"القعقاع" هو من بين المساجين الذين تحدثت إليهم وعايشتهم لأشهر في سجن الحراش، وهو ينحدر من الشبلي كما ذكرت، وقد أخبرني أنه ألقي عليه القبض في سوق بومعطي "الحراش" في17/04/2005، في حين محاضر التحقيق تذهب إلى أنه قبض عليه ببوفاريك وكان بصدد دخول المستشفى للعلاج من إصابة في رجله اليمنى المعوقة بسبب انفجار قنبلة. لقد إلتحق القعقاع بالجماعة المسلحة عام 1995 وكان ضمن جماعة عنتر زوابري الذي يعرفه من قبل وكانت تربطه به علاقة شخصية. * لا نريد أن نسترسل كثيرا في قضيته، ولكن نتحدث عن بعض الأمور ولو على سبيل الاختصار التي باح لي بها، فيها المتعلق بالمجازر التي شارك فيها وأخرى بالحياة الشخصية لعنتر زوابري الذي كان يلازمه كثيرا. لقد شارك "القعقاع" في كثير من المجازر والكمائن والاغتيالات برفقة كل من عبد القادر أمريش المكنى "أبو الدحداح" الذي ينحدر من بوفاريك، ومع المدعو عبد القادر الدزيري من العقبة الحمراء بالبليدة، وأيضا مع المدعو الشيخ يحيى من بلدية وزرة بالمدية. كما رابط ما بين جبال تمزڤيدة والبليدة، وكانوا يجبرون سكان الأرياف على دفع الجزية لأنهم في حكم الكفار حسب فتاويهم. * تجدر الإشارة إلى أن "القعقاع" كان يحكي لي شيئا وأحيانا يتراجع عنه وفي مرات أخرى يروي نقيضه، بل توجد أمور نفاها وبعدها اعترف بالمشاركة فيها ونحتفظ بمحاضر حوارات أجريت معه تجدها متناقضة أحيانا، والسبب هو تقلبات مزاجه السريعة، وقد حاولت أن أعيد ما روى لي في لحظات الجد التي جمعتنا وهو ما سمعته بقرائن أخرى ومن طرف أشخاص آخرين تفيد ما يمكن الاعتماد عليه. وإن كان قد حاول التهرب من شبهات التشيع التي تلاحقه إلا أن ذكره لأهل السنة على أنهم نواصب ومن بني أمية وأحفاد معاوية ويزيد وسبه للصحابة واتهامه لهم بالردة أحيانا خاصة في لحظات الغضب التي تنتابه، كما يصف عقيدته التي يدين بها وخاصة صلاته الانفرادية وتكفيره لكل من معه، على أنها عقيدة آل البيت، ثم تبريره للاغتصاب على أنه متعة مباحة... إلخ. كل هذه الأمور تؤكد على أنه متأثر إلى أبعد الحدود إن لم يكن يعتنق المذهب الشيعي ويدين به. * وتشير بعض المصادر إلى أن موجة التشيع انتشرت في "الجيا" وخاصة من طرف أتباع محفوظ طاجين، وهو أمير وطني سابق للتنظيم كان قد تدرب في معاقل "حزب الله" بلبنان وتربطه علاقات واسعة مع مراجع شيعية في إيران خاصة، وقد تنازل عن الإمارة لصالح جمال زيتوني الذي قام لاحقا بتصفيته على غرار ما جرى لمحمد السعيد وعبدالرزاق رجام وزرفاوي بوبكر... إلخ. * شارك "القعقاع" شخصيا في مجزرة بن طلحة والرايس حسب ما رواه لي، وإن كان قد أنكر في الأول رغبة منه في الاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة، ولكن لما تأكد القرار عكس ما يريد راح يحكي من دون تحفظ أحيانا، وكان لا يزال على قناعته أن ما قام به في حق المدنيين هو من عين الجهاد وسيثاب عليه يوم القيامة كما يرفض تسميتها بالمجازر، ويكفر نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان. * ولما سألته عن الأطفال الذين ذبحوا، أعاد لي قصة الخضر مع موسى عليهما السلام حيث أقدم على قتل الطفل الذي سيرهق أبواه طغيانا وكفرا. وعندما ألححت عليه أن يعطيني السبب الحقيقي لمجزرة بن طلحة - مثلا - من غير ما ساق من أفكار ومعتقدات تدين بها "الجيا" ويفرضها زوابري على أتباعه، وبعد شد ومد أكد لي أن المجزرة كانت رد فعل على ما اقترفته جماعات محسوبة على الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي أغارت على معاقل أحد الجماعات التابعة لهم في منطقة تالة عشة بالشريعة وقتلت ما يقارب المئة من عناصرهم وأبادتهم بطريقة بشعة، والمعلومات التي كانت متوفرة لديهم أن الذين شاركوا في العملية ينحدرون من بن طلحة ومن الحي الذي أقترفت فيه المجزرة. كما روى "القعقاع" أنه عند حدوث مجزرة تالة عشة التي ذهب فيها حوالي 100 إرهابي كان برفقة أبوطلحة وهي كنية عنتر زوابري في بيت مهجور بنواحي الصومعة وكان معهم أيضا أعضاء من مجلس شورى الجماعة، كما كان معهم أحدهم يدعى أبو دجانة وهو مبعوث أمير المنطقة الغربية. * لما بلغهم الخبر عن طريق موفد أمير المنطقة، أمر زوابري بعقد اجتماع طارئ لمناقشة طريقة الرد على مقترفي العملية المحسوبين على مدني مزراق كما قال. وعند مناقشة هوية الأشخاص الذين ينشطون في المنطقة تأكد لديهم أنه يوجد من بينهم كثيرون ينحدرون من بن طلحة، وأرسل عنتر في طلب أحد أتباعه وهو من منطقة بن طلحة، وهنا طلبت أن يذكره بالاسم فرفض وتظاهر بنسيان اسمه الحقيقي ولكنه كشف لي عن كنيته وهي أبو ياسر وكان يتواجد بنواحي بوفاريك. وقد بلغ الغضب بزوابري إلى درجة لا يمكن تخيلها وخاصة أن من بين القتلى مقربين منه وحتى أبناء "حومته"، ومما قاله: "سأنسف بن طلحة وأشرب من دمائهم". * في مساء ذلك اليوم من شهر أوت 1997 حضر المكنى أبو إلياس وأعطى تقريرا مفصلا عن هوية الأشخاص الذين شاركوا في المجزرة وكان الكثيرون منهم ينحدرون من حي الجيلالي ببن طلحة. فوقف عنتر زوابري الذي كان يسب ويشتم ويتوعد وقال بالحرف الواحد: "سنبيد الحي الذي جاء منه هؤلاء الكلاب" حسب "القعقاع" دائما. ومن ذلك الوقت بدأ التخطيط للمجزرة إلى أن نفذت في ليلة 22 / 23 سبتمبر 1997 وقد قادها عنتر زوابري شخصيا. وعندما سألت "القعقاع" عن دوره في تلك الليلة المشؤومة أكد على أن المجموعة التي كان عددها 215 عنصر تلقت الأمر من أميرها بإبادة الجميع بلا استثناء ولو كان رضيعا. فجرى الذبح والقتل بالفؤوس وبصورة لا يمكن تخيلها. وتفادى أن يعطي تفاصيلا عما اقترفه بنفسه وإن كان أكد على حضوره المباشر لعملية ذبح عجوز وهي أم أحد المسلحين الذين يحقد عليهم عنتر زوابري كثيرا. حيث لما وصلوا للبيت الذي لديهم كل المعلومات عنه تدخل الأمير الوطني قائلا: دعوها لي. حيث هشم رأسها بفأس كان في يده وراح يبقر بطنها بسكين ويشرحها بطريقة مجنونة، بل أنه كان يقول لهم: سأقطعها إربا إربا وأضعها في مقلاة ونتغذى بها نكاية في ابنها "عدو الله". * أما عن الاحتياطات التي اتخذت من أجل التصدي لقوات الأمن والجيش عند التدخل، فقد أكد "القعقاع" أنه توجد مجموعات أخرى نصبت كمائن وزرعت قنابل في كل الطرق المؤدية إلى عين المكان، كما وضعوا حماية للطريق الغابي الذي سيتم الانحياز عبره نحو معاقلهم. ليضيف: "نجاحنا في العملية سيكون كبيرا لو حدث خروج للجيش أو الدرك من الثكنات فقد كنا سنبيدهم جميعا". وشارك أيضا في مجزرة الرايس التي أودت بحياة أكثر من 300 ضحية والتي عدها تدخل في استراتيجية زوابري التي يريد من خلالها ترويع وتخويف المواطنين من التعاون مع الجيش ومصالح الأمن، وأيضا كان له حضور في مجزرة سيدي امحمد بالبليدة وكانت حصيلتها 450 ضحية والتي هي بدورها رد فعل على مجزرة ارتكبتها الجماعات الأخرى ضد عوائل لديها أبناؤها في "الجيا"... الخ. * في حديثه عن شخصية عنتر زوابري الذي كان يرافقه وعايش مراحل كثيرة من تجربة هذا الدموي الذي أثار جدلا أكثر من الأمير الذي سبقه جمال زيتوني الملقب بالسفاح والذي قضت عليه قوات الأمن في صيف 1996. وإن كان قد ظل يذكره بالمديح إلا أن الاستنتاجات التي وصلت إليها من خلال بعض القصص التي رددها عبر فترات متباينة إلى أنه كان دمويا إلى أبعد الحدود ويصاب بالجنون لما يتأخر فترة في إهراق الدماء، وكان يستمتع بقتل النساء بعد اغتصابهن وفض بكارتهن، وكما أجاز قتل الشعب بحكم عموم الردة فقد أجاز الاستمتاع بالسبايا وأحل زواج المتعة أيضا. وأكثر من ذلك أنه لما تختطف امرأة ويكتشف أن أحدهم قد نال وطره منها قبله فسوف يتعرض للذبح. * الطرق التي يتخلص بها من خصومه هي القتل غيلة أثناء كمين أو مواجهة مسلحة. أو يخطط لتجريده من سلاحه بطريقة ماكرة وبعدها يأمر حاشيته بالقبض عليه وتصفيده بسلك معدني حاد، ثم يتقدم منه ويقوم بفتح صدره بسيف واستخراج قلبه وهو لا يزال حيا، وفي أحد المرات أكل قلب إحدى النساء فقد كانت جميلة جدا، ولما ظهرت عليها أعراض الحمل أمر بقتلها ثم أكل قلبها على مرأى جماعته. وإن كان المغضوب عليه في جماعة أخرى يطلب من أميرها أن يرسله له برفقة عناصر ويأمر أن ينصب لهم كمينا وتتم تصفيتهم قبل وصولهم إلى المعسكر ويذيع أن قوات الأمن قضت عليهم، أو حتى يتهم "الجيش الإسلامي للإنقاذ". * كان زوابري لا يثق في أحد حتى أقرب المقربين منه يحتاط منهم كثيرا، ويقتل لمجرد الظنون والشكوك التي لا بينة عليها، وكان "القعقاع" يبرر ذلك بالحرص الذي يتحلى به أمير الجماعة. كما كشف عن مشاركاته في الكثير من العمليات والكمائن والتي كان يراد منها إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بالنظام والشعب ولا يهم النتيجة أصلا، فزوابري كان يردد في جلسات السمر أو حلقات التحريض على العمليات الإرهابية أنه المهم أن تقابل الله بأكثر عدد ممكن من القتلى، وكلما ارتفع العدد زادت المنزلة في الجنة كما كان يعتقد. ولما سألته: (هل من المعقول أن يقبل مثل هذا الكلام الذي لا أساس له في الكتاب ولا في السنة؟) أجاب: (هو كلام صحيح وله شواهد عديدة والأكثر من كل ذلك أن للأمير حق الطاعة والنصرة). * بالنسبة لعملية القضاء عليه ببوفاريك فقد أكد "القعقاع" أنها حدثت في ديسمبر 2001 وليس في فيفري 2002 كما أعلن عنه، ويبرر تأخر الإعلان هو بسبب إجراءات التأكد من هوية الضحايا، كما جزم بأن التاريخ الذي أعلن عنه جرت عملية ضد جماعة كانت في منزل بومدين ببوفاريك وسقط فيها 3 عناصر بالفعل، ولكن زوابري قتل في التاريخ المشار إليه. * وقد أخبرنا أنه في تلك الفترة كان في مهمة بأعالي مدينة الحمدانية في ولاية المدية، وحسب ما علمه من رفاقه أن أحد الموقوفين قدم معلومات عن الأماكن التي كان يتحرك فيها، ويبدو أن الأجهزة الأمنية حرصت على زرع عناصرها في الزي المدني في كل تلك المناطق وساعدهم مواطنون كانوا ناقمين على زوابري وجماعته. وكما أخبرنا أن عنتر كان لا يتحرك كثيرا ويتخفى أحيانا في جلباب امرأة كلما اقتضت الضرورة لخروجه من مدينة بوفاريك وخاصة أنه في أواخر أيامه يتفادى الرباط في الجبال بسبب الضربات الموجعة التي يتلقاها من الجيش. * وإن تفادى "القعقاع" الحديث عن تفاصيل قصة تنفيذه لعملية قتل الأمير رشيد قوقالي المكنى "أبو تراب" الذي كان أميرا ل "الجيا" ملخصا ذلك في قوله: (صراعات داخلية بيننا وأمرت من طرف القيادة بذلك)، إلا أن رفاقه يؤكدون على أنه قام بالعملية لصالح نور الدين بوضيافي المكنى حكيم الأربي جي الذي ألقي عليه القبض في 2005 بباب الزوار وكان آخر أمراء التنظيم الدموي المثير للجدل. * أما عن مقتل رهبان تبحيرين عام 1996 فقد حدثني "القعقاع" أنه التقى بالرهبان خلال فترة اختطافهم في جبال ما بين البليدةوالمدية، وكانوا في ظروف سيئة للغاية فقد تعرضوا للتعذيب المبرح والضرب، بل أبعد من ذلك أنهم كانوا يجبرون على النطق بالشهادتين والوضوء والصلاة كرها، كما يرغمون على التغوّط على الصلبان التي كانت معهم. * كما أضاف أن جمال زيتوني ظل مصمما على قتلهم حتى ولو استجابت السلطات الفرنسية لمطالبهم، لأنه يراهم كفارا ومن دعاة الضلال في أرض الإسلام ويعملون على إفساد تدين الناس بنشر النصرانية، كما أن أمير "الجيا" لمس حرص "الطاغوت" -حسبه- على حياتهم، وأضاف لي على أن الأماكن التي تواجدوا بها لا يمكن أن تصل إليهم قوات الجيش أبدا، فقد كانوا في كهوف تحت الأرض وكل المنطقة محصنة بالألغام، وهذا الكهوف الحجرية لا تدمرها حتى القنابل النووية على حد تعبيره. * ولقد أكد مرارا وتكرارا على أن جمال زيتوني ذبح منهم ثلاثة رهائن وبيديه، وواحد ذبحه نور الدين بوضيافي وهو آخر أمراء "الجيا" الذي سبق أن أشرنا إليه، أما الآخرون فقد تداول عليهم بقية الأمراء، ولم يسمح للجند بالمشاركة في العملية التي كانت تعد تاريخية ولا ينال "الشرف" إلا الأمراء والقادة!!. ونقل "القعقاع" على لسان زوابري قوله في أحد المرات وهو يتحدث عن جمال زيتوني وقصته مع الرهبان، أنه اقترح على جمال زيتوني قتل واحد بقطع رأسه وإرساله للسفارة الفرنسية، وبعدها التهديد بقتل الآخرين وكل مرة لا تستجيب فرنسا يذبحون راهبا ويوزعون الصور إن تعذر إيصال رأسه إلى المعنيين، وأكيد بعد قتل ثلاثة -يضيف زوابري على لسان القعقاع- ستخضع فرنسا لمطالبهم وتضغط على الجزائر كثيرا، ويكون للقضية تأثير وصدى دولي أكبر من نحرهم دفعة واحدة، غير أن زيتوني -حسب زوابري- رفض ذلك، وتحجج بأنه سيخطف حتى السفير الفرنسي وأن النصر حليفهم قريبا. * وعن رد الفعل بعد توقيفه فقد ادعى "القعقاع" أنه لم يحدث أي شيء، وإن كان قد تحدث قبلها أن يوسف بلخير المكنى ابو عتبة وهو ينحدر من حي "زعرورة" من مدينة تيارت ويعرفه جيدا، الذي اقترف مجزرة الحاجز المزيف في07/04/2005 قبل أيام من القبض على "القعقاع"، وأزهق فيها أرواح 15 بريئا أغلبهم كانوا في موكب عرس، واغتصبوا النساء والفتيات ونكلوا ببعض الضحايا بعد أن قيدوهم بالسلك المعدني الحاد، وأحرقوا سيارات الموكب وضحايا بداخلها مما حولهم إلى رماد. * وقد قام "أبو عتبة" برفقة مجموعته باغتيال 03 مواطنين بمنطقة عين الرمانة من بلدية موزاية غربي البليدة انتقاما لتوقيف مصالح الأمن للقعقاع ومرافقه المدعو ياسين، وهذا الذي أكدته مصادر أمنية أيضا. * هذا البعض مما ورد على لسان شامة محمد المدعو "القعقاع" والذي يعتبر من أبرز الدمويين الذين عايشوا عنتر زوابري وقاسموه المسكن والمأكل والمشرب، والحكايات كثيرة جدا لا يمكن حصرها هنا ولكن نحتفظ بها وسوف نتناولها في متسع آخر. * ومن باب التذكير أن "القعقاع" ظل يرفض ما يروج عن "الجيا" بأنها من صنيعة المخابرات واعتبر ذلك مجرد حملة لتشويه من سماهم المجاهدين فقط، وإن كان لم ينكر هروب بعضهم وردّتهم حسب وصفه والعمل لصالح النظام مما كان سببا في القبض على بوضيافي آخر أمراء التنظيم الذي كان صديقه ويدافع عنه، على غرار دفاعه عن عنتر زوابري الذي ينزهه من العمل لصالح جهات سواء في الداخل أو الخارج، وإن كان قد اعترف بوجود علاقات كانت تربطه بجهات استخباراتية في السفارة الإيرانية خلال الفترة الأولى من إمارته، وقد حاولت منه أن يزودني بمعلومات أكثر إلا أنه رفض ذلك رفضا قاطعا. * كما أنه ظل يهاجم حزب الإنقاذ وشيوخه ومما قاله في الشيخ علي بن حاج مثلا: "وهابي على عقيدة بني أمية سقط في أوحال السياسة وهدفه هو حزبه وليس دولة الإسلام وتحكيم شرع الله". * وفي سياق اللقاءات التي جمعتني في السجن، نذكر محمد صدوقي والمكنى "عبد القادر الروجي" والذي هو من بين عناصر "الجيا" أيضا، أفرج عنه أواخر مارس 2006 في إطار العفو الذي أقره ميثاق السلم والمصالحة الوطنية برفقة رفيقه ذباح بشير وآخر. وقد كان صدوقي متهما في ما يعرف بقضية "أبو تراب" التي توبع فيها كل من سلمان جمال وعوار محمد وعزوق مقران وكركار رشيد، وقد حوكمت المجموعة في 07/11/2007وصدرت أحكام تتراوح ما بين المؤبد والإعدام. وسبق أن عرضت وزارة الاتصال على الصحفيين يوم الجمعة 09/08/2002شريطا تضمن اعترافات خطيرة للمجموعة، وقدم عزوق مقران على أنه مسؤول الدعم والإسناد في تنظيم "الجيا"، وخفايا عن تفجيرات مختلفة هزت الأربعاء "البليدة"، ومعلومات أمنية مختلفة عن التنظيم الدموي المثير للجدل ونشاطاته... * كان "الروجي" برفقة مقران وعوار وذباح بشير وآخرين ينصبون خيمة مصنوعة محليا عن طريق إخاطة إزار كبير الحجم وعدة مناشف حمام، حيث لا يستطيع أي أحد أن يطلع على سلوكهم وخفاياهم في زاويتهم، فقد خصصوا خيمتهم للطبخ والدروس الدينية وحلقات حفظ القرآن، ولا أحد يتجرأ على الدخول عليهم، بل أن باقي المساجين يتفادون الاحتكاك بهم، ولا هم يحتكون مع غيرهم أو يصلون معهم وفق ما رويناه من قبل... كان "عبد القادر الروجي" دائما مكحل العينين، يلبس سروالا أفغانيا وما يعرف بلباس نصف الساق، يداوم على حفظ القرآن وقيام الليل، لا يخالط سوى مجموعته في القاعة أو شامة محمد المدعو "القعقاع" الذي سبق أن أشرنا إليه. وإن كان صدوقي يختلف عن الآخرين من عناصر "الجيا" حيث يلتزم الصمت ولا يتحدث كثيرا ولا يحب أن يناقشه أحدا في معتقداته. * وقد أشارت الكثير من المصادر الأمنية إلى أن "الروجي" عاد للعمل المسلح عن طريق محاولة إحياء بقايا "الجيا" ولكن تم القضاء عليه. * كما نذكر أيضا الانتحاري شارف العربي وكنيته أبو عبد الرحمان عبد الناصر العاصمي الذي فجر المجلس الدستوري في11/12/2007. وهو الذي تحدثنا عنه في موضوع "نهاية القاعدة في الجزائر". والذي عايشته لفترة جعلتني أتفاجأ بخبر إقدامه على تلك العملية الانتحارية بسبب أن سلوكه ومعتقداته وأحلامه لا تصب أبدا في أقداح أولئك الغلاة الذين ظل ينتقدمهم ويسبهم في الخفاء... والقائمة طويلة فيها أسماء مختلفة ممن عايشتهم نضرب عنهم صفحا إلى حين.