علينا أن نسير قدما بإصلاحاتنا وأن نعمقها من أجل تحديث تسييرنا، وتنشيط الاستثمار، وتعزيز النجاعة في النفقات العمومية، وهي كلها مجالات، من بين غيرها، نسجل فيها يوما بعد يوم، تقدما واعدا". وأكد الرئيس "يتعين علينا أن نسهم، يدا واحدة، في الحفاظ على السلم الاجتماعي لإنجاح مسعى الإعمار الوطني وفي سبيل ذلك، باشرت الحكومة الحوار والتشاور مع شركائها الاقتصاديين والاجتماعيين"، مضيفا "أدعو هؤلاء جميعا إلى الإسهام في صون السلم الاجتماعي. كما أدعو المواطنين إلى تحكيم العقل أمام الخطابات الشعبوية والإنتخابوية".
"الدستور المعدل به ضمانات جديدة لشفافية الإنتخابات" وأكد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أن الدستور المعدل في مطلع العام الجاري تعزز بقواعد الديمقراطية التعددية وأثرى المنظومة الانتخابية الوطنية بضمانات جديدة للشفافية والحياد ستتجسد في الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة. وقال الرئيس بوتفليقة إن الجزائر "ارتضت لنفسها بنية مؤسساتية وطنية ومحلية منبثقة من الإنتخابات التي تجرى بانتظام. كما أن الدستور الذي تمت مراجعته، في مطلع العام الجاري، تعزز بقواعد الديمقراطية التعددية ودعم مكانة المعارضة و حقوقها حتى داخل البرلمان، وأثرى منظومتنا الانتخابية بضمانات جديدة للشفافية والحياد". وتابع قائلا "ذلك هو السياق الذي نتجه فيه اليوم إلى تنظيم انتخابات تشريعية وبعدها انتخابات محلية، خلال العام المقبل، في إطار قانون الانتخابات الذي تم تحيينه منذ فترة وجيزة بغرض إدراج ضمانات الشفافية الجديدة التي نص عليها الدستور". كما أشار إلى تنصيب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لتمكينها من الانطلاق في نشاطها قبل الانتخابات التشريعية المقبلة. وشدد رئيس الجمهورية على أنه بصفته حامي الدستور سيسهر على "تجسيد كافة هذه المكاسب الجديدة وصونها حتى تقطع الديمقراطية أشواطا أخرى في بلادنا، ويشارك شعبنا أكثر فأكثر في اختيار ممثليه، وتسهم المجالس المنتخبة على المستوى الوطني والمحلي بشكل أكبر في إنجاح الإصلاحات، وفي التنمية على كافة الأصعدة". وبعد أن ذكر أن طموح الوصول إلى السلطة هو الغاية المنشودة من وراء التعددية الديمقراطية وعلى أن نجاح الديمقراطية يقتضي الاستقرار، دعا رئيس الدولة جميع التشكيلات السياسية إلى الإسهام في الحفاظ على هذا الاستقرار، مبرزا أنه "هذا واجب كل واحد منا تجاه الشعب الذي هو مصدر الديمقراطية، وتجاه الوطن الذي ليس لنا وطن غيره".
وجوب ترسيخ ذكرى أول نوفمبر في الذاكرة الوطنية وشدد رئيس الجمهورية،على وجوب ترسيخ ذكرى أول نوفمبر 1954 في الذاكرة الوطنية لتذكر التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري من أجل استرجاع حريته واستقلاله. وقال الرئيس إن "الثمن الذي دفعه شعبنا في سبيل استقلاله يشمل كذلك مئات الآلاف من الأرامل واليتامى ومئات الآلاف من المعطوبين وملايين الأشخاص المهجرين من أراضيهم والمشاتي المحروقة، في غالب الأحيان، بقنابل النابالم". وأردف قائلا: "تلكم هي التضحيات الجسام التي نحيي ذكراها اليوم. وهذه هي الذكرى التي من واجبنا أن نرسخها في ذاكرتنا الوطنية، ليس لزرع الحقد وإنما لكي لا ينسى أحد منا الثمن الذي دفعه شعبنا في سبيل أن يعيش حرا مستقلا". وذكر رئيس الدولة أن الشعب الجزائري "أبان على مدار قرن من الزمن، من خلال ثوراته المتعاقبة بكل بسالة وبطولة، عن رفضه الصريح البات للاحتلال"، مضيفا أنه "راود شعبنا الأمل في أن يعيد له إسهامه في تحرير أوروبا حريته بالتي هي أحسن، ولكنه باء بالخيبة. كما شهدت على ذلك مجازر مايو 1945 التي أودت بأرواح عشرات الآلاف من أبناء وطننا العزل". ولفت إلى أن الكفاح "كان قاسيا مكلفا وغير متكافئ من حيث الوسائل. وارتوت تربة الجزائر بدماء مليون ونصف مليون شهيد، أي ما يربو عن سدس الساكنة، منهم من استشهد استشهاد الأبطال في ساحات الوغى والسلاح في يده، وراح البقية من الرجال والنساء والأطفال ضحية الاختطاف في المدن والقرى أو قتلوا غيلة في سجون الاستعمار أو ماتوا تحت التعذيب". وخاطب الرئيس المواطنين، بقوله "إنكم شعب يحظى بالاحترام والإعجاب عبر العالم وذلك لأنكم شعب يتمتع بمقدرة على المقاومة ومغالبة التحديات، وقد برهنتم على ذلك مرات ومرات". وقال "بعون من الله استطاعت الجزائر أن تسترجع أمنها وستواصل الحفاظ عليه في هذا المحيط المضطرب"، مؤكدا أن "الجزائر تملك أيضا المكسبات الضرورية للمضي قدما في تنميتها والاستجابة أكثر فأكثر للحاجات الاجتماعية لكل واحد من مواطنيها والالتحاق بركب البلدان الصاعدة". وأكد الرئيس أن "الجزائر اعتمدت ديمقراطية حقة سيتواصل تطويرها وترسيخها حتى نثبت للعالم أننا لا نقل عن غيرنا شأنا في هذا المجال"، مضيفا "كل هذا إنما هو ثمرة جهودكم وتضحياتكم. وكل هذا يدعوكم إلى مواصلة المسيرة وإنجاح الجهاد الأكبر من أجل أن تبقوا في مستوى عظمة ثورة نوفمبر وتضحيات شهدائنا الأبرار".