تعيش حاضرة "العلمة" (294 كلم شرقي الجزائر العاصمة) أواخر الشهر الجاري منافسة ركحية بتوابل عربية تشهد حضورا لافتا لسبع أيقونات يسعى فيها "ضيف السيناتور" لمساجلة "الماريشال" و"سوصول" باستخدام "ريش النعام" ب "هدوء" في "ثورة الموتى". في بادرة متجددة لتعاونية "ميلاف" الثقافية للمسرح وفنون العرض بالتنسيق مع مسرح "العلمة" الجهوي رفقة المجلس الشعبي لبلدية "العلمة"، ستكون الفترة بين 26 و31 مارس الحالي، عنوانا لمسابقة ركحية خاصة برسم الأيام الوطنية الثانية للمسرح التجريبي وبالتزامن مع غرّة اليوم العالمي للمسرح. وفي موعد هندسه الناشط المرح "منير بومرداس" رئيس "ميلاف"، ستعرف التظاهرة تنافس العروض التالية: "هدوووء" (تمنراست)، "كلنا لها" (مصر)، "ريش النعام" و"ثورة الموتى" (تونس)، "أنا والماريشال" (وهران)، "ضيف السيناتور" (الشلف) و"سوصول" (العلمة)، على أن تتولى لجنة تحكيم مؤلفة من نقاد وفنانين مخضرمين تقييم الأعمال. وبجانب ندوات مسرحية ينشطها الأكاديميون: "كلثوم بلعباسي"، "لمياء معمري" و"بوزيد مومني"، سيكون التكوين حاضرا بقوة كالعادة عبر ورشات السينوغرافيا (سالم نفطي)، الكتابة الدرامية (إسماعيل سوفيط)، الإخراج (هشام شكيب)، الكوميديا دي لارتي (الربيع قشي)، والإضاءة (بوعلام بن قطاش)، في دورة سيتم استهلالها بعرض شرفي لمسرح العلمة الجهوي والموسوم "الثلث الخالي"، إلى جانب فيلم حول أعلام المسرح الجزائري. وسبق ل "العلمة" أن احتضنت ومضة تجريبية أولى بين 27 و31 مارس 2016، وشهد ذاك الموعد حزمة اشتغالات علمية حول تجاوز المتداول عبر الخروج عن السائد والمعروف، من خلال تشريح موضوعاتية المسرح التجريبي في الجزائر بين ثالوث الواقع، الآفاق والرهانات.
استبعاد المعلّب يتطلع المشتغلون في حقل التجريب المسرحي بالجزائر، إلى التمرد على السائد والمتوارث وتجاوز كل ما هو معلّب ومألوف، في سبيل منح ديناميكية جديدة لأب الفنون، خصوصا وأنّ المسرح في حد ذاته "محض تجريب". وتؤشر الدورة الثانية للمسرح التجريبي، على مناسبة متجددة لتعميق النقاش حول راهن التجريب في البلاد، ودفع الممارسين من أجل تفعيل أكبر لوسائط الجسد والفضاء والسينوغرافيا وسائر المتعلقات والأدوات. ويدرج الباحث المسرحي المخضرم "الشريف الأدرع" وازع التجريب ضمن الرغبة المتأصلة لترسيخ الجماليات وتعميق قيمة الابتكار في مسرح جزائري ظلّ على الدوام منفتحا على التجارب المسرحية العالمية، ويدفع الناقد "أبو بكر سكيني" بالقول أنّ صفة التجريب في المسرح الجزائري كانت نقطة تحوّل أساسية في إرساء معالم المنظومة المسرحية المحلية، ويلفت أ/سكيني إلى أنّ هذه السمة لم تستغل بعد، لذا ينبغي مراجعة المسار بما يكفل قطع المسرح المحلي لأشواط عملاقة تقلّص الهوة العميقة بينه وبين المسرح العالمي. بدوره، يؤكد "كمال جايب" مدير الدراسات بالمعهد العالي لفنون العرض، على حتمية توليد تجربة المسرح التجريبي لنواميس تمكّن من مواكبة التغيرات التي عرفها العالم، في حين يبرز السينوغرافي "عبد الغني شنتوف" تجارب تجريبية رائدة في الجزائر، على منوال ما أنجزه "حسن سيد أحمد قارة" في مسرحية "نزول عشتار إلى الجحيم" وهي تراجيديا تجريبية جسدت تصورا متجردا عاد إلى زمن الإلهة. من جانبه، يرى الأستاذ "عمار عزيز" أنّ بلورة المسرح التجريبي في الجزائر تندرج ضمن تجسيد إستراتيجية ثقافية تواكب مختلف التحولات الطموحة التي تعيشها البلاد، كما تسعى لخلق ديناميكية إبداعية متوازنة، متصورا أنّ التجريب المسرحي يسهم في تفادي القطيعة مع الجماهير المتعطشة دوما لمثل هذه العروض، وتعويدها على عموم طقوس هذا الفن الحي وإعلاء قيمة التجريب التي تعدّ كينونة الفن الرابع. ويضيف الأستاذ "أحمد خوسة" بأنّ أعمالا مسرحية كثيرة في الجزائر حاليا، تفتقد إلى روح التجريب، ومع ذلك يحث على الإمعان في تطبيقات المسرح التجريبي، لكون الأخير يسمح بتوظيف أشكال فنية مبتكرة. شعار الأيام الوطنية الثانية للمسرح التجريبي