تعيش الجزائر من 08 إلى 12 ماي الجاري أياما مهربة من زمن الشعر الجميل، حيث ستصدح على مدار أربعة أيام حناجر الشعراء العرب، الذين سيرافعون بكلماتهم وقوافيهم لأجل ثقافة المقاومة، وهو الشعار الذي استلهمه القائمون على العكاظية هذا العام من الذكرى الخامسة والستين لمجازر الثامن من ماي 1945، التي أباد فيها الاستعمار الفرنسي إنسانيته وقوانينه مثلما أباد 45000 جزائري سقطوا شهداء في ساحة الشرف. امتلأت قاعة الموقار عن آخرها وهي تحتضن مساء أول أمس حفل افتتاح عكاظية الجزائر للشعر العربي في طبعتها الرابعة، والتي ينظمها الديوان الوطني للثقافة والإعلام وتشرف عليها وزيرة الثقافة. الحفل ازدان بنخبة من الإعلاميين والشعراء والمثقفين ورجال السياسة والفكر، يتقدمهم عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، ووزيرة الثقافة خليدة تومي ووزير الشؤون الدينية أبو عبد الله غلام الله. وقالت وزيرة الثقافة في كلمة الافتتاح الرسمي للعكاظية إن الجزائرسعيدة باستقبال فرسان الحرف الذين سيعبرون عن مفهوم المقاومة بالإبداع على أرض يشهد لها العالم بأسره بامتلاكها تاريخيا واحدة من أكبر المقاومات التي عرفتها الإنسانية، وهي ثورة أول نوفمبر الخالدة. كما عرجت في كلمتها على علاقة الشعر العربي بملاحم المقاومة ودوره في فضح الظلم عبر مراحل التاريخ العربي. وبالمناسبة رفعت الطبعة الرابعة للعكاظية إلى روح الشاعر الراحل عمر البرناوي صاحب النشيد الخالد "من أجلك عشنا ياوطني" والذي كان واحدا من أبرز شعراء المقاومة في الجزائر، وقد كرمت عائلته اعترافا لدوره البالغ في التأسيس لمدرسة شعر الثورة إلى جانب نجوم الشعر الوطني الجزائري، كما تم عرض شريط مصور اختصر أهم محطات حياة البرناوي الثقافية والنضالية. وفتح المجال بعد ذلك للقراءات الشعرية، حيث اعتلى صهوة المنصة الشاعر الجزائري عبد الله حمادي والشاعر المغربي محمد علي الرباوي والموريتاني سيدي محمد ولد بمبا والفلسطيني أحمد أبو سليم والبحريني علوي الهاشمي والقطري عبد الحميد هاشم السيد عبد الله اليوسف، ومن سلطنة عمان الشاعرة سعدية بن خاطر الفارسي والسوري مردوك الشامي والإعلامية والشاعرة السودانية روضة الحاج والإماراتي حسن علي النجار والعراقي عبد الرزاق عبد الواحد، وكلهم قرأوا للجزائر وقرأوا للمقاومة بالإبداع الشعري. وتخلل القراءات الشعرية عرض كوريغرافي لفرقة الفنون الشعبية التابعة للديوان الوطني للثقافة والإعلام تحت عنوان "المقاومة"، ليختتم الحفل على وقع وصلة موسيقية مع فرقة الديوان. وتتواصل فعاليات العكاظية بتنظيم ندوات وقراءات شعرية تدور جميعها في فلك المقاومة وعلاقتها بالشعر، تتوزع بين قاعتي الأطلس والموڤار وبعض الإقامات الجامعية بالعاصمة. مباشر من العكاظية بمجرد صعود الشاعرة السودانية روضة الحاج إلى المنصة تعالت الهتافات والتصفيقات التي لم تتوقف لدقائق خاصة عندما قرأت قصيدا خاصا للجزائر، وهي إشارة محبة من الشعب الجزائري إلى شقيقه السوداني، كيف لا وهو الذي احتضن الجزائريين في أم درمان وكان 'وجه سعد" على فريقنا الوطني. فمن قال إن كرة القدم ليس لها علاقة بالثقافة؟ رغم الخلل التقني الذي حدث في أجهزة الصوت عند عرض الشريط المصور حول الراحل عمر البرناوي، إلا أن المنشطين سمير مفتاح وسعيد حمودي استطاعا تغطية الخلل. شوهد عبد العزيز بلخادم وهو يصفق لفرقة الفنون الشعبية، بعد تقديمها عرضا مميزا على وقع موسيقى تعبيرية راقية، ومنهم من علق أن "الحاج بلخادم" لديه ذوق فني راق. خصت وزيرة الثقافة الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد بتحية خاصة، بعد تقديمه قصيدا رائعا حول الظروف التي يعيشها الشعب العراقي الشقيق. تساءل الإعلاميون عن سر غياب الشاعر وكاتب الدولة المكلف بالاتصال عز الدين ميهوبي لأول مرة في تاريخ العكاظية، وهو ما فسره البعض على أنه بسبب توتر للعلاقات بينه وبين خليدة، فهل هذا صحيح؟