يؤدي دونالد ترامب اليمين الدستورية، الجمعة، على درجات مبنى الكونغرس الأمريكي (الكابيتول) ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة خلفاً لباراك أوباما، مدشناً ولايته التي تمتد أربع سنوات والتي وعد بأن يحدث هزة في واشنطن والعالم خلالها. وبعد ليلة أمضاها في "بلير هاوس" المقر المخصص لكبار الضيوف مقابل البيت الأبيض، سيشرب ترامب وزوجته ميلانيا الشاي مع باراك وميشيل أوباما قبل أن يتوجهوا معاً إلى الكابيتول. وتفيد تقديرات أن نحو 800 ألف شخص من أنصاره المتحمسين ومعارضيه، سيتجمعون في الحدائق المقابلة. وسيحضر مراسم تنصيبه ثلاثة رؤساء سابقين هم جيمي كارتر وجورج بوش وبيل كلينتون، وكذلك منافسته التي هزمت في الانتخابات هيلاري كلينتون. وسيؤدي رجل الأعمال الثري قبيل ظهر الجمعة (17:00 ت.غ) اليمين كما فعل قبله كل الرؤساء الأمريكيين من جورج واشنطن إلى فرانكلين روزفلت أو جون كينيدي. ولأداء القسم اختار ترامب نسختين من الكتاب المقدس واحدة قدمتها له والدته في 1955 والثانية تلك العائدة إلى أبراهام لينكون منقذ الإتحاد، استخدمها أوباما قبل أربع سنوات. وبعد حملة استمرت 17 شهراً ومرحلة انتقالية استغرقت شهرين ونصف الشهر، تبدأ اعتباراً من الجمعة ممارسة السلطة لأربع سنوات من قبل الرجل الذي وعد بأن "يعيد إلى أمريكا عظمتها" ويثير أسلوبه وتصريحاته انقساماً. وتعهد دونالد ترامب (70 عاماً)، الخميس، بأن يعيد "جمع بلدنا". وجرت تظاهرات مناوئة لترامب، مساء الخميس، في نيويورك شارك فيها مشاهير مثل الممثل روبرت دي نيرو مع آلاف الأمريكيين. كما جرت تظاهرة في مانيلا أمام السفارة الأمريكية شارك فيها مئات الأشخاص. وهتف المتظاهرون الذين ينتمي معظمهم إلى اليسار "أرموا ترامب". ويتوقع أن تجري تجمعات أخرى، الجمعة، في براغ وبروكسل. في المقابل تعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بتعزيز العلاقات بين واشنطن وطوكيو، وذلك قبيل تولي ترامب مهامه. وقال آبي "حتى الآن وحالياً واعتباراً من الآن، يبقى التحالف أساس الدبلوماسية والسياسة الأمنية لليابان. إنه مبدأ ثابت". وأضاف "سأتوجه في أقرب وقت ممكن إلى الولاياتالمتحدة لتعزيز هذا التحالف مع الرئيس الجديد دونالد ترامب". شعبية تدنت إلى مستوى قياسي وفي يوم محمل بمراسم تقليدية، سيلقي الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة خطاب تنصيبه الذي سيأتي بشكل برنامج أكثر منه "رؤية"، كما يقول المحيطون به. وسيتابع المشاهدون في جميع أنحاء العالم مراسم تنصيب قطب العقارات الذي قوبل ترشحه أولاً بسخرية من قبل الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء. وأعلن فريق ترامب، أنه سيوقع مطلع الأسبوع المقبل سلسلة مراسيم تهدف إلى تفكيك حصيلة أداء سلفه الديمقراطي (المناخ والهجرة...) وفرض سياسته. وقد يوقع عدداً من هذه المراسيم اعتباراً من الجمعة. وتبدو المهمة شاقة لمقدم برنامج تلفزيون الواقع السابق ومؤلف كتاب "فن إبرام الصفقات" الذي وعد بصيغة تثير ارتياح أنصاره واستياء معارضيه، وبأنه سيكون "أكبر منشئ للوظائف خلقه الله". وكان تشكيل إدارته عملية شاقة إذ أن فوزه فاجأ الجمهوريين. ومن العمل اليومي في البيت الأبيض إلى التعامل مع الهيئات الأخرى، قد تشهد الأسابيع الأولى من حكم ترامب حالة من الفوضى. ولم يحدث منذ أربعين عاماً أن تولى رئيس أمريكي السلطة بينما شعبيته في هذا المستوى المنخفض. إلا أن إيفانكا ترامب دعت معارضي الرئيس المنتخب إلى "إعطاء فرصة" لوالدها مع اعترافها بأنها تنصحه في بعض الأحيان بالكف عن كتابة تغريدات على موقع تويتر. ورداً على سؤال لشبكة "أيه بي سي" التلفزيونية اعترفت الابنة المفضلة للرئيس التي تبلغ من العمر 35 عاماً بأن "البلاد منقسمة جداً". لكنها أضافت "رأيت طوال عمري أن والدي رجل قادر على التوحيد بشكل لا يصدق. لذلك أقول لكل معارضيه أعطوه الوقت، دعوه يبدأ مهامه، دعوه يثبت إنكم مخطئون". من جهة أخرى، تفيد دراسة لمركز بيو للأبحاث نشرت، الخميس، أن 86 في المائة من الأمريكيين يرون أن البلاد تشهد انقساماً أكبر من الماضي. وكانت هذه النسبة تبلغ 46 في المائة عند تولي أوباما الرئاسة. أوباما يتوجه إلى كاليفورنيا عبر تويتر، يواصل رجل الأعمال تصفية حساباته يومياً مع الذين وجهوا انتقادات له من جون لويس الشخصية التاريخية في حركة الدفاع عن الحقوق المدنية إلى النجمة السينمائية ميريل ستريب. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين أحد المعارضين النادرين في الحزب الجمهوري: "يبدو أنه سيحارب كل طواحين الهواء بدلًا من التركيز على مهام أهم منصب في العالم". والنتيجة هي أن المعارضة الديمقراطية تعد العدة وسيقاطع الحفل عشرات من برلمانييها. كما ستنظم تظاهرات، الجمعة والسبت. على الساحة الدولية، وجه ترامب سهامه إلى الصين وحلف شمال الأطلسي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. ويثير هذا الجانب أكبر التساؤلات.. فقادة العالم يتساءلون عن القيمة الحقيقية لتصريحاته عندما يتخذ المسؤولون الذين عينهم - على رأس وزارتي الخارجية والدفاع مثلاً - مواقف مخالفة كما يبدو لموقفه من روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين أو الاتفاق النووي الإيراني. وبعد مراسم التنصيب تماماً سيتوجه باراك أوباما إلى كاليفورنيا مباشرة في أول إجازة عائلية له. وقد وجه الرئيس المنتهية ولايته تحذيراً إلى الرئيس المنتخب، الأربعاء. وكرر أوباما البالغ من العمر 55 عاماً إنه لا ينوي التدخل في اللعبة السياسية العادية وإن كان لن يلزم الصمت عند تجاوز بعض الخطوط الحمر.