دافع رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، عن خيار حزبه لدخول معترك الانتخابات التشريعية المقبلة، ووصف قرار المشاركة ب"المقاومة السياسية" التي تقتضي قيام الحركة بممارسة المعارضة من داخل البرلمان. ولدى استضافته في حصة "بورصة الإنتخابات" التي تبثها القناة الخاصة "الجزائرية"، صنف مقري حركة مجتمع السلم كثالث الأحزاب الوطنية الكبرى التي استطاعت الدخول في كامل الدوائر الإنتخابية داخل الوطن وخارجه بعد جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي. وأوضح أن "حمس جاهزة لدخول الانتخابات التشريعية لأن لديها خبرة كبيرة جدا في العمل الإنتخابي والقدرة على التعامل مع الانتخابات مهما كانت الأوضاع والتواجد في كامل ولايات الوطن للدفاع عن برنامجها وأفكارها"، واصفا الحركة ب"معشوقة الجماهير كونها تشكل الرهان وبأن النظام يرغب في أن ترافقه حمس".
"تضررنا من التزوير وسنقاوم داخل البرلمان" وقال إن "المشاركة في الانتخابات سلوك طبيعي ومعتاد في حمس، فنحن تضررنا من التزوير في رئاسيات 95 ورغم ذلك شاركنا في تشريعيات 97 وخرجنا للشارع للتنديد بالتزوير وشاركنا أيضا في تشريعيات 2012". وأسمى رئيس الحركة المشاركة في الانتخابات ب"المقاومة السياسية"، وقال "نحن نشارك حتى لا نضع المجتمع الجزائري في حالة القطيعة والخوف والرعب لنبقي الأمل موجودا لأنه لا يوجد حل آخر في المرحلة الحالية". ونفى المتحدث وجود اتفاق ضمن ما يعرف ب"وثيقة مازفران" التي جمعت أحزاب المعارضة، وقال في هذا الخصوص "لم نتنصل من أي اتفاق مع المعارضة لأن وثيقة مازفران لم تتحدث إطلاقا عن المشاركة في الإنتخابات وهناك من سبقنا في إعلان دخوله الإنتخابات". وبالحديث عن الإنشقاقات التي عرفتها الحركة، أشار عبد الرزاق مقري، إلى أن حمس لم تتضرر من هذه الحالات التي وصفها ب"الطبيعية" التي تعرفها الساحة السياسية منذ القديم، مؤكدا أن العبرة بحال الحزب في اللحظة الراهنة. وأضاف أن العديد من الأحزاب عرفت انشقاقات كجبهة التحرير الوطني والأفافاس والعديد من الأحزاب الإسلامية الأخرى التي تمزقت وتشرذمت وخرجت من رحمها العديد من الأحزاب.
التحالف الأخضر إيجابي برلمانيا وسلبي انتخابيا وفيما يتعلق بعدم انخراط حركة مجتمع السلم في تحالف يجمع شركائها في التكتل الأخضر، قال مقري "نحن لم ندع إلى هذا التحالف أو التكتل تماما إلا بعد أن أعلن عن نفسه وقام بكل الترتيبات وفي وقت متأخر جدا كان هناك لقاء وقد تبين أن الوقت قد فات للتفكير في الأمر"، مضيفا "نحن من يقصد ولسنا نحن من يتوجه لغيرنا". وأعلن تفكيك التكتل الأخضر نهائيا، بعد أن كان تقييمه إيجابيا على المستوى البرلماني لكن على مستوى نتائج الإنتخابات والتجربة المحلية فكان فيه الكثير من السلبيات، يضيف مقري. وأوضح بقوله "تجربة تكتل الجزائر الخضراء في المرحلة الماضية قومناه وقيمناه بشكل موضوعي في مجلس الشورى الوطني، الذي قرر بالأغلبية بأننا سنكون مع التحالف الأخضر لكن تدبيره وترتيبه سيكون محليا". وأشار إلى أن "تأسيس التكتل الأخضر تم الترتيب له من أعلى وتم إسقاطه على كثير من الولايات دون رغبتها فوقع الكثير من التململ في عدد كبير من الولايات، بينما هذه المرة أردنا الحفاظ على التكتل بشرط أن يتم النقاش حوله محليا وفق المعطيات الواقعية الميدانية لكن للأسف إخواننا في التكتل رفضوا هذه القاعدة بأن يناقش التكتل على المستوى المحلي وأن تركب القوائم على المستوى المحلي وفق الواقع المحلي".
تطبيق المادة 88 من الدستور مستحيل وبخصوص النقاش الدائر حول شغور منصب رئيس الجمهورية ودعوات لتفعيل المادة 88 من الدستور، أكد رئيس حركة مجتمع السلم، أن "المادة 88 من الدستور لا يمكن تطبيقها على الإطلاق لأن لها أبعاد شخصية ومضيعة للوقت وصراع عدمي". وأشار أنه ليس في برنامج الحركة، مطالبة المجلس الدستوري بالتحقيق في شغور منصب الرئيس طبقا للمادة 88، مبررا ذلك بقوله "لا نريد الانتقام ولا يهمنا الصراع ولا الإهانة ولا إيلام بعضنا البعض". وفي نفس السياق، أكد مقري أنه ناقش مع أعضاء تنسيقية الإنتقال الديمقراطي، تنظيم رئاسيات مسبقة بأسلوب حضاري وأخلاقي، نافيا وجود مطلب تفعيل المادة 88 في وثيقة مازفران. غير أنه قال إن "الرئيس مريض، لكن هناك صراع نفوذ على مستوى دوائر السلطة.. هناك رئيس وهناك قصور في إدارته للبلد وأخطاء في تسييره للبلد ونحن كحزب معارض نعترض على حالة القصور وحالات الفساد والفشل..". وحرص مقري على تمرير رسائل مشفرة لخصومه داخل الحركة وخارجها بعبارات حادة وقال "أنا لست حركيا ولا ابن حركي ولن نعكر الأجواء في الجزائر.. حمس شركة قادرة اللي تكون معاه يكون قوي.. نحن أقوياء ولسنا متهورين..".
مناصرة كان تحت ضغط شديد وفيما يتعلق بعملية تحضير قوائم الترشيحات في الولايات، اعترف مقري بوجود سخط لدى المناضلين في 5 ولايات بسبب إبعاد أسماء من الترشح في قوائم الحركة، مضيفا أنه لأول مرة تم إنهاء الترشيحات في وقت مبكر جدا وأن الخلل وقع لدى عملية التركيب مع مناضلي جبهة التغيير. وأشار إلى أن حجم السخط النضالي كان أكبر في تشريعيات 2012، حيث شهدت 50 بالمائة من الولايات حالة غضب ووقع انهيار تنظيمي كلي في 10 ولايات، بينما في 2017 فحالة الغضب مست 5 ولايات فقط منها العاصمة. ونفى عبد الرزاق مقري ممارسته ضغط على رئيس جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، للترشح على رأس قائمة العاصمة، مؤكدا أن مجلس الشورى الوطني هو المخول للفصل في الترشيحات. وأوضح "نحن اقترحنا جعفر شلي لرأس قائمة العاصمة لكنه لم يفز بالانتخابات فعرضنا مناصرة الذي تم انتخابه، وأنا لم أمارس أي ضغط لفرض مناصرة وطبيعي أن يشعر بالضغط وأشكره على تقبل المنصب لأنه سيكون وجهنا في العاصمة ونجحنا بترشيحه وأثمن موقفه عاليا".
"الأرندي ثمرة تزوير الإنتخابات" ووصف مقري تصريح قيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، بأن دخول حمس للانتخابات التشريعية كان ثمرة للإصلاحات السياسية التي أطلقتها السلطة، ب"المؤلم" وبأن حركة حمس تم تأسيسها قبل الأرندي بعدة سنوات. وذهب رئيس حمس بعيدا حين قال إن "الأرندي يعد ثمرة التزوير ونحن نعاني بسببهم". وقال إن "الانتخابات في الجزائر مشوهة بالتزوير ونعرف من هو المستفيد من التزوير ومن هي الأحزاب المتضررة منه". وطمأن خصومه في الأرندي بقوله "يمكن أن نقول عفا الله عما سلف لكن طوينا الصفحة ولم نمزقها". وردا على تصريح رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، الذي اتهم حمس بالإحتيال على هيئة التشاور والمتابعة بدخولها الإنتخابات التشريعية، قال مقري "كلامه (سفيان) يخالف العلم، وليس جيلالي سفيان من يقول لي أنت في المعارضة أو في السلطة"، نافيا أن يكون قد وعد لسفيان بأنه لن يدخل الانتخابات. وبرر ذلك بقوله "مقاطعة الانتخابات لا معنى لها إلا إذا قاطع الجميع وإذا نجحنا في الانتخابات واستطعنا الاتفاق مع الجميع على الانتقال الاقتصادي والسياسي سنتحمل مسؤليتنا"، مشيرا إلى أن المؤتمر الخامس هو من حدد إمكانية تواجد حمس في الحكومة تبعا للنتائج التي ستحققها الحركة في الإنتخابات التشريعية المقبلة.